كن انتهازيا تصبح ناجحاً
قابلت يوماً أحد الموسيقيين المهمين على الساحة الفنية وحينها طلبت منه إجراء حوار لأن تجربته الفنية غنية تستحق أن يكتب عنها، إضافة لكونه اسماً معروفاً، لكنه اعتذر مني بلطف دون ذكر الأسباب وبعد عدة محاولات استطعت أن أخرجه عن صمته فقال: بصراحة أنا لا أحب التعاطي مع الصحافة المكتوبة بشكل خاص. عند سماعي لهذا وكوني أعمل في هذا المجال، ولأنني اعتبره لا يقل أهمية عن سواه ردة فعلي الطبيعية كانت الدفاع عن الصحافة المكتوبة وأدركت لاحقاً أن رسالته وصلتني بطريقة خاطئة وأنه لم يقصد ما فهمته واعتذر قائلاً: لا أقصد التقليل من أهمية ما يكتب على صفحات الصحف وأنا شخصيا متابع دائم لما يكتب، لكن بصراحة مررت بأكثر من تجربة معها أفقدتني الثقة بمدى موضوعية البعض ممن يعملون فيها خلال لقاءات أجريت معي منهم من حور في أجوبتي ومنهم من أضاف إليها بطريقة شوهتها، لذلك فضلت الابتعاد عن هذا النوع من اللقاءات.
توقفت عند كلامه ولم أستطع ولو ضمنياً أن أنكر وجود هذا النموذج من “الصحفيين” وإن كان بنسبة قليلة، فهذا النوع باختصار يطبق ويعيش مقولة “كن انتهازيا تصبح ناجحا” لدى هؤلاء تكون المصلحة الشخصية هي الأهم دون أي اعتبار للجوانب الأخرى كالشفافية والمصداقية في نقل المعلومة، والأهم الجانب الأخلاقي، الذي لو جردنا أي مهنة من هذا الجانب لفقدت شيئاً مهماً من روحها، على سبيل المثال كثير من المعلومات الشخصية لكتاب أو فنانين أو مبدعين يتمنى أصحابها أن تبقى بعيدة عن الجمهور لأنها تدخل في نطاق الأمور الشخصية، ومن منا مثلاً خلال حوار ما لم يذكر الضيف أمامه معلومة أو حادثة مع إضافة كلمات “المعلومة خاصة لك وأتمنى ألا تنشر” مع أن هذه المعلومة يمكن أن تكون الجزء الأهم من الحوار، لكن الجانب الأخلاقي يفرض عدم ذكرها وهو للأسف ما يفتقد إليه البعض لكن لحسن الحظ أن هؤلاء قد لا تجاوز عددهم أصابع اليد في أفضل الأحوال.
جلال نديم صالح