“غور الأردن” والعقيدة التلمودية
لم تكن مجرد مصادفة انتخابية أن يعلن رئيس وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو ضم غور الأردن نهائياً إلى السيادة الصهيونية في حال تمّ إعادة انتخابه على رأس السلطة في كيان العدو، فالقضية بالنسبة لقادة العدو هي مسألة مصيرية لا يمكن التنازل عنها، والدليل أن جميع المتنافسين في انتخابات الكنيست الصهيوني، التي ستجرى خلال الأيام القادمة، قدّموا الموقف نفسه من القضية، ولكن الذي يثير التساؤلات لماذا الآن أراد نتنياهو التأكيد على هذا الموقف الصهيوني الآن، هل هو مرتبط فقط بوضعه التنافسي في الانتخابات، أم أنه يأتي في سياق ما بات يسمى بـ”صفقة القرن”؟.
وفق العقيدة التلمودية الصهيونية، فإن أرض الضفة الغربية أو ما يسمى بـ”يهودا والسامرة” يجب أن تبقى تحت السيادة الإسرائيلية، لأنها ستكون الممر الإلزامي لبناء “الهيكل” المزعوم، وظهور المسيح المخلص وفق اعتقاداتهم، وبالتالي فإن “التنازل” عن الضفة الغربية هو مخالفة للفتاوى الدينية التي أطلقها الحاخامات، وممنوع تحت أي مسمى، وهذا ما يفسّر تهافت المتنافسين في الانتخابات على التأكيد عليه طمعاً منهم بكسب المزيد من أصوات اليمين المتشدد.
وبالنسبة لنتنياهو، الذي يعتبر نفسه من جيل القادة الكبار في كيان العدو، وآخر ملوك “بني إسرائيل”، كما تسميه الصحافة العبرية، فإن تصريحه عن ضم غور الأردن يأتي في سياق محاولته الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من أصوات اليمين المتشدّد في صراعه مع حزب أرزق أبيض، الذي يقوده جنرالات قوات الاحتلال الإسرائيلي، والتأكيد أمامهم أنه الوحيد القادر على صناعة مجدهم وتحقيق حلمهم في قيام “دولة يهودية” على أرض فلسطين المحتلة، على الرغم من كل المشكلات التي تلاحقه ولاسيما قضايا الفساد، فخلال فترة حكمه تم إقرار ما يسمى قانون القومية، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، واعتبار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنها عاصمة أبدية للدولة المزعومة، كما وتحصّل من ترامب نفسه ..الاعتراف.. أيضاً بقانون ضم هضبة الجولان السورية المحتلة إلى السيادة الصهيونية، واليوم يأتي الدور على غور الأردن.
وفي الوقت ذاته فإن الإعلان عن ضم غور الأردن يأتي في سياق تطبيق ما يسمى بـ”صفقة القرن” التي يرعاها ترامب، والتي من المتوقّع الإعلان عنها، وفق الصحف الصهيونية، بعد انتهاء انتخابات الكنيست بيوم واحد فقط، وبالتالي فإن ترامب وصهره ومن يؤيدون الصفقة المشبوهة من مسؤولين عرب وأجانب يعوّلون كثيراً على فوز نتنياهو في الانتخابات للمضي قدماً بتنفيذها، ولكن هل تنتهي القضية بضم القدس المحتلة والأغوار والجولان؟.
ما هو مؤكّد أن الحالة الفلسطينية والعربية الرسمية في حالة يرثى لها، والدليل الواقع الحالي الذي نعيشه، حيث لا يتوقّف نتنياهو عن التأكيد أن العلاقات الصهيونية الخليجية اليوم هي بأفضل حالاتها، ولا يكفي سوى الإعلان الرسمي عنها، وربما قد تكون قريبة في حال فاز نتنياهو بولاية خامسة في الحكومة، ولكن الشعب الفلسطيني ومقاومته يرفضون هذه المخططات، ويؤكدون أنها لا تساوي الحبر الذي تكتب به، وبالتالي فإن الصراع مستمر، ولن تستطيع أي قوة في العالم التصرّف بالحق الفلسطيني دون موافقة الشعب الفلسطيني، وهذا ما لن يحصل طالما هناك فلسطيني واحد.
سنان حسن