تقديرات.. يجب “التحوط”منها..!؟
لا ندري حقيقة إن كان اقتصادنا الوطني مرتبطاً بالاقتصاد العالمي، وإلى أية درجة يؤثر ويتأثر بما يحدث على هذا الصعيد، علماً أنه كان هناك -قبل الأزمة- من يقول: إنه لا تأثير يذكر على اقتصادنا، نتيجة لعدم ارتباطه المباشر بالاقتصاد العالمي، نظراً لأن هناك شبه استقلالية أو تحصيناً لاقتصادنا، ما يُمكِّنه من النأي عما يحدث عالمياً!
لا ندري، لأننا نادراً جداً ما نسمع أحداً من المسؤولين الحكوميين يتناول هذا الموضوع، حتى لو تناوله أحد من الخبراء والمختصين عندنا، فيكون التناول بسيطاً هامشياً لا عمق فيه ولا تعمق؟!
تناولنا لهذا الموضوع يرجع لارتفاع وتيرة التوقعات غير المتفائلة الكثيرة مؤخراً، بأداء الاقتصاد العالمي خلال العام المقبل، إذ يذهب البعض لتقديرات تقول باقترابه من دخول مرحلة ركود خلال النصف الثاني من 2020، بينما يحذر بعضهم الآخر من احتمال تحول ذلك الركود إلى كساد طويل الأجل…
التوقعات تلك –وفقاً لخبراء الاقتصاد- استندت إلى تفاقم حالة الحرب التجارية بين أكبر قطبين اقتصاديين، وهما الولايات المتحدة والصين، وتركت وستترك آثاراً قوية في مختلف اقتصاديات وأسواق العالم، عدا عما تعانيه أسواق الدين العالمية من تذبذبات حادة انعكست على انقلاب معدلات الفائدة قصيرة الأجل مقارنة بطويلة الأجل، إضافة إلى الإشارات العكسية التي حملتها السندات الحكومية لعديد من الدول بوصولها إلى مستويات سلبية (14 تريليون دولار).
وعليه بغض النظر إن كان أحد سيخرج بفائدة تذكر من الجدال الدائر الآن بين الفرقاء المختلفين حول: هل ستحدث تلك التوقعات أم لا؟، إلاَّ أن الإجابة عن السؤال الأهم هو: هل اقتصادنا الوطني متأهب لأي من تلك التوقعات والاحتمالات المنتظرة للاقتصاد العالمي؟!
سؤال ينطلق مما يشكله ويمثله اقتصادنا “دولياً”، استناداً لوضعنا الاقتصادي الحالي، وعلاقته التجارية مع أهم وأكبر الاقتصاديات حول العالم، وهي الصين، إضافة لاقتصاديات أخرى، ولواقع مستورداتنا وصاداتنا منها وإليها.
لا شك أن هناك حجم ارتباط ما –صغر أو كبر- بين اقتصادنا الوطني بما يجري خارجه، وهو الأمر الذي يهم معرفته من قبل من يرى عدم تأثرنا بما يجري خارج الحدود، رغم انخفاض أهمية إقناعه من عدمه، إلا أنه قد يتحول إلى عامل جوهري في ضرورة الاستعداد اللازم، واتخاذ التدابير والإجراءات الواجب اتخاذها لمواجهة ما قد ينتج من آثار لتلك الأزمة العالمية المحتملة، في ظل عالم أضحى اليوم شديد الترابط.
آلام عديدة مرَّ ويمرُّ بها اقتصادنا الوطني، نتيجة لعدم وصول “الإصلاحات” لأهدافها المأمولة، الأمر الذي يُوجب على إدارته العمل لتحقيق الحدود الدنيا من استدامة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وهنا يجب أن نتنبه إلى أن احتياجات وتطلعات الاقتصاد والمجتمع الراهنة والمستقبلية، أصبحت تفوق كثيراً ما توفره سلعنا ومنتجاتنا الخام وشبه الخام، من دخل للاقتصاد، خاصة وأننا لم نتجاوز بعد عديداً من التحديات التنموية التي نواجهها اليوم، ومنها تدني تنوع قاعدة الإنتاج المحلية، إضافة إلى أوجه الضعف التي يعانيها القطاع الخاص، وغيرها من التحديات التنموية الأخرى المعلومة.
كما أن الأوضاع العتيقة السابقة للاقتصاد، طوال عقود مضت، ورغم أنها أنتجت إيجابيات عديدة تنموياً واقتصادياً واجتماعياً، إلا أنها أيضاً أفرزت تشوهات بالغة الخطورة، وأظهرت مؤشرات الاقتصاد الماضية، تضاؤل الإيجابيات مقابل تصاعد التشوهات عقداً بعد عقد، الأمر الذي يقتضى بدوره ضرورة إجراء تغييرات وإصلاحات جذرية هيكلية للاقتصاد، تستهدف وضعه على طريق آخر، فيه من مستويات ومتطلبات الأمان والاستقرار، ما نتحوط به من”لائذات” التحولات في الاقتصاد العالمي…
بصريح العبارة، لسنا في منطقة قصية من العالم، لنكون بمنأى عن آثار ما يتم التحذير منه في شرق الأرض وغربها.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com