بلا عيوب
ندرك ونحن في ظل ظروف الحرب والعقوبات الاقتصادية المفروضة أن ثمة محدودية في أسواق التصدير المتاحة، ورغم أن بعض أنواع المنتجات السورية مرغوبة في الأسواق الخارجية، إلا أن ضعف الرقابة على جودة ونوعية المنتجات السورية المصدرة وعدم مطابقتها لمواصفات ومعايير الجودة القياسية العالمية، شكل سلسلة إساءات إلى سمعة المنتجات السورية، ونذكر منها عدم كفاية المخابر الموجودة بالمنافذ لإجراء جميع أنواع التحاليل، والفحص والتعقيد والتأخير في الإجراءات اللوجستية وعدم مطابقة المستندات الرقابية خاصة الصحة والزراعة.
ومع ذلك لا يمكن إغفال ضعف القدرة التسويقية للمنتجات الوطنية والتعريف بها على المستوى العالمي، وكذلك حال الموارد البشرية العاملة في مراكز الفرز والتوضيب المعتمدة للمنتجات الزراعية المعدة للتصدير والقدرات اللوجستية فيها، إضافة إلى عدم الاستفادة بالشكل الأمثل من الإمكانات المتاحة لدى مؤسسات القطاع العام.
ولهذا جاء اقتراح وزارة الاقتصاد على الحكومة بتبسيط الإجراءات من حيث النافذة الواحدة “الإلكترونية” للتصدير، بهدف تنظيم وإدارة ملفاتها في جزئيتها المتعلقة بعمليات الاستيراد ومنح الموافقات عبر تأسيس نظام النافذة الواحدة من خلال توفير عدد من الخدمات للتجار والحكومة، التي يمكنها أن تتبنى أحد نماذج الخدمات مع القوانين والأنظمة وبحيث يمكن التوسع بها تدريجياً بما يسمح للشركاء الاستراتيجيين المعنيين بالانضمام إلى النافذة لإدارة العملية التصديرية، وتحقيق أهداف تقليص عدد الوثائق والمدة اللازم لإنجازها، والحد من تكاليف المعاملات التجارية، وتعزيز الشفافية والضوابط الإدارية، وجمع وتبويب البيانات والمعلومات المتعلقة بالتصدير، وإفساح المجال لتطوير نظم حديثة لإدارة الخدمات اللوجستية وتسهيل التواصل مع شبكات التجارة وأنظمة نقل وتبادل المعلومات مع البلدان، ولاسيما أن ثمة بروتوكول تبادل معلومات وفق نظام الأفضليات الموحد بين إدارتي الجمارك السورية والفدرالية الروسية.
ويكثر الحديث في زمن قلة التصدير وتدفقه -ونحن في زمن معرض دمشق الدولي- عن ضمان كفاية الأنظمة والسياسات والأطر لدعم جودة المنتج السوري وضرورة توفير البنى التحتية الداعمة لجودة المنتج السوري من خلال إحداث نظام الرقابة على الصادرات، والاستمرار بالعمل على تفعيل عمل اللجان لتقوم بمراقبة الفرز والتوضيب بشكل دوري ومراقبة جودة الصادرات. وهنا يجدر الحديث عن إحداث شركة الرقابة على الصادرات على المدى الطويل، مع تفعيل دور المخابر العاملة في قياس جودة المنتج السوري وتشجيعها على الحصول على اعتمادية منح شهادة الجودة الدولية، وتشجيع القطاع العام والخاص على إنشاء مؤسسات خاصة بعملية ضبط الجودة ومراقبتها.
إذاً لابد من زيادة الوعي بأهمية ثقافة الجودة من خلال تخفيض تكاليف الحصول على شهادة المطابقة التي تتضمن كل التكاليف الوقائية لضمان منتجات بلا عيوب، وتدريب وتأهيل الكوادر العاملة في المؤسسات المختصة بمراقبة الجودة، والتأسيس لنظام اعتمادي معترف به دولياً يعنى بمراعاة الشروط الواجب توافرها لمنتجات التصدير بدءاً من مرحلة الإنتاج إلى تسويق المنتج.
علي بلال قاسم