قمة السبع.. ترامب المتغير!
من المنطقي ألا تخرج قمة السبع “الكبار” بنتائج كبيرة، نظراً للتناقضات والخلافات بين أعضائها حول القضايا الدولية والإقليمية الهامة، وما يدلل على ذلك غياب البيان الختامي المشترك لأعمالها.
فلا يزال الخلاف قائماً حول بريكست من دون اتفاق حجرة عثرة كبيرة بين القارة العجوز وبريطانيا، وفي إيطاليا هناك أزمة انقسام منهجي في المجتمع حول أنموذج التنمية، وهناك المخاوف الغربية من انكماش الاقتصاد العالمي نتيجة الخلافات والحروب التجارية، والتي أججها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكذلك كانت البيئة حاضرة أيضاً.
وبدا أن أغلب تفاصيل القمة كانت متمحورة بشكل ما حول ترامب، فالجميع يعرف مواقف ترامب الذي سخر من اتفاق باريس للمناخ، فهو من خرج من اتفاقية المناخ، وهو من خرج من الاتفاق النووي مع إيران، وهو الذي بدأ حروباً تجارية لم تنته بعد، وحملت زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى بياريتس نجاحاً دبلوماسياً في الملف الإيراني، حيث أبدى ترامب مواقف تصالحية بشأن عدد من النقاط الخلافية، وشكّل ذلك نهجاً معاكساً لما حدث في ختام قمة كندا عام 2018، وبعيداً عن انفعالاته المعتادة، أعلن أنه على استعداد للقاء الرئيس الإيراني حسن روحاني، وحضرت أيضاً النبرة اللينة في ملف الخلاف التجاري ما بين واشنطن وبكين، حيث أبدى الرئيس الأمريكي استعداده للحوار، وبات يرغب بعودة روسيا إلى مجموعة الدول الصناعية السبع، وذلك بعد أن جُمّدت عضويتها في عام 2014، حيث لاقى هذا الاقتراح الأمريكي تأييداً من فرنسا، فيما كانت تصريحات ألمانيا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي متحفظة على الفكرة، إذ يرى الأوروبيون أن الأمر مازال غير ممكن.
غير أن هناك بعض التقدّم، فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين، ومكافحة فقدان التنوع البيولوجي، وهما مبادرتان تقدّمت بهما كندا في قمة العام الماضي في شارليفوا- كيبيك، حيث وافقت فرنسا على مساعي كندا لجعل المساواة بين الجنسين والعنف ضد المرأة والتمكين الاقتصادي للمرأة محور تركيز للقمة الحالية.
وعلى صعيد ملف البيئة، الذي اعتاد ترامب التغيّب عن جلساته، اتفق وزراء البيئة على بيان حول التنوع البيولوجي، في حين تمّ جر الولايات المتحدة إلى الموافقة على مضض عليه، وتعهّدت القمة بتقديم مساعدة طارئة من عشرين مليون دولار لإرسال طائرات متخصصة لمكافحة حرائق غابات الأمازون، كما تمّ الاتفاق على خطة دعم متوسطة المدى لإعادة تشجير الغابات، على أن تقدّم بصيغتها النهائية خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية أيلول.
وإذا كانت الأمور بخواتيمها، فلا بد من الإجابة عن جملة من التساؤلات، فهل هو تراجع أمريكي في حربها الاقتصادية على الصين؟ وهل تقبل روسيا العودة إلى مجموعة الكبار العام المقبل؟ وكيف ستنهي لندن معضلة بريكست قبل موعدها النهائي نهاية تشرين الأول المقبل؟ وما هو مستقبل العلاقات الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة؟، حيث لا أحد يمكنه أن يتوقع قرارات ترامب، التي يعلن عنها في تغريداته القادرة على بث البلبلة وإحداث الاضطرابات.
صلاح الدين إبراهيم