من دمشق إلى العالم
بدأ العد العكسي للدورة الحادية والستين لمعرض دمشق الدولي الذي يتخذ أبعاداً تعدت الاقتصادية إلى السياحية والثقافية.
لأول مرة منذ انطلاقة المعرض حجزت 1500 شركة مساحة 100 ألف متر مربع، باحثة عن فرص دسمة للاستثمار من على منصة معرض دمشق الدولي، الذي لم يكن من العبثية مشاركة كبيرة لدول وشركات ورجال أعمال باتوا يدركون أكثر من أي وقت مضى ما تتمتع به سورية من مقومات طبيعية لها علاقة بالموقع الاستراتيجي، ومقدراتها من الثروات الباطنية، إلى جانب غناها بالكادر البشري الذي سرعان ما تم استقطابه عالمياً خلال سنوات الأزمة لاستثماره في ثنايا اقتصادها.
وحرصت سورية كل الحرص على نسج علاقات اقتصادية مع دول تتلاقى معها بالمصالح المشتركة بالتوازي مع حفظ السيادة، وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى مسألة غاية في الأهمية تتمثل بأنه ما كان لمعرض دمشق الدولي أن يستمر خلال العقود الماضية، ومعاودة تنظيمه بعد توقف لأسباب استثنائية قاهرة معروفة للقاصي والداني، لو لم يكن لدى الاقتصاد السوري مقومات استثمارية وتجارية جاذبة في حقيقة الأمر، فالمعرض بالنتيجة هو مؤشر يعكس حالة النشاط الاقتصادي ككل ويروج لها.
ومن جهة أخرى.. أضحى معرض دمشق الدولي فسحة لتلاقي السوريين عبر عقود من الزمن، وفرصة للاطلاع على منتجات العالم وما تعكسه من ثقافة منتجيها، قبل أن يكون نافذة للتسوق الشعبي وما يعد به من أسعار منافسة، ولعل هذا النقطة على غاية من الأهمية كونها تصب باتجاه تغذية الروح الإنسانية المتعطشة دائماً إلى المعرفة والاطلاع، وبالتالي صقلها بما يتواءم مع التطلعات السامية التي تصبو إليها البشرية جمعاء.
من دمشق إلى العالم شعار اختزل ما صدرته أقدم عاصمة في التاريخ إلى أنحاء المعمورة عبر قرون من الزمن.. ولا نقصد بالتصدير هنا ذلك المفهوم المقتصر على السلع والمواد المنتجة ضمن السياق الاقتصادي البحت، بل الأبعد من ذلك ليشمل الفكر الحضاري ورواده من علماء وكوادر ذاع صيتهم بأرجاء العالم.
وتبقى الإشارة إلى أن ما يرشح عن التحضيرات الجارية للنسخة الواحدة والستين لمعرض دمشق الدولي تندرج ضمن سياق المؤشرات المرجحة لنجاح استثنائي منتظر لهذا الحدث الاقتصادي ذي الأبعاد الدولية.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com