جونسون يفصل 21 نائباً من “حزب المحافظين”
فصل رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أمس، 21 نائباً من الكتلة البرلمانية لحزب المحافظين، الذي يترأسه.
جاء ذلك عقب انحياز هؤلاء النواب إلى أحزاب المعارضة، في تصويت جرى الثلاثاء، بمجلس العموم البريطاني، لصالح عرض تشريع يمنع جونسون من إتمام خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) دون التوصل إلى اتفاق مع بروكسل. ومن بين النواب المفصولين، وزيرا المالية السابقين، فليب هاموند، وكين كلارك، ووزير العدل السابق ديفيد غاوكي، وحفيد ويستون تشيرشل، سير نيكولاس سواميس.
وأبلغت إدارة الحزب، النواب الـ 21 قرار الفصل، عبر مكالمات هاتفية.
وكانت صحيفة “الغارديان” البريطانية قد نقلت، الاثنين الفائت، عن مسؤول حكومي، لم تسمه، قوله: إن “جونسون سيتعامل مع تصويت النواب على أنه تصويت حجب ثقة”، مضيفاً: إنه “سيدعو إلى انتخابات مبكرة، الشهر المقبل، في حال نجح النواب في تقديم تشريعهم لتأجيل خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي”.
وفي جولة صحافية، عنونت صحيفة “تايمز”، أمس، “رئيس الوزراء خسر تصويتاً تاريخياً”، فيما ندّدت صحيفة “ديلي اكسبرس” المؤيدة لبريكست بـ”استسلام البرلمان للاتحاد الأوروبي”، وأشار العديد من الصحافيين في مقالاتهم إلى أن بوريس جونسون “فقد السيطرة”.
لكن رئيس الحكومة المحافظ عازم على إخراج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في وقتها المحدّد، إن تمّ ذلك باتفاق أو دون اتفاق، وقد أعد هجومه المضاد، قائلاً: إن خطوة نواب المعارضة وأعضاء في حزبه المحافظ هي بمثابة “رفع الراية البيضاء”، مضيفاً: “لقد وعدنا الناس بأننا سنطبّق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وعدنا باحترام نتيجة الاستفتاء وعلينا أن نفعل ذلك الآن. هذا يكفي”.
وتابع جونسون، وسط صخب شديد: إن “الكل في هذه الحكومة يريد اتفاقاً، لكن مجلس العموم هو الذي رفض اتفاق الخروج ثلاث مرات (وقّعته رئيسة الحكومة السابقة تيريزا ماي مع بروكسل)، وهو بكل بساطة لا يمكن إحياؤه”.
يذكر أنه لم يعد رئيس الوزراء يحظى بالغالبية في المجلس، الذي يضم 650 مقعداً، لكن ذلك لا يعني سقوط الحكومة تلقائياً، ولا يحصل ذلك إلا إذا خسرت الحكومة الثقة في مذكرة تصويت رسمية.
وإذا تمكّن النواب المعارضون الخروج دون اتفاق من فرض إرجاء لـ “بريكست”، فستقوم حكومته بإخضاع مذكرة إعلان انتخابات مبكرة للتصويت في البرلمان، ويحتاج إقرار هذه المذكرة لغالبية الثلثين.
وقالت الحكومة: إنها تفضّل إجراء انتخابات مبكرة منتصف تشرين الأول، أي قبل القمة الأوروبية المقررة في 17 و18 تشرين الأول.
لكن بعض النواب يخشون من أن يغيّر جونسون موعد الانتخابات المبكرة في اللحظة الأخيرة إلى ما بعد 31 تشرين الأول، الموعد المقرر لـ “بريكست”، ما قد يجبر لندن على الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.
وتتواصل المعركة الشرسة بين النواب المعارضين لخروج دون اتفاق والحكومة أمام المحاكم.
ومن المقرّر أن تعلن أعلى محكمة مدنية في اسكتلندا عن حكمها بشأن دعوى قضائية رفعها 75 نائباً مؤيداً لأوروبا تهدف إلى تعطيل تعليق البرلمان الذي فرضه بوريس جونسون.
وقد أثار جونسون غضب العديد من النواب بتعليقه أعمال البرلمان لخمسة أسابيع، حتى 14 تشرين الأول، الأمر الذي لا يترك لهم الوقت الكافي لوقف بريكست دون اتفاق قبل موعد الخروج في 31 تشرين الأول.
وسيتسبب خروج من التكتل الأوروبي دون اتفاق بخسارة البريطانيين لـ 14.6 مليار يورو، هي عائدات صادرات إلى الاتحاد الأوروبي، وفق الأمم المتحدة.
وهذا السيناريو يقلق بشدة الأوساط الاقتصادية، التي تخشى ارتفاعاً حاداً في التضخم وتراجع الجنيه الاسترليني وبالتالي انكماش.
من جهتهم، رفض قادة الاتحاد الأوروبي إعادة التفاوض حول الاتفاق الحالي، لكن جونسون يصر أنه تمّ إحراز تقدّم، ويقول: إنه فقط مع تهديد ذي مصداقية بالانسحاب يمكنه ضمان اتفاق جديد. لكن المنتقدين لخطته يقولون: إنه ليست هناك مفاوضات رسمية مع بروكسل.
وقالت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية، الثلاثاء، إنه لا توجد بعد “مقترحات ملموسة” من لندن تتعلق بكيفية تغيير الاتفاق القائم.
وكشف جونسون أنه سيلتقي رئيس الوزراء الإيرلندي ليو فارادكار للمرة الأولى في دبلن الأسبوع المقبل لمناقشة بريكست.
إلى ذلك، أكدت المفوضية الأوروبية أن “الوقت القليل المتبقي والوضع السياسي في بريطانيا يزيدان من مخاطر خروج بريطانيا في الـ 31 من تشرين الأول دون اتفاق”، مشيرة إلى أن غرق بريطانيا في أزمة سياسية يمكن أن يؤدي إلى انتخابات تشريعية مبكرة بسبب استراتيجية جونسون المثيرة للجدل بشأن بريكست، ودعت شركات ومواطني الاتحاد الأوروبي إلى الاستعداد لكل النتائج المحتملة، وعدم الاستناد إلى فرضية أن تطلب بريطانيا تمديداً ثالثاً لموعد بريكست، ولفت بيان المفوضية إلى أن “شبكة الأمان الإيرلندية”، البند الوارد فى اتفاق بريكست، هو “الحل الوحيد” للحفاظ على اتفاق السلام في إيرلندا الشمالية والسوق الموحّدة.
وينصّ بند شبكة الأمان، كحل أخير، على بقاء كل بريطانيا في الاتحاد الجمركي لتجنّب العودة إلى حدود فعلية بين إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا، العضو في الاتحاد الأوروبي.