إطلاق الأفلام القصيرة في النادي السينمائي
لم تكن جلسة النادي السينمائي التي أقامتها مؤسسة أحفاد عشتار بالتعاون مع المؤسسة العامة للسينما في المركز الثقافي العربي –أبو رمانة- لعرض ثلاثة أفلام قصيرة احترافية ومناقشتها فقط، وإنما حملت رسائل لإطلاق الأفلام القصيرة عالمياً والاهتمام بالفنان السوري جماهيرياً ورسمياً بمشاركة خاصة للفنانة تولاي هارون، وقد قدمت الجلسة المشرفة على النادي ريم عبسي.
اللعب على الزمن
اشتغل المخرج أيهم عرسان بفيلم “حلم” على تقنية اللعب على الزمن بالدمج بين الأزمنة الثلاثة الماضي والحاضر والمستقبل عبر تقنية الاستباق والاسترجاع.. انطلاقاً من المكان الذي هو الزقاق الحافظ الذكريات والمجسد ناقوس الخطر من خلال الجرس، الذي رسمه جاد الطفل اليافع الذي فقد والده واضطر إلى العمل لمساعدة والدته والدراسة في وقت واحد، وكان يذكره بأنه إذا لم يوازن بين الدراسة والعمل سينتهي به المطاف ليكون عامل تنظيف المدخنة في فيلا صديقه نديم الذي ينتمي إلى عائلة مستقرة تعيش بأوضاع مادية جيدة مكنته من الدراسة والانطلاق للعمل، المقارنة بين حياة الصديقين اللذين ارتبطا بصداقة في مرحلة الطفولة واللقاء في الزقاق يوصل جاد إلى التحدي مع الذات لتحقيق الحلم وعدم الاستسلام لما تحمله الأيام من قسوة، اعتمد المخرج على الكاميرا الواقعية من حيث الأمكنة والمؤثرات وعلى التداعيات والتخيلات بسرد الأحداث ليشد المشاهدين بلعبة الزمن بالتماهي بين تخيلات جاد التي رآها من خلال إحدى حجارة الجدار المتحركة، والتي أراد أن يغلقها نهائياً وهو بصحبة نديم بعد أن أصبح صاحب معمل طاولات “البلياردو”، إشارة إلى تحقيق الحلم.
الترميز واللون
الفيلم الصامت “في ظل عدن” الذي أثار التساؤلات ليجد المتلقي الإجابة في نهاية الفيلم، حيث اعتمدت المخرجة مي زوربا على الموسيقا المركبة التي ألّفها إياد حنا لتنوب عن الحوار، باستخدام الآلات الغربية والشرقية، بالتركيز على وقع الضربات الإيقاعية في تأجيج لحظات الخوف لاسيما في مشهد هروب العائلة -المكونة من الأم- روبين عيسى- والأب والطفل سيزار عبد القادر- ليلاً في البرد القارس. ومن ثم اختطاف الأم والأب من قبل المسلحين.
بُني الفيلم على الترميز بتصوير المختطفين بالأشباح بوجوههم الشاحبة الخالية من أي إحساس ولون، وبالعباءات السوداء التي تغطي أجسادهم، ليبقى الطفل وحيداً يعاني من سكرات الموت فيتخيل صورة أمه كملاك بالثوب الأبيض.
وتصل رسالة زوربا بالتعبير عن حال أطفال سورية الذين واجهوا الموت والإرهاب بصور شتى، المكان- منطقة رخلة- كان هو التقنية الأساسية التي استندت إليها زوربا مع تأثير تموجات تغييرات الإضاءة على المساحات الخضراء ومرتفعات المنطقة الحدودية على مشارف لبنان، وبدت تفسيرات العنوان الواضحة بمشهدية الموت ورمزية الألوان التي رآها الطفل في اللحظات الأخيرة بمقابلة بين الموت والحياة بمشهد ألوان التلوين والدفاتر التي وقعت من الحقيبة.
واجب فردي
الفيلم الأقرب إلى الواقع كان “فقدان” للمخرج ليوناردو الأحمد، ورغم اعتماده على المباشرة والواقعية، إلا أنه محمّل بالرموز فسترة الجندي العربي السوري التي ترتديها الطفلة التي فقدت أمها ورسمت تكوين جسدها على أرض باحة المدرسة لتنام داخله وتشعر بالأمان، لحظة حضور الأم لتأخذ الطفلة الثانية وهي ترتدي اللون الأحمر، تحمل رسالة الواجب الوطني واجب الاهتمام بأولاد الشهداء ومحاولة تعويضهم عن خسارتهم الكبيرة بشيء من الحنان والإحساس بهم.
إطلاق قناة يوتيوب
ودار حوار طويل ومتشعب تمحور حول الاهتمام بالأفلام القصيرة التي تدخل مهرجانات عالمية وينال بعضها جوائز، ورأت الممثلة تولاي هارون ضرورة إطلاق هذه الأفلام ليس من خلال المشاركات والمهرجانات فقط، وإنما بتنفيذ مشروع قناة يوتيوب خاصة بالمؤسسة العامة للسينما وتفعيلها لعرض جميع الأفلام، ودعت إلى الدعم المؤسساتي من قبل الإعلام والثقافة للمخرجين الشباب، والاهتمام بالفنان السوري وتقديره وتكريمه في بلده في ذروة عطائه وليس حينما يصبح غير قادر على العمل أو بعد وفاته، لينسحب هذا على الدول العربية، مشيرة إلى ضرورة إشراك الفنان بافتتاح المهرجانات المحلية خاصة والتواصل المباشر مع الجمهور، وفي حال عودة المهرجان السينمائي يكون الفنان السوري موضع الصدارة لا أن يكون بعد الضيوف، كما تطرقت إلى دور وسائل التواصل الاجتماعي و”السوشال ميديا” بالانتشار الإعلامي للفنانين الشباب المجال الذي يفتقده الجيل السابق.
وتحدثت مديرة المركز رباب أحمد عن صناعة التسويق وتضافر جهود المؤسسات والقطاع الخاص لدعم السينما السورية، لاسيما الأفلام القصيرة للشباب.
ملده شويكاني