“المـــوال” فــي الموســـيقا العربيـــة
في أمسية موسيقا الزمن الجميل في ثقافي أبو رمانة والتي خصصها الباحث وضاح رجب باشا لتحليل خصائص الموال، لم يتوقف عند اختلافات الموال من بلد إلى آخر وإنما الاختلاف بأداء الموال والأسلوب الغنائي له من مطرب إلى آخر.
استهل الحديث بتعريف الموال الذي يعد نمطاً من أنماط الموسيقا العربية مثل الدور والموشح وهو شعر مكتوب باللغة الفصحى أو بالعامية ويعرف بالزجل، يستعرض فيه المغني قدرات صوته التي تمكنه من الانتقال بين المقامات الموسيقية ويأتي بعد المفردات المتداولة بالطرب”ياليل يا عين”ثم تأتي وصلة الموسيقا الآلية وفق القوالب الموسيقية مثل البشرف أو السماعي أو الدولاب وتكون محددة بمقام واحد، وبعدها يتم الانتقال إلى الموسيقا ذات اللحن الحركي، ونوّه باشا إلى أن الموال يغنى “بالفالس” دون إيقاع وهو الأكثر، أو أن يغنى على إيقاع الوحدة، وتابع بأن غناء الموال يتطلب صوتاً قوياً ولا يستطيع أي مطرب أن يغنيه، لذلك رسم الملحنون الموال لبعض المطربين.
واستغرب الجمهور تحليل الباشا بعد عرض موال غنته وردة من رائعتها”في يوم وليلة” تلحين محمد عبد الوهاب من مقام الصبا على نغمات القانون بتكرار الجملة الموسيقية ذاتها”قالو لي أهل الهوى ياما في قلوب مجاريح”. ومن وردة إلى تاريخ الموال الذي يعود ظهوره في الموسيقا العربية إلى عام 1900، فتحدث باشا عن خصوصية الموال التي ترتبط بكل منطقة وتعبر عنها بما يعرف بالفلكلور، ففي سورية يوجد موال في حلب وموال في الساحل وفي درعا والجزيرة وغيرها، كما يخضع إلى تفرعات أدخلته بأسماء متنوعة مثل الهنهونة والمطاول والسويحلي والميجنا والعتابا، والمواليه، وذكر باشا بأن الموال يمكن أن يغنى بالقصيدة، أو القصيدة تغنى بالموال، وأغلب قصائد الموال من البحر البسيط، واستعرض موال محمد خيري السبعاوي من كبار مطربي حلب”إن وجدي كل يوم بازدياد” ليحلل الجوابات الحادة والنزول بالقرارات بمساحة صوتية كبيرة مع السيطرة على تحرك المقامات، وهذا سر جمالية أدائه.
ومن محمد خيري إلى صباح فخري الذي اشتُهر عربياً بالموال وكان قادراً على التنويع بالمقامات كما في الموال الشهير لقصيدة”قالوا حبيبك محموم” إذ تنقل صباح فخري من أربعة إلى خمسة مقامات. كما اشتُهر في حلب مصطفى ماهر وتميز بجمال صوته، ومن مواويله”سلبت سعاد من العيون رقادي”، وتطرق إلى الموال عند البدو الذي يعرف بالمطاول ويغنى في مضارب رئيس العشيرة.
وأصغى الجمهور بشغف وإنصات إلى الموال الساحر الذي غناه مروان حسام الدين بقصيدة سلمى والانتقالات المقامية والتدرجات الصوتية”أرى سلمى بلا ذنب جفتني”.
تنوع الموال في لبنان
واستعرض باشا نماذج مختلفة بالأداء والنمط بخصوصية الموال في لبنان الذي يندرج ضمن خصوصية الميجنا والعتابا والزلف مستحضراً فيديوهات لوديع الصافي الذي أثرى الموسيقا العربية بمواويله لاسيما موال”ولو” فاختار موال”ع الصبر والمر” وتوقف عند نصري شمس الدين الذي غيّر بأنواع الموال واشتُهر بالأوف وأجمل المفردات”بيني وبين الهوى حكايات ومشاوير”، ليصل إلى صدى صوت فيروز الساحر الذي نثر أجمل المواويل في اسكتش “سهرة حب” كما تفردت بغنائها الموال للعتابا، إلا أن أجمل ما غنته من مواويل في الموشحات الأندلسية، ليتوقف باشا عند موالها قصيدة عنترة بن شداد”لوكان قلبي معكم ما اخترت غيركم”.
المنعطف الهام في الموال في لبنان كان مع الشحرورة صباح التي وصفها باشا بملكة الموال، ولم تكن تغنيه منفرداً وإنما ضمن سياق الأغنية وتضيف بعض الجمل الموسيقية، ويعود إبداعها بالموال إلى صوتها الجبلي القوي وأدائها الجميل كالموال الموزون في أغنيتها”يادلع يادلع”.
طربية الموال في مصر
المحطة الأخيرة مع الموال كانت في مصر التي اشتُهرت بمطربيها الذين غنوا الموال، فبدأ باشا مع الموال الشعبي لمحمد العزبي”عيني رأت غزالة واقفة مع الزيات”، إلى فريد الأطرش الذي كان له باع طويل بالمواويل فعرض فيديو لغنائه موال”بنادي عليك” محللاً قدرته الصوتية التي منحت الموال أبعاداً جمالية، إلى قمة الطربية مع مواويل أم كلثوم والموال الحزين الذي حفظه الغناء العربي ألحان زكريا أحمد وكلمات بيرم التونسي بأغنية “يا عيني بالدمع وافيني”ويتحدث عن آلام فقد زكريا أحمد ابنه الوحيد، فغنته أم كلثوم بإحساس لامس القلوب مع مرافقة أحمد بالعزف على العود”فرحة وبانت من بعد طول صبري” وتابع الباحث عن تاريخ عبد الوهاب بالمواويل، وعلى سبيل المقاربة استعاد ذكرى ربى الجمال بمقاربة صوتها بالمواويل مع أم كلثوم، لينهي محاضرته بموال لطفي بوشناق”أنا حلمي بس كلمة، يضل عندي وطن”.
ملده شويكاني