المنطقة الآمنة بين حسابي الحقل والبيدر
د. صابر فلحوط
تتزاحم التحليلات والحوارات عبر الصحافة، ومختلف وسائل التواصل الاجتماعي بخصوص “المنطقة الآمنة” والتي يراد منها حسب المفهوم الأردوغاني، أن تشكّل قوس حماية أو مصدات عواصف و”ردع” لحماية الحدود التركية من جهتي الجنوب الغربي والجنوب الشرقي، وليس خطوة مسؤولة على طريق تحرير سورية من الإرهاب على اختلاف أصنافه وأجناسه ومكوناته !!.
كما تستهدف عبر الواقع والوقائع الأمريكية التركية خلق كيان مصطنع لمجموعة من الخارجين عن الوطن السوري، والذين رهنوا مستقبلهم السياسي والوطني لأمريكا، وبالتالي للصهيونية العالمية.
ولعل “السيد” الأمريكي أجزل لهؤلاء في الوعود، ونجح حتى الآن في تخصيب حقول الأحلام، فيما يتم تداوله مثل: (حكم ذاتي، أو إدارة ذاتية، أو جيب متصل ومنفصل في آن، أو دويلة حلم قد تصبح حقيقة في عالم الافتراض بعد قرون)!!.
إن حوارات المخادعة والمراوغة بين أردوغان وترامب من جهة، وبين هؤلاء من جهة أخرى، كما أحلام الاستقرار على شبر من الأرض العربية السورية شرق الفرات أو غربه، لا بد أن تكون معجزة مستحيلة التحقيق عبر جميع المفاهيم والوقائع التاريخية والموضوعية.
1- وسيكون هناك كلام آخر بعد استعادة إدلب التي أصبحت على مسافة رفة هدب، أو خفقة قلب..
2- إن وقائع التاريخ تشكّل مشاعل نور لمن تسرطن أفكاره وثقافته بالفيروس الصهيوأمريكي.. فليس هناك من حام للحدود التركية من الجنوب إلّا التوافق مع سورية، لأنها وحدها القادرة والصادقة في حماية الجار، واحترام الشرعية الدولية عندما تكون اليد الممدودة لها نظيفة من الدنس الصهيوني والفيروس الأمريكي والأخونجية الإرهابية.
3- إن سورية التي صمدت أمام عشرات الدول وخلال الحرب الكونية عليها طوال سنوات تسع، واقتربت بشهادة أعدائها من ذروة النصر الناجز، لا يمكن أن تتخلى عن رحلة من بواديها، أو قطرة من مائها، أو نفطها الذي يعبث به الإرهابيون على اختلاف هوياتهم ولبوساتهم، وإن كان أخطرهم في محيط الفرات هم الذين باعوا أنفسهم للصهيونية والاستكبار العالمي.
4- إن سورية شهدت منذ مئة عام، وفي عصر الاستعمار الأخطر الفرنسي البريطاني، تقسيمها إلى أربع دويلات، غير أن إرادة الشعب كانت الأقوى والأقدر على اجتراع معجزة النضال وتفجير الثورات التي عمت الساحل والسهل والجبل والبوادي، وكنست الاستعمار، وكانت قائد ركب التحرر من الاستعمار، ليس في الوطن العربي فحسب، بل في العالم الثالث كله.
5- إن باب التوبة الوطنية مفتوح لمن ثاب إلى رشده، وتطهّر من لوثة الدولار النفطي المسموم، والإغواء الأمريكي الملغوم.
فهناك تعبير قديم للمتصوفة: (من لا يدرك إشارتنا يستحيل أن يستوعب عبارتنا).. أما المنطقة الآمنة، بحماية الدبابات الأمريكية والحشود التركية والمرتزقة والمجرمين من إرهابيي العالم، فمصيرها في أحسن الأحوال سفر هزيل في تاريخ المهزومين إذا كان للمهزومين تاريخ!! وإن ميعادنا الصبح.. أليس الصبح بقريب؟؟.