“الكتب النادرة في مكتبة الأسد الوطنية ومطابعها”.. في ندوة
حملت الندوة التي أقيمت أمس ضمن فعاليات معرض الكتاب عنوان “الكتب النادرة في مكتبة الأسد الوطنية ومطابعها” وأدارها مدير المكتبة إياد مرشد الذي أوضح أن معرض الكتاب ليس فقط طقساً احتفالياً أو سوقاً لبيع الكتب فـالهدف الحقيقي منه تأكيد هويتنا الحضارية.
المخطوطات العربية
بدأت الندوة مع رئيسة قسم المخطوطات في المكتبة أمينة الحسن التي تحدثت حول “أهم المشكلات والتحديات في توثيق المخطوطات العربية” فقالت: المخطوطات ثروة فكرية إنسانية وتاريخ أمة ونتاج حضارة وكنز عقلي ومعرفي، وهي ذاكرة الأمة والوعاء الذي حفظ لنا نتاجات الفكر العربي وكانت إرثاً عظيماً من أجدادنا الذين قضوا جل عمرهم في العلم والتحصيل، فقدموا تراثاً غزيراً متنوعاً في شتى العلوم وهي كل ما كتب بخط اليد قبل نشأة الطباعة سواء كتبت على ورق البردي أو رق الغزال، ونظراً لأهميتها عمل المخلصون للتراث على فهرستها، موضحة أن الفهرسة بمثابة هوية لها وهي آلة يتقنها من له علم ودراية بقراءة الخطوط وعمل المفهرسون على إتاحتها للباحثين والمحققين وأعدوا لها فهارس بطاقية ووصفية ولابد من إعداد من يعمل في ميدان الفهرسة للمخطوطات إعداداً جيداً، فهذا التراث يتطلب قلوباً مخلصة وخبرات متخصصة لتظهر إلى النور بدون شوائب أو أخطاء، ولابد أن يحاط المفهرس ببيئة ثقافية وزاد علمي متعدد الجوانب وينبغي تدريبه بإشراف خبراء متخصصين وأن يتزود بمعلومات عن المستجدات من طرائق الفهرسة ويلم بمعرفة أنواع الخطوط وأساليب النساخ، وعليه قراءة النص قراءة واعية ومواجهة كل المشاكل التي تواجهه بالمعرفة، ولعل أهمها مشكلة “العنوان” فالخطأ في العنوان يؤدي إلى فقدان هوية المخطوط، بالإضافة إلى أخطاء أخرى مثل نسبة بعض المخطوطات إلى غير مؤلفها والخلل المتعلق بترتيب أوراق المخطوط أو الأخطاء داخل النص، وختمت بالقول إن التلاعب بالمخطوطات وتزويرها ممارسة قديمة وجدت من ضعاف النفوس الذين يسعون للكسب المادي أو الشهرة وأعتقد أنه بفضل العاملين المخلصين والمحبين للتراث قد قل انتشاره.
تاريخ الطباعة
من جانبها أوضحت الباحثة هبة المالح في حديثها عن “تاريخ الطباعة العربية وأهميتها” أن الكتاب مادة استخدام يومي في المجتمعات الحديثة إذ يرافق الفرد منذ طفولته ويستمر معه أثناء مراحل تعلمه وينتقل معه في حياته المهنية وفي ملء أوقات فراغه، وللأفراد ارتباط نفسي بالكتاب من خلال أشكال طباعته وطرق انتشاره، والطباعة هي الشعاع الذي أنار للبشرية طريقها ويعد ظهورها إعلاناً على نهاية الثقافة الشفهية، وهي المغامرة الثورية للإنسان التي منحته التملك للإنتاج الفكري والإبداع المعرفي، والطباعة في اللغة هي ترك أثر لمؤثر ما على أي السطوح أو المجسمات المختلفة، فلابد من وجود السطح الذي سيتم الطباعة عليه سواء أكان ورقاً أم معدناً أم خشباً، كما يجب أن تتوافر التصميمات التي نقوم بطباعتها ولابد من توافر الحبر الطباعي ووسيلة الطباعة وهي الماكينات، وترى المالح أن كل ما وصل إليه الإنسان من حضارة إنما يعود إلى معرفته لفن الطباعة فإذا كان الكتاب هو حافظ للإنجازات الإنسانية، فالطباعة هي سبب وجود الكتاب وهي التقنية الأكثر فاعلية في تاريخ الإنسانية، وأما عن نشأة الطباعة فلفتت المالح إلى أن البدايات الأولى لاختراع الطباعة تعود للصينيين، أما في أوروبا فقد بدأت الطباعةعلى يد المخترع الألماني (جوتنبرغ) وكان يتمتع بإرادة قوية وحيوية كبيرة أبقى اختراعه سراً في البداية وبدأ تجاربه على الطباعة عام 1438، ثم انتقلت إلى فرنسا وهولندة وإنكلترا ويعد القرن السادس عشر العصر الذهبي للطباعة في أوروبا وقد ظهرت الطباعة العربية فيه، أما سبب نشأة الطباعة في أوربا فحسب الباحث قاسم السامرائي أن الطباعة العربية مرتبطة بصناعة الورق أولاً والتنصير ثانياً والهيمنة الاستعمارية ثالثاً وتطور الإستشراق، مبينة أنه في المطابع الأوروبية ظهر أول كتاب عربي مطبوع في إيطاليا عام 1514 قبل أن يظهر أول كتاب عربي مطبوع في المشرق، وكانت الدول الأوربية تتنافس في طبع نفائس الكتب العربية، وتعد الأستانة أول من أخذ فن الطباعة من أوروبا وقامت فيها أول مطبعة في الشرق، منوهاً إلى أن لبنان أول بلد عربي عرف الطباعة وأما أول مدينة شرقية نشأت فيها مطبعة عربية فقد أحرزت حلب مجداً وتم اختيارها أول مطبعة بحروف عربية وكان ظهور الحروف العربية لأول مرة في حلب في العشر الأول من القرن 18، وكتاب المزامير هو أول كتاب طبع فيها سنة 1706، وثم تحدثت المالح عن أهم المطابع في دمشق مشيرة إلى أن الكتاب النادر هو الكتاب القديم بطبعته الأصلية النافذة من الأسواق مدة طويلة مع وجود حرص شديد على اقتنائه لما يمتاز به وهناك مجموعة كتب نادرة اقتنتها مكتبة الأسد الوطنية.
لوردا فوزي