هل حان وقت تقسيم اليمن؟
خلال الأيام القليلة الماضية تضاربت الأنباء حول المعارك الدائرة بين ما يسمى “قوات المجلس الانتقالي الجنوبي”، المدعومة إماراتياً، وقوات الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي، المدعومة سعودياً، حول الجهة التي سيطرت على مدن الجنوب اليمني، فتارة تعلن السعودية والإمارات عن تفاهم ينهي المعارك، وتعيدان ما تسمى “قوات الشرعية” إلى مواقعها، وتارة أخرى تشن طائرات إماراتية غارات على قوات الفار هادي دعماً لقوات “الانتقالي”.. الأمر الذي يطرح تساؤلات كبرى حول ما يجري في عدن وأبين وشبوة، فهل تنوي أبو ظبي والرياض إنهاء القوة العسكرية في الجنوب على اختلاف انتماءاتها تمهيداً لتقسيم المقسّم، أم أنه بالفعل هناك خلاف إماراتي سعودي على مناطق السيطرة والنفوذ؟.
لم يكن العدوان على اليمن سعياً من الرياض وأبو ظبي بهدف استعادة شرعية مزعومة، كما ادعى الجبير من واشنطن، وإنما كانت المخططات، التي تمّ وضعها تحت ما يسمى “المخرجات الخليجية للحل”، أساس تقسيم اليمن، فهي قد نصّت على تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم!. وبالتالي فالغايات والأهداف الكبرى للعدوان بدأت تتضح مع سعي القوى المعتدية، بالتعاون مع الولايات المتحدة، للسيطرة على المعابر المائية الاستراتيجية، وخاصة “باب المندب”، ومحاولة تكريس نعرات تقسيمية قديمة كأمر واقع عبر منحها ميزات ودعمها لتشكيل ميليشيات عسكرية تتبع مباشرة الرياض وأبو ظبي “قوات الحزام الأمني”.
كما أن السعودية والإمارات لم تخفيان أطماعهما في مدن الجنوب اليمني، حيث وقّعت أبو ظبي عقوداً طويلة مع الفار هادي لاستثمار جزيرة سوقطرة وميناء عدن الحيوي، وبالتالي تحقيق حلم كبير للإمارة الخليجية في السيطرة على خط الملاحة البحري الدولي الذي يمر ما بين جزيرة سوقطرة والميناء، فيما كان نصيب الرياض إنشاء قاعدة عسكرية في جزيرة نيون والسيطرة على مدينة شبوة الاستراتيجية، لتكون ممراً لأنابيب النفط المزمع إنشاؤها تمهيداً للتصدير من الموانئ اليمنية بعيداً عن الخليج العربي.
وعليه فإن ما يجري اليوم على أرض مدن الجنوب من حرب بين “القوات المتحالفة” ما هو إلا سيناريو للقضاء على أي قوة ممكن أن تقف بوجه تنفيذ مخططات الرياض وأبو ظبي، ومن خلفهما بالتأكيد الإدارة الأمريكية، وهذا ما يفسّر تسابق الفصيلين المتقاتلين على الأرض إعلان استعادتهما السيطرة على عدن والمرافق الرئيسية فيها، دون أن نسمع أي تعليق من قوى العدوان.
وفي ظل فشل العدوان السعودي الإماراتي في تحقيق نصر كامل على القوى الوطنية اليمنية الممثّلة بالجيش واللجان الشعبية، ومع تراجع القوى الداعمة للعدوان في مواقفها، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، التي أعلنت بالأمس أن الحل في اليمن يكون عبر الحوار، فإن قوى العدوان مهتمة اليوم بتسريع ما بدأت الحرب من أجله، وهو تقاسم الغنائم، وترك الشعب اليمني في فوضى الحرب، وهذا يحتّم على القوى اليمنية على اختلاف انتماءاتها مراجعة توجهاتها، والتفكير في حماية اليمن ووحدته، وإلا فإننا أمام مرحلة قد نشهد فيها نشوء يمنات جديدة تتناحر فيما بينها على النفوذ والسلطة.
سنان حسن