بعيداً عن الحضور الشكلي والمساحات المحجوزة الخبرة والمعرفة بمتطلبات السوق السورية تدعمان الحضور النوعي للشركات الأجنبية
دمشق – فاتن شنان
راوحت مشاركة الشركات الأجنبية المشاركة في معرض دمشق الدولي بين شريحة لا تزال في طور الاكتشاف لماهية البيئة الاستثمارية السورية ودراسة طبيعتها وقوانينها الناظمة، وبالتالي اختيار آلية التشبيك مع القطاعات العامة والخاصة لدخول مضمار الاستثمار، وبين أخرى انتقلت إلى المرحلة التالية مستفيدة من مشاركاتها السابقة وتطوير خبراتها لانتقاء الفرص الثمينة عبر تكثيف وجودها وعرض أحدث التقنيات والصناعات في بلدها وأكثرها تطوراً لحيازة القبول السوري وجذب انتباهه لجهة إبرام عقود تخوله تعبيد طريق المشاركة في مرحلة إعادة الإعمار، وقد تصدر هاتين الشريحتين الحضور الإيراني والصيني، حيث تميز الجانب الإيراني بمشاركات واسعة متخصصة ومدروسة بعناية لعرض ما يتناسب مع الفرص المطروحة في السوق السورية سواء على الصعيد الإنشائي والبنى التحتية أو الصناعي والإنتاجي، في حين رغم المشاركة اللافتة للجناح الصيني ضمن القرية الصينية إلا أن معظم الشركات المشاركة ضمنه على اختلاف اختصاصاتها لا تزال في طور الدراسة والاستكشاف.
تخصص نوعي
امتاز الحضور الإيراني بدقة الاختيار لمشاركته كطرح مجموعة شركات آرت مشين عروضاً لإنشاء الصوامع المعدنية والإسمنتية، ولاسيما أن الدمار والتخريب خلال الأزمة نال من هذه القطاع الكثير، وأخرج أكثر من 15 صومعة خارج الخدمة، وشكل وفرة الإنتاج السنوي هذا العام عبئاً على الحكومة لجهة التخزين، ويبدو أن الشركات المشاركة على اطلاع بواقع الحال؛ إذ أكد مدير المشاريع لشركة محمد علي شاه ميري أن المشاركة الفاعلة تقتضي التعرف إلى متطلبات السوق السورية وتقديم عروض تتوافق مع أولويات الحكومة السورية، وقد خصصت الشركات خبراء لدراسة واقع الصوامع والصويمعات وتحديد الأنواع المناسبة وكمية الإنتاج السنوية من القمح ومختلف الحبوب، وبالتالي قدمت عروضاً لإنشاء صوامع جديدة أو ترميم وصيانة الصوامع القائمة التي أصابها الضرر خلال الأزمة، بالتوازي مع طرح مجموعة من التقنيات لإنشاء المطاحن التي تحمل قيمة مضافة تتوافق مع الظروف الاقتصادية السورية كمحركات صديقة للبيئة، وأخرى تحتوي كاتمات صوت لمنع الضجيج في المطاحن، ومحركات مزودة بحاسسات لتوفير الطاقة التقليدية للمساهمة في تخفيف العبء من استهلاك الكهرباء، وأشار شاه ميري إلى باكورة مشاركتهم في سورية كانت عبر تنفيذ عقد موقع في عام 2013 ضمن الخط الائتماني الإيراني، تمثل بإنشاء مطحنة في منطقة أم الزيتون في محافظة السويداء بطاقة إنتاجية 350 طناً يومياً من مادة الطحين، بالإضافة إلى عقد قيد التنفيذ في مدينة سلحب لإنشاء مطحنة أخرى بطاقة إنتاجية مماثلة، وأبدت الشركات استعدادها لإنشاء صوامع معدنية على وجه التحديد -كون الصوامع الإسمنتية مرتبطة بتدفق مادة الاسمنت إلى سورية وقد تلاقي بعض الصعوبات في سبيل تأمين المادة- في أية منطقة أو قرية بأحجام مختلفة وبسعات تراوح بين 5000 طن إلى 40 ألف طن، مشيراً إلى أن الميزة في المعرض الحالي هي زيارة المختصين إلى جناح الشركات بقصد جمع كافة المعلومات ومناقشة التفاصيل، منها ماهية المحركات وقيمة الطاقة المستهلكة، وقد تمت تنظيم عقود مبدئية مع القطاع الخاص.
حلول مقترحة
لم تقتصر المشاركة على العروض، بل تطرقت إلى دراسة المعوقات التي تعترض عملية التنفيذ وتقديم مقترحات تدرس من الجانبين لمعرفة إمكانية تطبيقها، إذ بين المسؤول القانوني في الشركات أن العروض المقدمة مغرية وقابلة للتطبيق، إلا أن عملية تحويل الأموال وتذبذب سعر الصرف في السوق السورية يؤدي إلى تأخر إنجاز العقود الموقعة على الرغم من التجاوب السريع والمرونة من الجانب السوري، مشيراً إلى أن إنشاء مصرف تجاري سوري إيراني قد يكون الحل الأمثل لتجاوز الحصار الاقتصادي المفروض على البلدين، وبالتالي تجاوز الإشكالية وتشجيع المستثمرين الراغبين في المشاركة في مرحلة إعادة الإعمار.
طور البداية
في المقابل وعلى الرغم من المشاركة الواسعة التي حجزها الجانب الصيني ضمن القرية الصينية في المعرض وتنوع عروضها بين القطاع الإنتاجي والصناعي، إلا أن الخبرة والمعرفة عن السوق السورية في بدايتها على الأقل لهذه الشركات ضمن القرية بحسب مسؤول الجناح أسامة محاسن، إذ بين أن هذه المشاركة هي الأولى لهذه الشركات، ولا تزال في طور جمع المعلومات ودراسة الفرص المطروحة دون الاستناد إلى متطلبات السوق السورية بشكل دقيق، مكتفية بطرح منتجات للطاقة الكهربائية والإلكترونية وبعض المنتجات التقنية، واعتبر محاسن أن الدخول الحقيقي للشركات الصينية للسوق السورية سيتم عبر القرية الصينية في مدينة عدرا الصناعية والتي سيتم الإعلان عن افتتاحها خلال الأيام المقبلة، وكشف محاسن عن رغبة بعض الشركات الصينية الدخول لمضمار التصنيع الغذائي، حيث قام مجموعة من مسؤولي الشركات خلال فترة المعرض بزيارات ميدانية لمحافظتي السويداء واللاذقية لدراسة البيئة والتعرف إلى واقع الفرص المتاحة، حيث تمت الموافقة المبدئية لبناء مصنع للعصائر المركزة في محافظة السويداء، ويتم الاتفاق على الخطوات اللاحقة.