بومبيو يكذب بشأن إيران
ترجمة: علاء العطار
عن موقع “ذي أميريكان كونزيرفاتيف” 6 /9/ 2019
تواصل الإدارات الأمريكية المتعاقبة ليَّ الحقائق لتخلق واقعاً كاذباً في سبيل تمرير أجنداتٍ ومؤامرات لا تفيد بلادها ولا شعبها ولا أياً من دول العالم، والمستفيد الوحيد هي رؤوس الأموال التي لا تكترث ببشر أو بحجر، فالحروب بإجماع جميع الخبراء والباحثين لا تجلب سوى خسائر في الأرواح والأموال ولا تحصد أي منفعة، فأي ذريعة أو حجة تلك التي ستقنع عاقلاً بخوض حرب وهو يعلم مسبقاً أنها حيلة ومكيدة ستعود عليه بالضرر؟.
وفي هذا الصدد نشرت مجلة “ذي أميريكان كونزيرفاتيف” مقالاً بقلم الصحافي دانيال لاريسون، قال فيه: لا يستطيع مايك بومبيو الظهور في أية مقابلة دون أن يكذب، وها هو هنا يكذب بشأن إيران بقوله: “إن [الإيرانيين] يستثمرون في أنظمة صواريخ محظور عليهم امتلاكها، ويواصلون فعل ذلك– وبالفعل، لقد أعلنوا أنهم سيواصلون القيام بمزيد من البحث والتطوير فيما يخصّ أنظمة الأسلحة النووية، وهذه أمور مرفوضة”.
ولفت لاريسون إلى أنه لم يصدر عن الحكومة الإيرانية أي تصريح من هذا القبيل، وليس لدى إيران “أنظمة أسلحة نووية”، وليس لديها برنامج أسلحة نووية، ولم تمتلك أي شيء من هذا القبيل منذ أكثر من خمسة عشر عاماً. ويروّج بومبيو هنا لكذبة خطيرة للغاية، ولم يطعن أحد قط فيما يقول، كما جرت العادة، وتحاول إدارة ترامب عبثاً تضليل شعبها ليعتقد أن إيران تسعى لامتلاك أسلحة نووية رغم أن ذلك لا يحدث حقيقةً، فتقوم بلا أمانة بتشويه حقيقة ردود الفعل الإيرانية المتواضعة على انتهاكات الولايات المتحدة لخطة العمل المشتركة الشاملة، آملةً ألا يدرك الناس أن سياستها المتهورة والمدمّرة تجاه إيران فشلت وقربتنا بشكل خطير من حرب ليس لها من داعٍ.
وما أعلنت عنه الحكومة الإيرانية هذا الأسبوع تحت اسم “الخطوة الثالثة” ليس سوى أنها لن تلتزم بعد الآن بقيود خطة العمل المشتركة الشاملة التي تحدّ من البحث والتطوير، ولم تتخذ هذه الخطوة إلا رداً على الحرب الاقتصادية المستمرة التي شنّتها عليها إدارة ترامب بعد أن انتهكت الصفقة وأعادت فرض العقوبات، وكان الغرض من هذه الخطوات المحدودة والقابلة للعكس هو ممارسة الضغط على أطراف الصفقة الأخرى لتفي بالتزاماتها تجاه الصفقة، وحتى هذا التاريخ، فشل حلفاؤنا الأوروبيون بالوفاء بالتزاماتهم، لذا تواصل إيران اتخاذ هذه الخطوات.
وضرب الكاتب مثالاً مقالاً نُشر في صحيفة نيويورك تايمز يلفت الانتباه إلى وجهة نظر أخرى مهمّة، وهي أن “إلغاء القيود المفروضة على البحث والتطوير ينتهك أحد المبادئ الأساسية للاتفاقية، لكنه لا يقرّب الإيرانيين بالضرورة من امتلاك القدرة على صنع قنبلة”.
تواصل إيران تقليص تقيُّدها باتفاقية نكثتها الولايات المتحدة منذ أكثر من عام، وستواصل فعل ذلك طالما أبقت الولايات المتحدة على العقوبات التي فرضتها، وهذا لا يعني أن إيران ستشرع في السعي لامتلاك أسلحة نووية، ومن المهمّ فهم أن أياً من هذا ما كان ليحدث لولا أن الولايات المتحدة حنثت بوعدها وانتهكت الاتفاقية أولاً، وإن خفّفت الولايات المتحدة العقوبات أو رفعتها، فمن المرجح أن تردّ إيران بالمثل عبر التراجع عن بعض الإجراءات التي اتخذتها مؤخراً، وبالطبع، ترغب إدارة ترامب بإجبار إيران على الخروج من خطة العمل المشتركة الشاملة بحكم أنها تريد للاتفاقية الانهيار، وهي تروم ذلك بدافع أنها تراها عقبة أمام إيجاد ذريعة تبرّر النزاع.
وختم لاريسون باعتباره سياسة الإدارة تجاه إيران فشلاً ذريعاً، ذلك أنها أدّت إلى زيادة التوترات بلا داعٍ بين الولايات المتحدة وإيران على حساب البلدين، والطريقة الوحيدة التي تمكّن بومبيو من إقناع الشعب بهذه السياسة هي أن يستمر في الكذب بشأن إيران والصفقة النووية حتى يُصَدَّقْ!.