دراساتصحيفة البعث

أمريكا تحاصر نفط إيران

 

ترجمة: سمر سامي السمارة
عن موقع غلوبل ريسيرتش 20/8/2019

في حال استمرت الولايات المتحدة، التي ترزح تحت وطأة اليمين المتطرف، بالعمل خارج نطاق القضاء داخل البلد وخارجه، فإنها تتّجه نحو الطغيان الكامل، كيف لا وهي دولة تستخفّ بالقوانين الدولية والدستورية والحقوق المدنية وحقوق الإنسان، كما تُخلّ بشكل متكرر بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية لتؤكد للجميع أنها لن تكون محل ثقة على الإطلاق وأن الدبلوماسية لغة بعيدة عن إدارتها.

الكلّ يعلم أن أمريكا ترعى الإرهاب وتنشره في كل مكان، حتى داخل مدنها التي تحوّلت إلى ساحات قتال، وهي الدولة الوحيدة التي تستخدم أسلحة الدمار الشامل، وأينما تحلّ قواتها تقع المذابح الجماعية والدمار الهائل والبؤس الإنساني، وهي تستخدم الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية وغيرها من الأسلحة المحظورة في جميع حروبها العدوانية ضد دول لا تنشد الحروب ولا تهدّد أحداً. كما تنفق تريليونات الدولارات على العسكرة والتسلح، وتسعى دوماً إلى الحفاظ على إمبراطورية عالمية من القواعد كمنصات للعمليات الحربية التي تقوم بشنّها بشكل مستمر على الرغم من عدم مواجهة أعداء أو تهديدات وجودية لها في أي مكان.
في أواخر حزيران الماضي، حذّر مبعوث ترامب لإيران -اليميني المتطرف- “برايان هوك”، من أن الدول التي تشتري النفط الإيراني (قانونياً) ستخضع لعقوبة (غير القانونية) من الولايات المتحدة. واتهم طهران كذباً بانتهاك القانون البحري وأن الصادرات الإيرانية القانونية “غير مشروعة”. لقد قلب الحقيقة رأساً على عقب متهماً إيران برفض الدبلوماسية والسعي للسيطرة على الشرق الأوسط، وهو هدف واشنطن وإسرائيل الدائم.
في واقع الحال، يعادي جناحا حزب الحرب الأمريكي جميع الدول التي لا تسيطر عليها الإمبراطورية الأمريكية، ويسعى لاستبدال أنظمة هذه الدول بأنظمة دمى تكون خاضعة للمصالح الأمريكية. وأصبح واضحاً أن متشدّدي إدارة ترامب أكثر عدوانية إزاء طهران من إسلافهم، حيث يدفع بومبيو وبولتون باتجاه حرب محتملة.
بعد رفع سلطات جبل طارق مؤخراً الحجز عن ناقلة النفط الإيرانية “أدريان داريا 1” (غريس 1 سابقاً) للإبحار باتجاه وجهتها المقصودة التي يُعتقد أنها كالاماتا اليونان، سارعت وزارة خارجية ترامب بتحذير اليونان من قبول الشحنة، واصفة زوراً الشراء “بالدعم المادي للإرهاب”. وطبعاً يُطبق تعريف الولايات المتحدة والناتو للإرهاب على ممارسة جميع الدول المستقلة للحقوق السيادية التي تعارضها الولايات المتحدة المهيمنة، بما في ذلك الحق بإقامة علاقات طبيعية مع الدول الأخرى المتضمنة للتجارة.
في المقابل، حذّر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي إدارة ترامب من الاستيلاء على “أدريان ديرا” أو التدخل فيها بطريقة أخرى. وشدّد قائلاً: “إذا تمّ اتخاذ هذا الإجراء أو حتى التحدث عنه، فسيشكل ذلك تهديداً لحرية الملاحة”. مضيفاً: “تمّ إرسال التحذيرات اللازمة” لإدارة ترامب “بعدم القيام بهذا العمل الخاطئ لأنه سينجم عن ذلك عواقب وخيمة”.
باستثناء الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية والإمارات العربية المتحدة، فإن المجتمع الدولي يدعم الصفقة النووية التي أُبرمت بعد سنوات من المحادثات، والتي وافق عليها بالإجماع رسمياً أعضاء مجلس الأمن، ما يجعلها قانوناً دولياً ملزماً. ألغت إدارة ترامب الاتفاق بانسحابها غير القانوني، ودمّر ترامب معاهدة مكافحة انتشار الأسلحة بالتخلي عن معاهدة الأمان النووي والتهديد بإلغائها من خلال الخروج من معاهدة “ستارت” الجديدة التي تنتهي في شباط عام 2021 في حال بقائه في السلطة. لكن جاء الردّ على لسان ظريف والرئيس روحاني بأن المحادثات المستقبلية مع الولايات المتحدة لن تحدث ما لم تنضمّ مرة أخرى إلى الاتفاق النووي وتلغي العقوبات المفروضة بشكل غير قانوني على إيران.