برعاية الرئيس الأسد.. وبمشاركة 100 منظمة عربية ودولية انطلاق فعاليات الملتقى النقابي الدولي الثالث للتضامن مع سورية
دمشق- بشير فرزان:
برعاية السيد الرئيس بشار الأسد، انطلقت أعمال الملتقى النقابي العمالي الدولي الثالث للتضامن مع عمال وشعب سورية في مواجهة الحصار الاقتصادي والتدخلات الامبريالية والإرهاب والتصدي لنزعات الهيمنة الهادفة إلى زعزعة أمن الشعوب وسيادة الدول، وذلك بمشاركة 100 منظمة عربية ودولية، وأكثر من 250 شخصية نقابية وسياسية وفكرية وإعلامية من الدول العربية والأجنبية.
وفي كلمة ممثل راعي الملتقى، نقل رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس لضيوف سورية ترحيب الرئيس الأسد بهم وتمنياته للمشاركين بالتوفيق والنجاح بمهامهم النقابية والبحثية، وبما يحقق خير ومصلحة الطبقة العاملة في جميع الدول، وأضاف: إن الدول الرافضة لسياسة الإملاءات والهيمنة، والحريصة على استقلالها السياسي والاقتصادي، والراغبة باستثمار ثرواتها ومواردها الوطنية لخدمة شعبها، تتعرّض دائماً لحروب عسكرية واقتصادية وثقافية وإعلامية من قبل دول وأنظمة تعتبر نفسها وصية على العالم ومستقبله، مشيراً إلى أن سورية تتعرّض، ومنذ العام 2011، لعدوان على الأصعدة كافة، يهدف إلى تقويض مكاسب أربعة عقود من التنمية والازدهار، ويحاول النيل من إرث حضاري يعود لآلاف السنوات، مشدّداً على أن مقاومة الشعب العربي السوري، بمختلف مؤسساته وفعالياته ومكوّناته، لهذه الحرب كانت مقاومة نوعية، أسست أيضاً لنصر نوعي واستراتيجي على الإرهاب، الذي يتهدّد خطره كل شعوب الأرض، بما فيها شعوب الدول التي تدعمه وتموّله وتستثمره لتحقيق غايات وأهداف سياسية قذرة.
وأشار المهندس خميس إلى أن نجاح سورية، قيادة وجيشاً وشعباً، في مقاومة المشروع العدواني الإرهابي وهزيمته يؤسّس لمرحلة جديدة في مسيرة نضال الشعوب ومقاومتها لكل أشكال الاستغلال والهيمنة ومحاولات السطو على الثروات والحقوق، ويفتح آفاقاً رحبة لتعاون الشعوب المحبة للسلام والاستقرار، والساعية لبناء عالم يعمّ فيه الخير والاحترام بين جميع الدول والشعوب دونما تمييز أو انحياز.
وأضاف: في الوقت الذي كانت فيه القوات المسلحة تواجه الإرهاب على امتداد الجغرافيا السورية بمسلحيه ومموليه وداعميه، إقليمياً ودولياً، كانت الدولة تستكمل ما بدأته من إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية منذ سنوات ما قبل الحرب، وفي الوقت نفسه تلبية احتياجات المواطن السوري، رغم كل الظروف التي أفرزتها الحرب، من تدمير ونهب للمعامل والمنشآت الإنتاجية وحصار اقتصادي خارجي شبه كامل.
45 ألف مليار أضرار مؤسسات الدولة
وأوضح أن التقديرات الأولية تشير إلى أن كلفة الأضرار التي لحقت بمؤسسات الدولة تجاوزت 45 ألف مليار ليرة سورية، حيث تعرّض أكثر من 28 ألف مبنى حكومي للضرر، ونحو 188 معملاً وشركة صناعية حكومية للتدمير الكلي أو الجزئي، وحتى المواقع الأثرية لم تسلم من الفكر التكفيري والظلامي، حيث تعرّض أكثر من 1194 موقعاً أثرياً للتخريب والنهب المتعمدين، أما في قطاع الطاقة، بشقيه الكهربائي والنفطي، فتعرّضت 15 محطة توليد كهربائية للتدمير الكلي و10 محطات للتدمير الجزئي من بين 39 محطة كانت موجودة قبل الحرب، كذلك الأمر بالنسبة لشبكة نقل الكهرباء، إذ إن سورية كانت قبل الحرب تملك أكبر شبكة كهربائية وطنية موحّدة في المنطقة تربط شمال البلاد بجنوبها، غربها بشرقها بطول يتجاوز نحو 48 ألف كيلو متر طولي، وتعرّض نصفها تقريباً للتدمير والتخريب، وأضاف: إن قطاع النفط أيضاً شكّل هدفاً للتنظيمات الإرهابية منذ اليوم الأول للحرب، حيث تشير التقديرات الأولية اليوم إلى تضرر أكثر من ألف موقع وبناء نفطي منذ بداية الحرب، فيما تعرّض القطاع الزراعي، الذي حقق لسورية على مدار العقود السابقة اكتفاء ذاتياً في أمنها الغذائي، لضرر كبير، جعل سورية التي كانت تنتج سنوياً ما يزيد على 3.5 ملايين طن قمح تلجأ إلى الاستيراد لتأمين احتياجات شعبها، وذلك نتيجة لتخريب قطعان الإرهابيين المساحات المزروعة وحرقها وتهريب إنتاجها إلى الخارج.
وشدّد رئيس مجلس الوزراء على أنه رغم كل ذلك، فإن الدولة استمرت في القيام بواجباتها تجاه مواطنيها، فلم تتأخر يوماً في صرف رواتب الموظفين وتقديم الخدمات وتأمين السلع في الأسواق وإعادة تأهيل وإصلاح البنى التحتية والمرافق الخدمية في المناطق المحررة، ونوّه بدور الطبقة العاملة في المعركة ضد الإرهاب، حيث وقف أبناؤها جنباً إلى جنب مع الجيش العربي السوري يواصلون عملهم في معاملهم ومنشآتهم ومكاتبهم ومؤسساتهم ومدارسهم وجامعاتهم ومستشفياتهم ومخابرهم رغم القذائف الإرهابية ليسطروا ملحمة جديدة من الصمود والعطاء، وأضاف: إن أكثر من 9 آلاف عامل من مؤسسات الدولة ضحّوا بحياتهم لتستمر مؤسساتهم بالعمل، وزاد عدد الجرحى على 14 ألف جريح، فضلاً عن 3 آلاف عامل مخطوف.
ولفت المهندس خميس إلى أهمية المواقف المشرّفة للطبقة العاملة في جميع دول العالم، معتبراً أن وجودهم اليوم في دمشق هو التأكيد الأمثل على استمرار تمسّك الحركة النقابية العالمية بمبادئها وقيمها الإنسانية التي تأسست وناضلت واستمرت لأجلها، وأشار إلى أن هذا الملتقى التضامني يمثّل حلقة مهمة في مسيرة كفاح الحركات والمنظمات والاتحادات النقابية على الساحة الدولية، وفرصة لتبادل الآراء ووجهات النظر نحو توحيد المواقف والقرارات، التي يمكنها أن تحدث التغيير المطلوب في المواقف الدولية الرسمية والنقابية والشعبية لجهة التنبه إلى خطورة ما يحاك ويروّج من مشروعات لا تخدم حقوق الشعوب وتطلعاتها المشروعة، مرحباً بكل تعاون نقابي ودعمه بجميع الإمكانيات، لأن المستقبل تصنعه إرادة الشعوب وحركات تحررها.
القادري: سورية واجهت إرهاباً اقتصادياً
من جانبه، أكد رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال، جمال القادري، أن الملتقى هو تأكيد على أن السوريين ليسوا وحيدين في معركتهم مع الإرهاب، ويمثّل رسالة تضامن بالغة الدلالات مع سورية، وفي الوقت نفسه رسالة إلى المعتدين والمتغطرسين الذين موّلوا واستجلبوا الإرهاب، ويفرضون الحصار والعقوبات والإجراءات القسرية أحادية الجانب على الشعب السوري، ضاربين بشرعة الأمم المتحدة عرض الحائط، في محاولة يائسة لكسر إرادة هذا الشعب، مشيراً إلى أن الشعب السوري، وإلى جانب الحرب الإرهابية، واجه حرباً اقتصادية شكّلت إرهاباً بحد ذاته، تمثّل بالحصار الاقتصادي والإجراءات القسرية الجائرة أحادية الجانب التي فرضت عليه، مضيفاً: رغم الصعاب والتحديات وظروف الحرب استطاع شعب سورية خلال سنوات الحرب أن ينسج أسطورة صمود سيتحدّث عنها التاريخ بأحرف من نور في سبيل تحقيق نصر كنا واثقين منذ الأيام الأولى للحرب أنه سيتحقق.
مافريكوس وغصن: إلى جانب سورية
وأكد جورج مافريكوس، الأمين العام لاتحاد النقابات العالمي، دعم الاتحاد لنضال الشعب السوري ضد التدخلات الخارجية والإرهاب، معبّراً عن الفخر بالوقوف إلى جانب عمال سورية منذ اللحظات الأولى للحرب الإرهابية عليها، فيما أشار الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، غسان غصن، إلى أن ما تتعرّض له سورية من حصار وإجراءات قسرية أحادية الجانب مردّه إدراك الولايات المتحدة وحلف الناتو وأنظمة الرجعية العربية فشل مخططها في هذا البلد، مشدّداً على أهمية وضع خطة لدعم صمود شعب وعمال سورية، وكسر الطوق، وتخفيف القيود المفروضة عليها، ودعا إلى القيام بحملة إعلامية، وتحركات نقابية عملية، ومخاطبة الرأي العام العالمي لفضح سياسة الحصار الذي تمارسه الولايات المتحدة وحلفاؤها على الدول المستقلة والحرة بذرائع كاذبة، مجدّداً دعم الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب وتضامنه ووقوفه جنباً إلى جنب مع عمال وشعب سورية في مواجهة الإرهاب والعقوبات والحصار الاقتصادي.
مزهود: سورية قدّمت درساً في المقاومة
من جانبه أكد الأمين العام لمنظمة الوحدة النقابية الإفريقية أرزوكي مزهود أن الشعب السوري قدّم للعالم درساً في المقاومة والصمود ومواجهة الشدائد بالانتصار الذي حققه على الإرهاب وفروعه، وبفضل عزيمته وإرادته التي لا تقهر وسواعد عماله ستسترجع سورية عافيتها الاقتصادية ومكانتها بين الأمم، وتابع: رغم كل ما رصد من وسائل وإمكانات من أجل تفكيك سورية ومسح حضارتها المتجذّرة في تاريخ البشرية بهدف تخريبها وزرع التكفير والحقد بين أبنائها، إلا أن الشعب السوري وعماله الأبطال بشجاعتهم أثبتوا للعالم أن بذور الفتنة لا تستطيع أن تنبت فوق أرض التسامح والتعايش والسلم، فيما أكد محمد شريف داود، ممثل مدير منظمة العمل العربية، أن المنظمة كانت ولاتزال تقف إلى جانب عمال سورية في تقديم كل أشكال العون الفني والمهني.
حضر افتتاح الملتقى الرفيقان نائب رئيس الجبهة الوطنية التقدمية، محمد إبراهيم الشعار، وعضو القيادة المركزية للحزب، محمد شعبان عزوز، وعدد من أعضاء قيادة الجبهة الوطنية التقدمية، وعدد من الوزراء، ومحافظا دمشق وريفها، وعدد من أعضاء مجلس الشعب والسفراء ورؤساء وممثلي الاتحادات النقابية والمنظمات الشعبية العربية والدولية، وحشد من ممثلي النقابات العربية والأجنبية.
وتابع الملتقى فعالياته، حيث أكد المشاركون أهمية التضامن بين الشعوب في محاربة الإرهاب والتصدي للتدخلات الامبريالية ونزعات الهيمنة الرامية إلى زعزعة أمن الشعوب وسيادة الدول.
وفي كلمة له خلال الجلسة الثانية للملتقى لفت نائب وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد إلى ضرورة مواجهة الهجمة التي تمارسها الامبريالية ضد القضايا المصيرية للشعوب، وحذّر من خطورة ما يجري هذه الأيام من عمل حثيث لتصفية القضية العادلة للشعب الفلسطيني من خلال ما تسمى “صفقة القرن”، مبيناً أن الولايات المتحدة وحلفاءها وعملاءها ازدادوا شراسة حالياً لقمع تطلعات الشعوب والقضاء على منجزاتها، ودعا إلى إيجاد تضامن حقيقي بين جميع الشعوب، لأن المؤسسات الحاكمة في المجتمعات الغربية تحاول القضاء على ما تبقى من قيم كالعدالة والإنصاف لقضايا الشعوب.
ولفت المقداد إلى الدور الذي قام به النظام التركي إلى جانب الامبريالية طيلة سنوات الحرب على سورية من تسهيل لمرور أكثر من مئتي ألف إرهابي إلى أراضي الدولة السورية، مبيناً أن الغزو الأمريكي للعراق كان جزءاً من هذا المخطط، وكذلك ما جرى في مصر وتونس وليبيا، وبيّن المقداد أن من يعتقد من الدول الأخرى التي دعمت ومولت الإرهاب أنها بمنأى عما يتم من مخططات أمريكية وإسرائيلية في المنطقة فإنها مخطئة، لأن الولايات المتحدة لا تحترم حتى أقرب أصدقائها الذين يدفعون لها المليارات ولن تقبل بوجود دولة قوية في المنطقة تقف بوجه مخططاتها.