“إشكالية خان الشونة”
بات مألوفاً في حلب ما تعيشه منظومة العمل المؤسساتي من واقع مرير، عكس في النتيجة ودون أدنى شك ترهل هذا المفصل الحيوي والمهم، ورسخ تبعيته المطلقة لمجموعات نافذة من المتسلطين والمنتفعين والمتحكمين بالقرار، وبمعنى أدق يمكن القول والتأكيد أن – سياسة البزنس – المتبعة والسائدة في العمل والعلاقة التي تربط بين كافة الأطراف نجحت في تعميق حالات الفساد الإداري والمالي والتنفيذي في المجالات كافة.
وفي هذا الإطار يحضرنا الحديث مجدداً عن واقع المدينة القديمة، وتحديداً ما يخص ملف – خان الشونة – الأكثر تعقيداً من غيره بالنظر إلى حجم التعديات والتجاوزات الإنشائية والقانونية المرتكبة من قبل مستثمري المحال والمقاهي التابعة للخان خلال الفترة الماضية التي أعقبت تحرير حلب من الإرهاب، لجهة تغيير المواصفات ووضع اليد على مواقع جديدة، والاستيلاء على الأقبية واستثمارها دون الحصول على موافقات رسمية وخطية من قبل الجهات المختصة؛ ما فوت على خزينة الدولة ملايين الليرات من عائدات الاستثمار والضرائب المستحقة والتي ذهبت الى جيوب المستثمرين وجيوب من أمن الغطاء لهم دون رقيب أو حسيب.
ما يدعو للاستغراب حقيقة في هذه القضية المستجدة هو الاستغلال الفاضح للعمل الوظيفي، حيث تشير وتؤكد كل المعطيات والدلائل التي حصلنا عليها أن مدير السياحة السابق غض الطرف عن كل هذه التجاوزات والتعديات، وأعطى الإذن لأصحاب المقاهي بالقيام بأعمال الترميم والتأهيل بسوء أو حسن نية لا فرق ما دام الضرر وقع في النهاية، حيث يقتضي الواجب الآن معالجة تداعيات وآثار هذا الضرر الجسيم وعلى وجه السرعة، تجنباً للدخول في مشكلات قانونية جديدة قد تؤدي في المحصلة إلى تثبيت الواقع على ما هو عليه الآن لمصلحة المستثمرين.
أما الأكثر استغراباً في هذه القضية أيضاً هو عدم وجود أي مخططات إنشائية وتفصيلية لموقع خان الشونة، وعدم وضوح عائدية ملكيته حتى اللحظة؛ وهذا يعني أن مديرية السياحة تصرفت وبصفة غير شرعية في ملكية الغير، ما يضعها لاحقاً في موقع المساءلة القانونية والقضائية؛ ما يستدعي معالجة هذه الجزئية من خلال تشكيل لجنة مستقلة وحيادية غير التي شكلها وزير السياحة برئاسة مدير السياحة السابق توخياً للشفافية والدقة في تقييم واقع الخان الراهن، وذلك تجنباً للشبهات وحسماً للغط والجدل الذي رافق هذا الملف طيلة الفترة السابقة.
مما سبق وأمام مروحة التصريحات المتتالية التي نسمعها من المعنيين حول إعداد الخطط والدراسات الفنية والإنشائية لإعادة تأهيل وترميم المدينة القديمة نرى ضرورة أن يأخذ هذا الملف صفة الاستعجال والإسراع باتخاذ خطوات وإجراءات عاجلة وناجزة تتمثل في إعادة تحديد و تحرير موقع خان الشونة بكل تفاصيله وأجزائه، وبيان الوضع القانوني لاستثمار المقاهي، ووقف التعدي على الأقبية والمساحات المواجهة للخان كخطوة أولى على طريق تصويب مسار العمل و إخراجه نهائياً من دائرة التجاذبات، وإبعاده عن لعبة المنافع وسياسة البزنس.. وللحديث بقية..؟!
معن الغادري