“أكلناها”.. بالدولار!
قرابة ال 3 مليون مشاهدة خلال مدة قصيرة، للحلقة التي استضاف فيها الممثل باسم ياخور، في البرنامج الذي يقدمه على شاشة قناة “لنا” “أكلناها”، الفنان “أيمن رضا”، هذا على اليوتيوب فقط، على الفيس وغيره من منصات التواصل الاجتماعي، حصدت أيضا مشاهدات كثيرة، فالممثل “رضا” من نجوم الدراما المحلية، ولديه شعبية واسعة لدى الجمهور بمختلف شرائحه ومنها الأطفال، سواء في البلاد أو خارجها، جمهور يحب أداءه وقدرته على تقديم أي دور كوميدي بحرفية عالية، وكما هو متوقع خرجت حلقة فيها ما فيها من مفردات برامج “التوك شو” الكوميدي غالبا، رقص، غناء، صراخ، عض أيدي، عدا عن الفكرة الرئيسية التي يقوم عليها البرنامج وهي تخّير الضيف بين الإجابة على سؤال محرج، وفي حال عدم الجواب، يجب على الضيف أو المضيف، تناول ما يوجد في صحن “اليانصيب”، من أنواع طعام عجيبة غريبة وهكذا.
في الكساد الاقتصادي الكبير الذي ضرب الولايات المتحدة الأمريكية في ثلاثينيات القرن الماضي، الذي رزحت بسببه البلاد تحت ضغط اقتصادي هائل، كاد أن يفتتها حرفيا، والحال المزرية التي وصلت إليها معظم الشرائح الاجتماعية الأمريكية، التي انهارت أعمالها تماما، كانت هي الأسوأ في تاريخها كما وصفها الكُتاب والمؤرخون، حيث ارتفعت معدلات الجريمة بأنواعها بسبب الجوع أولا، فعملة البلاد انهارت قيمتها، ولم يعد مع الغالبية العظمى من الناس ما يشترون به طعامهم ولو ليوم واحد، وعانى الناس معاناة هي الأشد عليهم حتى تاريخ الحدث الذي وقع، وكان العمل قائما على قدم وساق في مختلف الولايات للحفاظ على قيمة العملة المتداولة “الدولار” ورفعها، ولم يكن اعتمادها في ذلك قائما فقط على ما تقوم الحكومة بفعله لتجاوز المحنة، بل إن مختلف الشرائح الاجتماعية ساهمت بذلك، وكان من بينهم فئة الفنانين عموما، وسيكون للفن وأهله من الأمريكان، دورهم في رفع كتف كما يقال عن البلد، فلم يقبل مثلا أي ممثل أو ممثلة أمريكية عروضا للعمل في الخارج والداخل بغير الدولار، ضاربين بذلك مثلا قويا عن انتمائهم لتلك البلاد، التي أقامها اللصوص بعد أن جاؤوا إليها من كل فج عميق، وهذا الأمر سيكون له انعكاسه على المجتمع الأمريكي، فالفنان قدوة عموما، وتصرفاته سواء في العمل أو في الحياة، هي محط أنظار الجمهور الذي يحاكيه تلقائيا، فالفنان مثال والمفردة حسب المعجم الجامع تعني: قدوة تحتذى.
ولكن ما علاقة الكساد الاقتصادي الكبير بكل من الفنانين “أيمن رضا” و”باسم ياخور”؟
أحد الأسئلة الذي كان على الفنان رضا الجواب عنه، هو ثروته، قيمتها، وأجاب الرجل بأريحية على السؤال، لكن القطبة المخفية التي جرت على لسانيّ كل من ياخور ورضا، هي تقديرهم لثرواتهم بالدولار! لقد نسي الشباب أن عملة بلادهم الليرة السورية، ولم تخطر لهم في خاطر، وكأنها من متحف التاريخ، العملة التي حمل مشقة هبوط قيمتها الناس البسطاء، لم يعد (نجومهم) يذكرونها!.
لم يطالب أحد بمعرفة تلك الثروات، ولكن ما فات كل من الفنانين الكبيرين، أنهما على قناة سورية، والجمهور الذي يتابعهم بالملايين، سواء من السوريين أو من غيرهم، معظمهم من (البسطاء) الذين يحبهم “رضا” حسب ما جاء على لسان مقدم البرنامج عند تقديمه له بداية الحلقة، هذا الجمهور لا يعرف عن الدولار في سنوات الحرب التي تقلب على جمرها إلا أنه وحش بلا رحمة، اشتغل طويلا على افتراسهم وأولادهم، وذلك في سعي حثيث لتوجيه ضربة قاصمة للاقتصاد الوطني من خلال ضرب عملة البلاد، فما الذي يجمع بينكم وبين هذا الجمهور البسيط؟ ألستم حملة رسالة –باعتبار أنكم لا تنفكون عن وصف ما تقدمونه بكونه رسالة-أم هو شعار كغيره من الشعارات؟
تمّام علي بركات