مشروع دعاوى دولية لاستعادة الآثار العدو الصهيوني تعمد تدمير الموروث الحضاري.. و المجموعات الإرهابية سرقت 5 آلاف مخطوطة عن الجولان
لم تكتف المجموعات الإرهابية المسلحة، والعدو الصهيوني بتصويب نيرانهم على المدنيين في الجنوب، بل طالت الممارسات الإرهابية الغابات الحراجية، ومزارع الفلاحين في قرى محافظة القنيطرة، مع سرقة وحرق كل ما يتعلق بتراث وآثار الجولان المحتل، ونبش وتخريب المواقع الأثرية القديمة.
سرقة وتخريب
مدير ثقافة القنيطرة هشام إبراهيم حسن كشف لنا عن قيام المجموعات الإرهابية المسلحة بسرقة وتخريب المراكز الثقافية الـ (3) التي استولوا عليها، وكانت تضم آثاراً مهمة، وأدوات تراثية، وكتباً قيّمة، وسرقوا أكثر من 5 آلاف كتاب ومخطوطة تتعلق بالجولان، ودمّروا الأبنية والأدوات التراثية لأهل الجولان، وكذلك سرقوا الأجهزة الحديثة من كمبيوترات، وأجهزة عرض، ودمروا المسارح، علماً أن هذه المراكز موجودة في القصيبة، وفي درعا تجمع النازحين، والمراكز التي كانت في الغوطة بريف دمشق.
طمس الهوية
مدير دائرة آثار القنيطرة فارس الصفدي أكد أن الحرب الإرهابية أدت إلى تخريب المواقع الأثرية، وسرقتها، وطمس هويتها، وهدفت لتدمير كل ما يمت للحضارة بصلة، وخاصة أن العصابات الإرهابية المسلحة دربت وجهزت من قبل العدو الصهيوني لطمس المعالم الأثرية، ولتدمير الموروث الحضاري للشعب السوري، وقامت هذه العصابات بتخريب وتدمير ونبش العديد من المواقع الهامة، أهمها تل نبع الصخر الذي يرجع تاريخه إلى عهد البرونز الوسيط 1800 – 1600 قبل الميلاد.
وبيّن الصفدي أن من أهم المواقع الأثرية في الجولان المحتل موقع بانياس الحوله، مروراً برجم الهري، وقلعة صبيب، وقلعة الحصن “سوسيتا”، والعال، وخسفين، ووادي السمك، والكرسي، وبيت صيدا، وغيرها، ومن المواقع التي يقوم عليها العدو الصهيوني: قلعة الحصن التي تنقب فيها جامعة حيفا العبرية، ويحاول العدو الصهيوني دائماً أن يثبت حقيقة زائفة، في الوقت الذي أكد فيه الباحث الإسرائيلي بعلم الآثار زئيف هارتزغ أنه لم يتم الحصول على أي أثر يمت لليهود بصلة، والآثار الموجودة هي آثار عربية، منها يوناني، وروماني، وبيزنطي، وإسلامي، ومنها ما يرجع إلى العموريين، والآراميين، والكلدانيين، والسومريين، وغيرهم من الحضارات، ما يؤكد لنا حقيقة غير قابلة للشك بأن كل ما ورد من كذب من قبل العدو الصهيوني كان من أجل خدمة مشروعه الصهيوني الزائل.
نبش المواقع
وتابع الصفدي: فيما يخص المواقع الأثرية الموجودة في الجولان، أطلق العدو الصهيوني العنان لقواته التي قامت بحفر ونبش المواقع الأثرية، وسرقة حجارة الأبنية، وغير ذلك، وكانت هذه الآثار تهرّب وتوضع في بيوت الأغنياء منهم، والجولان مسكون منذ الألف الثاني والثالث قبل الميلاد، وهناك أدلة على أنه يرجع بتاريخه إلى الألف الثامن، أي العصر الحجري الحديث، وهناك معطيات أثرية هامة جداً، ومن ثم أتت بعد ذلك فترة ما يسمى بالقرى الزراعية، وكان للجولان نصيب كون المنطقة توجد فيها أرضية خصبة للاستيطان البشري، ومقومات هامة ألا وهي المياه، والتربة الصالحة للزراعة.
وقامت المديرية، كما يبيّن الصفدي، بمساعدة محافظة القنيطرة، يوم بدأت الهجمة الشرسة على المدينة، بنقل القطع المتحفية التي كانت معروضة بالمتحف إلى أماكن آمنة، وتمت أرشفتها ودراستها وتوثيقها، وهي تعود للعصر الروماني، والبيزنطي، والإسلامي، ونقلت إلى مستودعات آمنة بدمشق بفضل الجهات الأمنية، ورجال الجيش العربي السوري، والمحافظة، ولم يتم نقل الأحجار الضخمة، وبعض القطع التقليدية الحديثة من أزياء شعبية، وغيرها بسبب حصار المجموعات الإرهابية المسلحة للطريق والمدينة، علماً أنه منذ ثلاثة أشهر عثرت الجهات الأمنية على قطعتين حجريتين في درعا، وهي الآن موجودة في متحف درعا لعدم وجود مستودعات لدى المديرية، والمتحف بحاجة للترميم.
ولفت الصفدي إلى أن دائرة آثار القنيطرة قامت بعد تحرير المنطقة بزيارة لكل المواقع المسجلة وغير المسجلة، وحالياً نعد الضبوط اللازمة لرفع الدعاوى على العصابات الإرهابية المسلحة، ونعد مشروعاً لفضح جرائم العدو الإسرائيلي مع العصابات الإرهابية بسرقة وتخريب المواقع الأثرية في الجولان المحتل، والمناطق المحررة، في وقت تم رفع دراسة كاملة عن تل نبع الصخر، ومتحف القنيطرة، وكوم محيرس، وخان أرنبة الأثري، وتم العمل في أخطر الظروف تحت القصف والقنص على الطرقات الصعبة.
عملية توثيق
وأشارت الأستاذة في قسم التاريخ د. كاميليا أبو جبل إلى الانتهاكات الإسرائيلية لآثار الجولان المحتل، وسرقتها، ووضع تاريخ للمنطقة من منظور توراتي صهيوني لخدمة أهدافها، وقامت إسرائيل بسرقة الآثار، فهجّرت 131 ألف مواطن، وهدمت القرى والمزارع، واستبدلت أسماء أكثر من 200 قرية عربية بأخرى عبرية، علماً أن المساهمة في الحفاظ على آثار الجولان تتم من خلال الشباب المتواجدين في الأرض المحتلة من غير الأكاديميين الذين قاموا بتوثيق كل ما يتعلق بالأماكن المحتلة، والجولان، وملكية الأراضي والمياه، إضافة إلى نشرها على موقع الكتروني، لكن هذه الممارسات والانتهاكات لن تغير من حقيقة الجولان العربي السوري، وبعد مرور 52 عاماً على الاحتلال، مازال الأهالي ومعهم الأجيال متجذرين بأرضهم، ومتمسكين بالهوية العربية السورية.
حرق ممنهج
وأوضح مدير زراعة القنيطرة السابق المهندس شامان جمعة أن العدو الصهيوني قام بعمليات حرق ممنهج لأغلب القرى السورية الحدودية، ولاسيما في منطقة حضر، بالتوازي مع قيام المجموعات الإرهابية المسلحة بتدمير مزارع الفلاحين، حيث تعرّضت مساحات كبيرة جداً من حقول الأشجار المثمرة من التين، والكرمة، والتفاح، والكرز، والتوت، للاحتراق.
وبيّن جمعة وجود مواقع حراجية أشعلت فيها النار كموقع سحيتا، التهمت أكثر من 500 دونم، ولم تتمكن طواقم مديرية الزراعة من الوصول إليها بسبب انتشار المجموعات الإرهابية المسلحة بالقرب منها، أما في المناطق الآمنة فقد نشب 12 حريقاً للموسم الماضي بمساحة 200 دونم تم حرقها نتيجة الأخطاء من قبل المواطنين، وتمت توعية الفلاحين لمخاطر هذه الأخطاء.
وأكد جمعة أن العدو الصهيوني قام باستخدام أسلحة خطاطة حارقة أطلقها باتجاه المواقع الزراعية، وأحرق هذه المواقع الحدودية، علماً أن المساحة التي لم يتم تقديرها لوقوعها بمحاذاة العصابات الإرهابية تضم أشجار الفاكهة، إضافة إلى وجود غابات، ومحميات طبيعية من أشجار الصنوبر الثمري تعتبر محمية نادرة الوجود في محافظة القنيطرة تم حرقها من قبل العصابات الإرهابية المسلحة، والعدو الصهيوني.
وأشار جمعة إلى تضرر مربي النحل من الحرب، إذ انخفض عدد خلايا النحل إلى 3 آلاف خلية فقط، في وقت تم إدخال شجرة الغار حديثاً إلى المحافظة، وتمت زراعة 800 غرسة العام الماضي في قرية العتم، ونبع الفوار، وقرية الكوم، إضافة إلى توزيع 1500 منحة للفلاحات.
وختم جمعة أنه لولا الجيش العربي السوري والقوات الرديفة لما صمد الأهالي، وقدمت المديرية عدداً من الشهداء كون دورها يتمثّل بالجيش الزراعي الذين يعملون خلف الجيش العربي السوري.
فداء شاهين