شبح الفاقة..!
بدأت مظاهر الفاقة تظهر في مناطق عديدة من مساحة الجغرافية السورية، منذرة بأيام صعبة قد تجتاح المشهد المعيشي خلال الفترة القادمة، وذلك في حال لم تحرك الحكومة ساكناً على مستويات عدة، أبرزها ضبط سعر صرف الليرة مقابل الدولار الذي تجاوز حاجز الـ650 ليرة في السوق الموازية، ورفع الرواتب والأجور بنسبة 100% كحد أدنى، إضافة إلى ضبط أسعار السلع والمواد الغذائية، ومحاسبة المتاجرين بقوت البلاد والعباد خاصة شريحة أمراء الحرب..!
لقد سقطت كل الإدعاءات الحكومية الرامية إلى تفعيل الإنتاج، ومحاسبة الفاسدين، وما شعارها “حكومة الفقراء” التي رفعته بداية عهدها سوى بروباغندا، الغاية منه استمالة الشارع في محاولة منها لكسب ثقته، إلا أن النتائج كانت عكس ما رمت إليه، بدليل تدهور الوضع المعيشي أكثر مما كان عليه، وبالتالي فقدان الثقة ببرامجها التنموية.. لنصل إلى مرحلة بتنا فيها نتحسر على الحكومة السابقة على الأقل لجهة استقرار سعر الصرف وعدم انخفاضه لمستويات غير مسبوقة..!
لا ننكر في هذا السياق حدة العقوبات المفروضة على سورية، إلا أن ذلك لا يبرر انحدار المستوى المعيشي إلى أسفل الدرك، إذ يفترض أن يكون لدى الحكومة خطط وبرامج بديلة لأي طارئ كان..!
بات الواقع المعاش أيها السادة بحاجة إلى تحرك غير مسبوق، قوامه إجراءات استثنائية لمعالجة واقع استثنائي، تقتضي أولاً مواجهة التمدد الواضح لآثرياء الحرب على الساحة الاقتصادية، من خلال قطع تواصلهم مع بعض المفاصل التنفيذية، واجتثاث كبار الفاسدين لا صغارهم، مع إعلان أسمائهم على الملأ ليكونوا عبرة لمن يعتبر.
يضاف إلى ما سبق من إجراءات أيضاً، وقف إعطاء التراخيص للاستثمارات الريعية خاصة المولات والمطاعم الضخمة، ليصار إلى توجيه رأس المال إلى المطارح الاستثمارية الإنتاجية الحقيقية، نظراً لما توفره من فرص عمل من جهة، وتحقيق إنتاج حقيقي يكفي الاحتياج المحلي، وتصدير الفائض منه من جهة ثانية..!
ونعتقد أنه إذا ما كانت الحكومة جادة بإصلاح ما دمرته الحرب، عليها الإسراع بما ورد ذكره آنفاً، فربما بذلك يتحسن الوضع المعيشي إلى مستوى مقبول بالعموم، وقد تعيد الثقة المفقودة بها من قبل المجتمع، ولعلها بذلك تسجل بعضاً من إنجازاتها في سفر التاريخ الحكومي السوري..!
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com