صوت العمال!
لاشك أن الاتفاق على أن العمال يعملون اليوم بالحالة الوطنية لا بالأجر الممنوح لهم.. يمثل إدانة مباشرة للأداء الحكومي وخاصة في أهم قضية تشغل الرأي العام في بلدنا والمتمثلة بزيادة الرواتب والأجور التي وضعت السياسات الاقتصادية على المحك وتحديداً مع ضياع هوية الاقتصاد السوري، وهذا ما أحرج أصحاب القرار الذين أخفقوا إلى الآن في ضبط الأسعار ضمن حدودها الطبيعية المقبولة والمتناسبة مع دخل الشريحة الأكبر في المجتمع التي وللأسف تعيش تحت وطأة أخطاء السياسة المالية.
وبصراحة لقد أهدر الفريق الاقتصادي فرصة استعادة الثقة بإجراءاته، خاصة مع تباطؤ خطواته التنفيذية وتشتت مساراته المعيشية بشكل يعزز من حقيقة الانتكاسة الواضحة في المؤشرات الإيجابية التي باتت نقطة خلاف واختلاف مابين النقابات العمالية والحكومة، فالمواجهة التي تشتعل خلال اللقاء المتكرر في مجلس الاتحاد العام أضحت مربكة بحقائقها ومطالبها المحقة للجهات المعنية التي لا تملك إجابات واضحة، وتلجأ إلى التسويف والمماطلة بشكل يدعو للتساؤل عن جدية الحكومة في الالتزام بوعودها ومصداقيتها في أن كل ما يطرح له مكان في أجندة عملها.
وما يصعد من سخونة المواجهة أن التدرج الموعود في الانتقال نحو أجواء أكثر أمانًا من الناحية الاقتصادية والمعيشية لايزال محفوف المخاطر وغير موثوق النتائج، والحقيقة التي لا تغيب عن الأذهان أنه رغم تعدد العناوين والملفات التي تضعها النقابات العمالية على طاولة الحكومة، إلا أنها لم تستطع تحقيق تقدم ملحوظ على الجبهة المعيشية؛ فقد بقيت المداخلات العمالية التي تجمع مابين الفكر النقابي المشحون بالمطلبية والرؤية الأكاديمية العميقة دون أي نهايات أو حلول لما تطرحة من مشكلات، وبشكل يحبط تطلعات الشارع السوري بأي تغيير جوهري وحقيقي في الرواتب والأجور. مثلاً نظراً لغياب الفهم الحقيقي لهذه المعضلة المالية التي أسقطت شرائح لا يستهان بعددها في ظلمة الفقر المدقع والجريمة والانحلال الأخلاقي الذي يساعد على تدمير البنية الاجتماعية والفكرية والاقتصادية للمجتمع السوري.
وبالمحصلة الموقف النقابي الذي يسود خلال مجالس الاتحاد يحشد دائماً على جبهة عدم الرضى عن الأداء الحكومي، بل وصل الأمر في بعض المواجهات إلى مرحلة الاشتباك المباشر مع مفاصل العمل التنفيذي بما ينذر برفع الغطاء عن وقائع تقصيرها في مهامها وواجباتها وإدانتها بالعجز وبشكل يعزز احتمال حجب الثقة النقابية عنها.
وطبعاً اجتماع غد سيكون غنياً بالمطالب العمالية التي تدور في فلك مواجهة مابين مؤسسة نقابية لديها من الإمكانات ومن الكادر ما يمكنها من رصد الواقع بكل حالاته وتجلياته السلبية والإيجابية الإدارية والإنتاجية والعمالية، وبين مؤسسة تنفيذية ستكون في موقف محرج إذا لم تحمل معها الحلول أو المبررات الموضوعية في الكثير من الملفات، كالتعامل مع متممات الراتب كبديل عن الزيادة المباشرة للأجور، وكذلك الحال في إصلاح القطاع العام الصناعي ومكافحة الفساد وغيرهما من الملفات العالقة في جوارير المكاتب الحكومية التي تقفل أمام الأصوات النقابية العمالية التي تطالب بالحلول.
بشير فرزان