في المدارس الخاصة.. مزاجية في التسجيل وأقساط جنونية الحساب الذهني خارج حسابات التربية ومخالف للمناهج ويشتت الطفل !!
لم يشفع تفوق المدارس الحكومية في نتائج الشهادتين؛ التعليم الأساسي والثانوي عند عدد كبير من الأهالي، وذلك بإصرارهم على تسجيل أبنائهم في المدارس والمعاهد الخاصة رغم استغلال تلك المدارس الخاصة للظروف ورفع الأقساط بشكل فوضي ومزاجي متسترة بقوانين حددت الرسوم، لكنها فتحت الباب لبند الخدمات، وكل مدرسة حسب ما تقدم تقدم خدمات مختلفة عن الأخرى، ولم تكتفِ عند هذا الحد، بل وصل إلى حد المزاجية في عملية قبول تسجيل الطالب والانتقاء المزاجي وفق درجات عالية جداً رغم مخالفة التعليمات الوزارية التي لا يوجد فيها بند يجيز لهذه المدارس تسجيل الطلاب وفق درجات محددة تضعها إدارات المدارس الخاصة.
ويوضح خبراء تربويون أن الغاية الأساسية لفرض هذه الشروط من المدارس الخاصة لكي تتباهى بطلابها المتفوقين في نهاية العام وتنسب التفوق للمدرسة، متجاهلة أن الطلاب المسجلين من المتفوقين أساساً قبل التسجيل لديهم، معتبرين أنها طريقة احتيال على الأهالي والطلاب من أجل عملية تسويق لمدارسهم ومعاهدهم، وتحقيق اسم على حساب جهد الطلبة.
أقساط جنونية
ومع كل ما ذكر يتسابق الأهالي على تسجيل أبنائهم في القطاع الخاص رغم غلاء الأقساط التي تتصاعد بوتيرة عالية من عام إلى عام، لتصل إلى حدود نصف مليون ليرة في بعض المدارس والمعاهد، ضاربين عرض الحائط كل التعليمات والقرارات التربوية التي تحدد رسوم وأقساط المدارس الخاصة، حيث يتم وفق قرار وزارة التربية المتضمن الخدمات التي تقدمها المدرسة التي لا توجد لها ضابطة، حيث تختلف الخدمات المقدمة من مدرسة إلى أخرى من تدفئة ولباس وكتب وأنشطة مختلفة.
إلا أن الأهالي وفي حديثهم مع “البعث” اعتبروا الحال على وضعه لا خدمات ولا صيانة، بل العكس الأمور في تراجع عند بعض المدارس وخاصة رياض الأطفال، لتشكل قضية ارتفاع الأقساط مشكلة حقیقیة بحاجة إلى حلول جذرية وقوانين تحد من جشع هؤلاء، وأجمع الأهالي على تراجع ملحوظ في مستوى التدريس وخاصة الاعتماد على مدرسين غير مؤهلين جامعياً؛ وذلك للتخفيف من نفقات الرواتب كون المدرسين غير المجازين يقتنعون بأجور منخفضة؛ مما يقلل من جودة التعليم بغياب أصحاب الكفاءات التربوية المختصة.
جولات مفاجئة
وبين مدير التعليم الخاص في وزارة التربية وائل محمد أن الوزارة طلبت من مديرياتها في المحافظات كافة توجيه الضابطة العدلية بالتعاون مع دائرة التوجيه لتشكيل فرق لزيارة المعاهد المرخصة، والاطلاع على واقع العمل فيها، وقيمة المبالغ المستوفاة من الطلاب وأولياء أمورهم، وضبط المعاهد غير المرخصة، واتخاذ الإجراءات الواجب اتخاذها قانونياً، وإعداد قائمة بالزيارات المنفذة، ونتائج التفتيش، مع مقترحات بالعقوبات للمخالفين، علماً أن الوزارة تتابع واقع المؤسسات التعليمية والمعاهد الخاصة من خلال جولات تفقدية مفاجئة.
ولفت محمد إلى إلزام المديرين المندوبين بالدوام في المؤسسات التعليمية الخاصة، ومتابعة عملها ومدى التزامها بالمرسوم التشريعي رقم /55/ لعام /2004/، وتكليف المشرفين على المؤسسات التعليمية الخاصة على اختلافها من موجهين تربويين واختصاصيين ورؤساء دوائر التعليم الخاص والعاملين فيها تكثيف آليات المتابعة والجولات لمراقبة مدى التزام المؤسسات التعليمية بالمرسوم المذكور، ورصد المخالفات مباشرة والإبلاغ عنها لاتخاذ الإجراءات القانونية تحت طائلة المساءلة في حال ورود أي شكوى أو مخالفة لم يتم الإبلاغ، إضافة إلى وجوب الالتزام بأعداد التلاميذ، والشعب الصفية، والمراحل وفق درجة الترخيص الممنوح لها، وعدم زيادة الأقساط المدرسية والخدمات على اختلافها.
دورات وتكاليف
ولم تقف تجاوزات المعاهد والمدارس الخاصة عند التسجيل ورفع الأقساط، بل تستغل بعض هذه المؤسسات الخاصة -وخاصة رياض الأطفال- بإقامة دورات مخالفة لشروط إحداث هذه المؤسسات، ومنها دورات الحساب الذهني الذي يستحوذ على اهتمام أولياء الأمور، بسبب تأثيرها الإيجابي على مستوى تحصيل التلاميذ من مختلف الفئات العمرية من أجل رفع مستوى التركيز وتحسين القدرات الذهنية لتقتحم تكاليف هذه الدورات ميزانية الأسر، لتؤكد الاختصاصية النفسية سلام قاسم أن هناك بعض العيوب التي يلاحظها الآباء والأمهات، بالإضافة إلى الرسوم العالية على الدورات، إضافة إلى أن الحساب الذهني يشتت ذهن الطفل، ويصبح أقل انتباهاً ويضعف التركيز، ويخطئ حتى في المهام البسيطة. ويؤكد خبراء تربويون أن هناك جدلاً حاصلاً حول فاعلية الحساب الذهني في تنشيط ذهن الطفل رغم انتشاره عالمياً واعتماده في كثير من البلدان وحصوله على شهادة “إيزو”، إلا أنه واجه انتقادات وتساؤلات عديدة حول ما إن كان يفيد الطفل أو يشتت ذهنه ويجعله أكثر تخبطاً.
ترخيص خاص
وعن رأي وزارة التربية يؤكد محمد أن الحساب الذهني مخالف للمناهج التربوية وغير معتمد، ولكن يمكن إدراجه بترخيص خاص للتطوير العلمي والإبداعي، كالتراخيص التي تعطى لمعاهد دورات الحاسوب، معتبراً أن كل مؤسسة تعليمية خاصة تقوم بهكذا دورات، ليتفق معه مدير مركز تطوير المناهج الدكتور دارم طباع الذي أوضح أن الحساب الذهني من خارج المناهج التربوية المعتمدة، ولا يوجد أي مادة تشير أو تتضمن معلومات عن الحساب الذهني، لافتاً إلى ضرورة تقيد المؤسسات التعليمية الخاصة بالخطة الدرسية وفق المناهج التربوية المعتمدة في وزارة التربية ما عدا ما تراه الوزارة مناسباً من المقررات الإثرائية التي يتم تدريسها في هذه المؤسسات التعليمية.
ملخصات مخالفة
واعتبر محمد أن هناك بعض المعاهد الخاصة لا تتقيد بالمناهج المعتمدة والمقررة من وزارة التربية وتكتفي بملخصات، حيث يجب إلزام المؤسسات التعليمية الخاصة بالتقيد التام والمطلق بتدريس المنهاج الوطني المعتمد، وعدم اعتماد أي مناهج إثرائية إلا بعد الحصول على الموافقة أصولاً على أن يتم تقديم طلب ترخيص المؤسسة التعليمية الخاصة لتدريس المناهج غير الرسمية من قبل القطاع المشترك حصراً إلى الوزارة مع نسخة عن المناهج التي يرغب في تدريسها، مرفقة بوثائق الاعتماد المصدقة أصولاً، لدراستها من قبل اللجان المختصة في الوزارة ، وستطبق بحق المؤسسات التعليمية الخاصة المخالفة العقوبات المنصوص عليها وفق أحكام المرسوم التشريعي رقم /55/ لعام /2004/، وتشدد العقوبة في حال التكرار.
وبين محمد أنه تم إبلاغ أصحاب المؤسسات التعليمية الخاصة التقيد بالخطة الدراسية والتقويم الدراسي المعتمد من الوزارة، وعدم السماح لأي معلم أو مدرس بالتدريس في المدارس الخاصة إلا بعد الحصول على الموافقة اللازمة.
مصالح مشتركة
آخر القول ومع هذه التعاميم والقرارات والبلاغات الوزارية تبقى العبرة بالتنفيذ، وضرورة النوايا الصادقة في معالجة الخلل والتركيز على نوعية المندوبين والمشرفين على المؤسسات التعليمية الخاصة والذين في بعض الأحيان يرتمون في أحضان هذه المؤسسات وفق مصالح مشتركة.
علي حسون