سرقة النفط السوري جريمة أمريكية منظمة
هيفاء علي
منذ بداية الحرب على سورية، بدأت عمليات سرقة النفط السورية بطريقة ممنهجة من قبل الجماعات الإرهابية المسلحة التي سيطرت على المناطق التي تتواجد فيها حقول النفط. وبعد استقدام تنظيم “داعش” الإرهابي إلى الأراضي السورية بات هو الذي يسيطر عليها وكان حتى العام الماضي، هو الذي يستغل حقول النفط في وادي الفرات، وخاصة حقل العمر، في محافظة دير الزور، التي تعرض سكانها المدنيون للإبادة على يد إرهابييه و نتيجة عمليات قصف سلاح الجو الأمريكي في شمال شرق البلاد.
هزيمة تنظيم “داعش” في آخر معقل له في الباغوز تركت حقول النفط في الجانب الغربي من نهر الفرات في أيدي قوات ما يسمى “سورية الديمقراطية” أو الميليشيات المتحالفة مع الجيش الأمريكي، ووفقاً لتأكيد مسؤول روسي كبير، فإن الولايات المتحدة هي التي اشترت أولاً النفط المهرب من “داعش” ما يؤكد العلاقات الوثيقة بينهما لاستخدام أكثر التشكيلات الإرهابية تطرفاً في ما يسمى “الجيش السوري الحر” لتنفيذ عمليات تهدف إلى سرقة النفط.
في السياق، كان الجنرال سيرجي رودسكوي ، رئيس إدارة العمليات الرئيسية في هيئة الأركان العامة للجيش الروسي قد صرح بأن الولايات المتحدة قد حشدت حوالى 2700 “مسلح” في منطقة تمتد لمساحة 51 كم2 قرب موقع التنف الحدودي الجنوبي الشرقي. تم نقل هؤلاء الإرهابيين، بمن فيهم أعضاء مما يسمى “مغاوير الثورة، وجيش القبائل الحرة” من التنف عبر طائرات هليكوبتر تابعة لسلاح الجو الأمريكي لتنفيذ عمليات تخريب وتدمير البنية التحتية النفطية.
عائدات النفط للجماعات المسلحة غير الشرعية
بالإضافة إلى تدريب المقاتلين، تشارك القوات الأمريكية التي تحتل جزءاً من الأراضي السورية في نهب حقول ومنشآت النفط في منطقة الفرات التي تعود إلى الحكومة السورية الشرعية. في الآونة الأخيرة ، تقوم الشركات العسكرية الأمريكية الخاصة بتقوية أفرادها بنشاط حيث يتجاوز عدد مرتزقة الشركات العسكرية الخاصة في سورية 3500 شخص.
ووفقاً للجنرال الروسي، فإن هذه المجموعات “نظمت إنتاج وبيع النفط السوري من حقول نفط كوناك ، العمر وتاناك الواقعة شرق الفرات ، في خطة إجرامية تهدف إلى نهب الثروة الوطنية السورية ” عائدات هذه السرقات “تم إنفاقها على دعم الجماعات المسلحة غير الشرعية ، ورشوة شيوخ القبائل العربية لمناهضة الحكومة السورية”.
في السياق يقول الصحفي الايرلندي “اكونور مكغريغور”: “اُتهمت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة بالتدخل في الخارج لصالح المصالح النفطية، خاصة منذ غزو العراق عام 2003 ، الذي أطاح بالرئيس صدام حسين بتهم زائفة. وعلى الرغم من حقيقة أن الولايات المتحدة قد حصلت على المزيد من الاستقلال في مجال الطاقة، فقد أشارت هذه الاتهامات أيضاً إلى دورها في تدخل الناتو في ليبيا الذي أطاح بالرئيس الليبي معمر القذافي عام 2011، وجهود الرئيس دونالد ترامب لعزل الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو وعزل إيران من خلال سياسة فرض العقوبات الاقتصادية”. فيما لفت رودسكوي إلى أن عمليات الشركة العسكرية الأمريكية الخاصة في سورية “تمت تحت غطاء التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب” من خلال مساعدة “داعش” على سرقة وتهريب النفط.
إن استمرار إمداد الولايات المتحدة بالأسلحة والمعدات العسكرية على الضفة الشرقية لنهر الفرات يشكل مصدر قلق كبير لأنه في مقابل الحصول على مساعدات لتهريب النفط، تعمل الولايات المتحدة على تعزيز التشكيلات الانفصالية بالأسلحة التي يستخدمونها ضد بعضهم البعض.
يضاف إلى هذا القلق احتمال عودة “داعش”، فمنذ الأسبوع الماضي، صرح وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو لقناة فوكس نيوز بأنه لا يزال هناك “حفنة” من الجهاديين في سورية بينما استقر آخرون في العراق. لكن مسؤول البيت الأبيض تجاهل حقيقة أن العديد من قادة “داعش” قد أطلق سراحهم من أفغانستان أو سورية من قبل الجيش الأمريكي وتم نقلهم بواسطة طائرات الهليكوبتر والشاحنات إلى نقاط استراتيجية مختلفة من الصحراء العراقية ، إلى المناطق الأفغانية المتاخمة للجمهوريات السوفيتية السابقة ونيجيريا.
وفقاً للمحللين الأمريكيين ، أصبح النفط المصدر الرئيسي لإيرادات “داعش” الذي تلقى في ذروة قوته ما يصل إلى 5 ملايين دولار يومياً من بيع النفط. على سبيل المثال ، في عام 2015 ، قدر الخبراء إيراداته بمبلغ 3 ملايين دولار يومياً.
على الرغم من الانخفاض اللاحق الناجم عن العمليات العسكرية الناجحة للقوات الحكومية السورية والحلفاء، فإن دخل الإرهابيين من تهريب النفط ، كان من 1 مليون دولار إلى 2 مليون دولار في اليوم. في أيلول 2017 ، عندما بدأ الجيش العربي السوري، بدعم من الطائرات الروسية، في تحرير محافظة دير الزور، شرعت القوات المسلحة الكردية أيضاً على عجل إلى هذه المنطقة. بينما كانت القوات الحكومية تخوض معارك شرسة مع “داعش” ، فإن قوات ما يسمى “سورية الديمقراطية”، التي توسطت فيها قوات الأمن والقوات الأمريكية، تفاوضت ببساطة مع الإرهابيين ، وهو ما ثبت على نطاق واسع .
العلاقات الوثيقة بين “داعش” والولايات المتحدة
تم نقل حقل العمر، مثله مثل العديد من حقول النفط الأخرى، دون قتال بعد مفاوضات بين “داعش” والقوات الأمريكية. بالإضافة إلى ذلك ، فإن مقاتلي “داعش” ، الذين يحرسون حقول النفط ، سقطوا تحت راية “قوات سورية الديمقراطية ” فيما عملت الولايات المتحدة على إنشاء قاعدة عسكرية قرب آبار الذهب الأسود ، كما ذكر ممثلو نفس الوحدات الانفصالية في ربيع عام 2018. أبلغت وكالة الصحافة الفيدرالية عن تواطؤ بين الولايات المتحدة وإرهابيي “داعش”والانفصاليين – على سبيل المثال ، في أيلول 2017 ، اتفقت الولايات المتحدة والأكراد مع الإرهابيين على نقل حقل النفط الكبير في طابية حيث يقع مصنع كوناك. وللتأكيد على ذلك، قال أسير من “داعش”: إنهم تلقوا أوامر بعدم تدمير مباني المصنع وعدم إطلاق النار على الانفصاليين بأي شكل من الأشكال. هذه المعلومات أكدها الصحفي اللبناني فراس شوفي الذي أشار إلى التواطؤ بين الإرهابيين في “داعش” والولايات المتحدة وحلفائهم في ما يسمى “قوات سورية الديمقراطية، والجيش السوري الحر”، الذين يسيطرون على مخيم الركبان للاجئين، من خلال إرهابيي “مغاوير الثورة”، الذي يعتبر بؤرة وتدريب للمتطرفين الإرهابيين، ومركزاً للتبشير للأجيال الجديدة عن طريق زراعة الكراهية باسم الجهاد المقدس.