درجة أولى “دافئة” وثانية “باردة” بالمحروقات!
لم تتوانَ وزارة النفط والثروة المعدنية عن المضي في تنفيذ ما صرحت به حول توزيع المشتقات النفطية غير المتكافئ والمفتقد للعدالة في التوزيع، ولمبدأ المساواة للمواطنين في الحقوق.
وبالفعل بدأت عمليات تعبئة مازوت التدفئة للمواطنين بواقع 200 ليتر تمنح لمن حصل على البطاقة الذكية من دمشق، و100 ليتر لمن حصل عليها من بقية المحافظات، أو سُجل لدى اللجان المكلفة بذلك في حال عدم توفر البطاقة الذكية، ولعل أقرب الأمثلة للتفاوت واختلاف المعاملة في توزيع المازوت، محافظة ريف دمشق، والتي تعتبر الأكثر برودة والأشد حاجة للمازوت من دمشق، حالها حال معظم أرياف سورية.
المثير في الأمر أنه يتجاوز مبدأ الشفافية والعدالة والمساواة، وتعمل وزارة النفط على تجاهل كل الإشارات التي قمنا بإرسالها وتبيانها حول الموضوع، غير آبهة بالتفاعل الكبير من قبل المواطنين حول الموضوع وشعور الناس بالحيف والظلم، ولم تكن الوزارة عبر بعض مسؤوليها موفقة في التبرير، فحجة تحقيق المزيد من التوزيع على شريحة أكبر من خلال تقليل مخصصات الريف وبقية المحافظات غير منطقي؛ لأنه يستثني دمشق من ذلك، وبالتالي تسقط هذه الحجة تماماً.
من جهة أخرى لا تدعم اعتبارات الجغرافيا والمناخ قرار الوزارة هذا، فالمحافظات الداخلية والأرياف أشد برودة من مدينة دمشق، وهي بحاجة إلى كمية مضاعفة خمس مرات على الأقل عن تلك المخصصة لها الـ(100) ليتر- إن حصل عليها أصلاً – وبالتالي فكل الاعتبارات تؤيد ضرورة تراجع الوزارة عن هذا التقسيم، فإما تطبيق المعيار على دمشق بواقع 100 ليتر، أو زيادة مخصصات بقية المحافظات إن كان ذلك ممكناً في ظل ظروف الحصار وقلة المادة.
يضاف إلى هذا الشق موضوع الكيل بمكيالين لدى الوزارة ولجان المحروقات في المحافظات موضوع منح باصات النقل العام العاملة على الخطوط التي تربط بعض المحافظات بمدينة دمشق كميات متفاوتة من مخصصات البنزين، وطبعاً الزيادة دوماً تكون لصالح من قيود مركبته في دمشق؛ ما يعني أن ظاهرة التفاوت واضحة ومتكررة ولا شفافية في طرحها، ولا مبرر لها.
ويبقى المطلوب إعادة النظر في القرارات المتخذة بهذه الشؤون وتحقيق العدالة في التوزيع والمساواة في الحقوق بين المواطنين السوريين في كافة المحافظات وعدم إطلاق الردود الصحفية غير المقنعة في مثل هذه الحالات الحساسة، كي لا يترسخ مبدأ “مواطن درجة أولى ومواطن من درجات أخرى”.
بلال ديب