رداً على “عدوان نتنياهو” على المدينة والمقدسات الغضـــب الشعبــــي يعـــمّ فلسطيـــن: الخليــــل ستبقـــى عربيـــة
وسط احتجاجات فلسطينية واسعة، وفي زيارة هي الأولى من نوعها، دنّس رئيس حكومة كيان الاحتلال أراضي مدينة الخليل الفلسطينية، وذلك في سياق حملته الانتخابية لمحاولة كسب أصوات المستوطنين المتطرفين، وقال: “عدنا إلى الخليل، عدنا إلى الكنس والمدارس الدينية، عدنا إلى الحرم الإبراهيمي.. هذا انتصارنا”!، حسب زعمه، فيما قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة: إن اقتحام نتنياهو لمدينة الخليل يشكّل تصعيداً خطيراً واستفزازاً لمشاعر المسلمين، ويأتي في سياق استمرار الاعتداءات على مقدساتنا الإسلامية والمسيحية، سواء في مدينة القدس المحتلة أو مدينة خليل الرحمن”.
وأضاف أبو ردينة في بيان: “نحذّر من التداعيات الخطيرة لهذه الزيارة التي يقوم بها نتنياهو لكسب أصوات اليمين المتطرّف الإسرائيلي، وضمن مخططات الاحتلال لتهويد البلدة القديمة في الخليل، بما فيها الحرم الإبراهيمي الشريف”، وتابع: “نحمّل حكومة الاحتلال مسؤولية هذا التصعيد الخطير، الذي يهدف لجرّ المنطقة إلى حرب دينية لا يمكن لأحد تحمّل نتائجها وعواقبها”، وأكد على ضرورة تدخل المجتمع الدولي، خاصة منظمة اليونسكو، لوضع حد للانتهاكات الإسرائيلية ضد مدينة الخليل والحرم الإبراهيمي الشريف، واتخاذ ما يلزم من الإجراءات لمنعها، باعتبارها ضمن لائحة التراث العالمي.
بدوره، اعتبر المتحدث باسم حركة فتح، أسامه القواسمي، أن زيارة نتنياهو للخليل لن يغيّر من الحقيقة شيئاً، بأن الخليل بحرمها الإبراهيمي الشريف كاملاً، وبلدتها القديمة بكل أزقتها كانت وستبقى فلسطينية عربية، مشيراً إلى أن “زيارة السارق لساحة جريمته دليل على عدوانه السافر”.
وأكد القواسمي “نتنياهو يسعى لكسب أصوات المتطرفين الذين يسعون لتحويل الصراع إلى ديني، وهذا إفلاس سياسي وأخلاقي، وإعلان فشل، واقتحامه للخليل وللحرم الإبراهيمي يأتي في سياق محاولاته المسعورة للفوز في الانتخابات، واستخدام الدين كأداة في أروقة الدعاية الانتخابية، بعد فشله في تحقيق ذلك بالقوة العسكرية”.
وأعلنت وزارة التربية الفلسطينية عن إخلاء 12 مدرسة في محيط المسجد الإبراهيمي بسبب الزيارة، في وقت أغلقت قوات الاحتلال المحال التجارية في عدة مناطق في البلدة القديمة بمدينة الخليل، لتأمين اقتحام نتنياهو، وانتشرت قوّات كبيرة من الاحتلال بشكل مكثّف في محيط عدد من البؤر الاستيطانية بالخليل، كما انتشرت قوّات أخرى في محيط البلدة القديمة، وشارع الشهداء وحي تل الرميدة.
ونشر المستوطنون أغطية كبيرة في محيط المناطق، التي سيزورها نتنياهو، وذلك لحجب رؤية الأنشطة في المكان عن المناطق الفلسطينية المجاورة.
وفي وقت لاحق، أخلت قوات الاحتلال مدرسة قرطبة الواقعة في تل الرميدة، وسائر المدارس في البلدة القديمة من الطلاب وهيئاتها التدريسية، في خطوة استفزازية في إطار تهيئة المنطقة لعملية الاقتحام.
وندّدت وزارتا “الخارجية” و”الأوقاف” الفلسطينيتين بنيّة نتنياهو زيارة الخليل، وقالتا في بيانين منفصلين: إن الزيارة “عنصرية”، و”تصعيد خطير” من قبل الكيان الصهيوني، فيما انطلقت دعوات في الخليل لرفع الأعلام السوداء على أسطح المنازل رفضاً لهذه الزيارة، ووجّه نداء للأهالي بعدم التعاطي مع الزيارة، ونبذ ومقاطعة أيّ شخصية فلسطينية تحاول استقباله، في حملة تصدّي تحت عنوان “نتنياهو غير مرحّب به في الخليل”.
وقالت الخارجية الفلسطينية في بيان: إن الزيارة “استعمارية عنصرية بامتياز يقوم بها نتنياهو في أوج معركته الانتخابية في محاولة لاستمالة الأصوات من اليمين واليمين المتطرّف لصالحه”، وأشارت إلى أن الزيارة تأتي في إطار مخططات “إسرائيل” لتهويد البلدة القديمة في الخليل بما فيها المسجد الإبراهيمي.
بدورها، حذّرت وزارة الأوقاف من “خطورة الزيارة”، وطالبت في بيان صحفي المجتمع الدولي والمنظمات الأممية المختصة بـ”تحمّل المسؤولية القانونية والأخلاقية تجاه معاناة الشعب الفلسطيني في الخليل”، ووصفت الزيارة بـ”التصعيد الخطير، ومساس بمشاعر المسلمين وجرّ المنطقة لحرب دينية ستكون لها عواقب كبيرة”.
وقال فلسطينيون يسكنون البلدة القديمة في الخليل: إن سلطات الاحتلال أبلغتهم بإجراءات تضييقية تمهيداً لزيارة “نتنياهو”، كإغلاق المسجد الإبراهيمي أمام المصلين وحظر التجوال والتحرك.
وفي ردود الفعل، أكد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة، الشيخ ماهر حمود، أن من واجب الحكومات الدفاع عن الحرم الإبراهيمي، وأضاف: “نداؤنا إلى أحرار علماء الأمة هو التحرّك والوقوف في وجه العدوان”، كذلك دعا إلى التظاهر ورفع الصوت لدعم فلسطين، فيما اعتبرت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات أن مشاركة نتنياهو في اقتحام الحرم الإبراهيمي، جزء من المخطط التهويدي، واستكمال لعملية سلخه عن عروبته، وشاهد حيّ على عنصرية الاحتلال وتطرّفه.
وحمّلت الهيئة سلطات الاحتلال عواقب عمليات الاستفزاز اليومية لمشاعر الفلسطينيين، مطالبةً المجتمع الدولي والمنظمات الأممية المختصة، وفي مقدمتها “اليونسكو”، بتحمّل مسؤولياتها في حماية المقدسات ودور العبادة.
القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بدران جابر، قال: “إن أهالي الخليل يرفضون هذه الزيارة ومحاولات التوسع والاستيطان”، متسائلاً: “هل ينتظر العرب مذبحة أخرى ليقولوا إنهم مع أهل الخليل والفلسطينيين في مواجهة الاحتلال؟!”.
من جهتها، قالت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين: “إن اقتحام نتنياهو الحرم الإبراهيمي يندرج في إطار الحملة الانتخابية لكسب أكبر قدر من الجمهور، وتأتي في إطار خطوة نتنياهو وحكومة اليمين المتطرف في تهويد المقدسات والسيطرة على القدس”، ولفتت إلى أن ذلك يحتاج لخطوات عملية من القيادة الفلسطينية بسحب الاعتراف بـ”إسرائيل” ووقف التنسيق الأمني وفرض المقاطعة الاقتصادية.
كما قالت حركة المجاهدين: “نرفض أن تكون مقدساتنا لعبة في يد نتنياهو للفوز في الانتخابات”، فيما رأت لجان المقاومة أن عدوان المجرم نتنياهو واقتحامه الحرم الإبراهيمي وتدنيسه تصعيد خطير واستهتار بمشاعر المسلمين، ويأتي في إطار المزايدات الانتخابية الصهيونية على حساب الحق الفلسطيني.
الوزير حسين الشيخ قال بدوره: “زيارة نتنياهو إلى مدينة الخليل تحدٍّ صارخ للشرعية الدولية، وتكريس لعقلية المحتل الوقح، وتأتي إرضاءً لجموع المستعمرين المستوطنين قبيل الانتخابات الإسرائيلية، ولن تغيّر هذه الزيارة من حقيقة التاريخ المنقوش على جدران الحرم الإبراهيمي وأزقة وشوارع خليل الرحمن بفلسطينيتها وعروبتها”.
وتشهد مدينة الخليل عمليات تهويد واستيطان مكثفة، حيث تواصل سلطات الاحتلال توسيع المستوطنات والاستيلاء على الأراضي، مترافقاً مع عدوان متواصل من المستوطنين على الأحياء الفلسطينية في المدينة، ومنع فتح أكثر من 400 محل تجاري في شارع الشهداء وسط الخليل، وحذّرت وزارة الأوقاف الفلسطينية من خطورة ما تمر به الخليل من عمليات تهويد واستهداف، فيما أشار أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي إلى أن الاحتلال أقام مئات الوحدات الاستيطانية في الخليل ضمن حربه التهويدية على المدينة، لافتاً إلى أن هناك اقتحامات يومية لمنازل الفلسطينيين في وسط الخليل واعتداءات على الأطفال والنساء، إضافة إلى منع الاحتلال الفلسطينيين من التنقل بين أحياء المدينة.
في الأثناء، اقتحمت قوات الاحتلال بلدات وقرى في بيت لحم والخليل ونابلس وطولكرم وقلقيلية، وداهمت منازل الفلسطينيين، وفتشتها، واعتقلت 12 منهم.