اقتصادزواياصحيفة البعث

الطريق.. إلى “دمشق الدولي”!!

تاريخ طويل مليء بالنجاحات في شتى المجالات وعلى مختلف الصعد والمستويات، يسجل في صفحات الذكرى حين نقرأ مذكرات “معرض دمشق الدولي”، الذي ورغم كل سنوات الحرب الإرهابية على سورية، اقتصادياً وعسكرياً وحضارياً وثقافياً واجتماعياً، والتي لم يسلم منها بشر أو شجر أو حجر، استطاع هذا المعرض إثبات عالميته من بوابته الوطنية السورية والدمشقية، كما استطاع القائمون عليه قيادة وحكومة وشعباً، إثبات مقدرة السوري، صبراً وجداً ونهوضاً، وصفها المحللون والخبراء الاقتصاديون قبل العسكريين، بالأسطوري، كون الاقتصاد ومنعته واستقلاليته، يشكل أهم عوامل صمود أية دولة في مثل هكذا حرب تشن، غير مسبوقة في أدواتها وتقنيتها وتكنولوجيتها وخبثها…

أن نصمد وننهض، أمر يكاد لا يُصدق حتى من أكثر المتفائلين ممن كانوا يراهنون أن تصبح سورية “دولة فاشلة”، ولأن رهانهم وتفاؤلهم ردَّ إلى نحورهم، وجب أن نعزز سورية الصمود، بمنعة وصمود داخلي وهما باعتقادنا الأهم والأصعب..، واسمحوا لنا التطرق من باب التنبه لا أكثر لبعض الموضوعات التي ترى فيها محددات – على بساطتها- للوصول إلى سورية الرائدة، اقتصاداً واستثماراً وعملاً…

في أحد تصريحاته الإعلامية، كشف وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، “أن حجم عقود التصدير التي أبرمت خلال الدورة 59 لمعرض دمشق الدولي تجاوزت الـ 10 مليارات ليرة سورية..”، بينما لم يقدم شيئاً عن حجم العقود التي أبرمت في دورته الـ60، مبرراً “أن قيمتها لم تظهر بعد”، وفي الوقت عينه وصف التصدير خلال الدورتين بـ”الموفق”، دون أن يبين بالرقم عائد هذا التوفيق، مكتفياً بالقول: “إن المعرض بدأ يكبر بكل مؤشراته..”، علماً أن  دورتين مرَّتا، أي عامين كاملين..!

وها هو ذا المعرض في دورته الـ61 ينطلق..، وها نحن أولاء ننتظر التقويم الاقتصادي المدعومة بالمؤشرات التي تكبر..!؟

ما تقدم ليس نقداً أو تشكيكاً..، وإنما تقويم مقابل تقويم..، إذ وحسب المبدأ الفيزيائي القائل: “لكل فعل ردة فعل”، وبالتالي يجب أن يكون هناك حساب اقتصادي دقيق للصدى الاقتصادي لمعرضنا الدولي..، إذ إنه من غير المقبول أن يحافظ معرض دمشق على طابعه الجماهيري كتظاهرة ثقافية اجتماعية وسياحية وشعبية، بل يقتضي حال البلد الانتقال بالمعرض ليكون ظاهرة اقتصادية مختلفة عما كان سابقاً، حيث إيقاع التطور الاقتصادي المتسارع بعلاقاته ومصالحه الكبرى المتغيرة يفرض نفسه بقوة…

إنفاق بمئات الملايين، وقد تصل لعدد من المليارات تنفق سنوياً على معرضنا الدولي، بدءاً من “بوستر” الوردة الشامية “لوغو” المعرض، والتي دُفع لمصممه 3 ملايين ليرة، وليس انتهاء بـ”القطار وسكته ومحطته”، من القدم حتى المعرض، التي كلفت خزينتنا في الدورة الماضية نحو الـ1.3 مليون ليرة، ولم يتم حسابها ضمن الأموال التي أغدقت لأجل المعرض، والتي على ما يبدو أيضاً، لم تكن كافية..، فتم في هذه الدورة إعادة التأهيل والإصلاح والصيانة.

وما بين هذا وذاك الإنفاق والنفقات مما تنهض به الجهات الحكومية بوزاراتها وهيئاتها ومؤسساتها وشركاتها، أمر يجب ألاَّ يغيب أو يُغيِّب عن حسابات جدوى المشاركة، وميزان الخسارة والأربح فيها، وهذان المبدآن يجب أن يكونا (مقارنة مع ما تم ويتم إنفاقه)، إمام أية فعالية اقتصادية، وخاصة حين تكون بمستوى ومقام “دمشق الدولي”، أما أن نتبع أسلوب وطريق “يا نصيب المعرض” للوصول إلى الربح والنجاح، فهذا ولا شك مقامرة اقتصادية، لا مكان لها في هذه المرحلة مطلقاً.

وليكن بعلم من يجب أن يعلم، أن سورية ليست بالدولة المقامرة باقتصادها، بل هي دولة مقاومة بامتياز، ولعل المقاومة الداخلية ولأنفسنا وأهواء مصالحنا الخاصة..، تفوق مقاومتنا للخارج المُستهدف لكل مقدراتنا وإمكانياتنا وطموحاتنا ومستقبلنا، … واللبيب من الإشارة يفهم..!؟

قسيم دحدل

Qassim1965@gmail.com