حالة عائلية!
موجود في غالبية البيوت التي تعيش في غربة حقيقية، وتعاني من تراكم مزمن للخلافات في الحياة الزوجية التي غالباً ما تكون ضحية الخيارات الإجبارية، والمحكومة بالعادات الاجتماعية التي تستمر في لعب دورها البشع داخل الأسرة، إلى جانب احتمالات الخيارات الخاطئة التي تبرر وتشرعن حالة اللجوء إلى “الطلاق الصامت” المستتر تحت غطاء العيب الاجتماعي، والخوف على السمعة، ومصير الأولاد، وهو يمثّل زوال مقومات العلاقة العاطفية، وانحسارها في حدود “البرستيج” الاجتماعي.
خطورة هذه الحالة الاجتماعية تكمن في انعكاساتها على شخصية الأسرة التي تعيش دائماً في تناقضات حضورها المجتمعي كأسرة هادئة ومثالية متمسكة بالمؤسسة الزوجية، وبين كونها في حقيقتها أسرة مضطربة غير مستقرة، وتعيش حالة من التشتت المدعم بمظاهر النفاق الاجتماعي الذي يجعل أفرادها يدورون في حلقات مفرغة من الانفصام، وانعدام الثقة بالنفس، والعزلة الاجتماعية.
ولعل الأمر الملفت للانتباه هو انتشار هذه الظاهرة بشكل مخيف في المجتمع السوري في هذه الأيام تحت مبررات مختلفة، منها التداخل الاجتماعي الحاصل نتيجة الحرب و فرصة الاختلاط والتعارف المتسارع بين بيئات مختلفة بطريقة خاطئة وغير متوازنة، بحيث نتج عنها تغيير في بيئة الأسرة، والتخلي في الكثير من الأحيان عن الرباط الأسري في سبيل علاقات جديدة غير محكومة بضوابط اجتماعية أو قانونية، وتؤثر بشكل مباشر على تماسك المجتمع الأسري، وتضاف إلى ذلك الضغوط المعيشية التي استفزت الحياة الأسرية بأعبائها المتزايدة، وأخرجتها من حالتها الطبيعية، ودفعت بها نحو القطيعة والبحث عن مكان آخر وشريك يتقبل الواقع كما هو، أو يمتلك القدرة على انتشال الشريك الجديد من الهموم والمنغصات الحياتية.
لا شك أن كثرة الشواهد والحالات التي تعزز حضور الطلاق الصامت في حياة الأسرة السورية، وانتشار الظواهر العديدة التي تهدد البنية الاجتماعية، تعزز من فرضية الانهيار الأسري، وخروج منظومة القيم التربوية عن سكة الأخلاق، وهذا ما يتطلب تكثيف الجهود وتوحيدها بين مختلف مكونات المجتمع، وللإعلام دور كبير في نشر الوعي، وترميم الفجوة الأسرية، وإصلاح علاقاتها التي باتت قاب قوسين أو أدنى من الضياع!.
بشير فرزان