دفعة جديدة من المهجّرين تعود من مخيمات اللجوء في الأردن إرهابيو “النصرة” يواصلون اتخاذ المدنيين في إدلب دروعاً بشرية
واصل تنظيم “جبهة النصرة”، والمجموعات الإرهابية التي تتبع له في إدلب، لليوم السادس على التوالي، اتخاذ المدنيين دروعاً بشرية، ومنعهم من الخروج عبر ممر أبو الضهور بريف إدلب الجنوبي الشرقي، فيما واصلت ميليشيا “قسد” الانفصالية، المدعومة من قوات الاحتلال الأمريكية، إجراءاتها التعسفية بحق المدنيين في مدينة الحسكة وعدد من المدن والبلدات والقرى التي تنتشر فيها، واختطفت عدداً من الشباب، ومنعت التجوال على الدراجات النارية، التي تشكّل واسطة نقل لكثير من المواطنين.
يأتي ذلك، فيما عادت دفعة من المهجرين عبر مركز نصيب الحدودي قادمين من مخيمات اللجوء في الأردن إلى مناطق سكنهم الدائمة في درعا، بعد دحر التنظيمات الإرهابية عنها بفضل تضحيات الجيش العربي السوري، في وقت أكد رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس الدوما الروسي ليونيد سلوتسكي أنه لا يمكن السماح ببقاء إدلب وكراً للإرهابيين، الذين يستهدفون السكان فيها وفي المناطق المجاورة، وينتهكون اتفاق منطقة خفض التصعيد.
وفي التفاصيل، منع إرهابيو “النصرة” المدنيين من الخروج الى المناطق الآمنة عبر ممر أبو الضهور بريف إدلب الجنوبي الشرقي، لليوم السادس، وذلك بغية اتخاذهم دروعاً بشرية في المناطق التي ينتشرون فيها بمحافظة إدلب، فيما جهّز الجيش العربي السوري، بالتعاون مع الجهات المعنية، عدداً من سيارات الإسعاف والنقل العامة على طرف الممر الآمن بانتظار خروج المدنيين لنقلهم إلى مركز الإقامة المؤقتة، كما أقام نقطة طبية لاستقبال المرضى وتقديم العلاجات اللازمة لهم.
وجهّزت الجهات المعنية، بالتعاون مع وحدات الجيش، خلال السنوات السابقة، ممرات إنسانية في عدد من المناطق على امتداد جغرافيا الوطن، وأمّنت خروج مئات آلاف المدنيين منها حفاظاً على حياتهم، وتمّ نقلهم إلى مراكز الإقامة المؤقتة المزودة بجميع لوازم الإقامة قبل إعادتهم إلى منازلهم بعد تحرير تلك المناطق بفضل بطولات الجيش وتأمين البنى الأساسية فيها.
في هذه الأثناء، ذكرت مصادر أهلية أن دوريات من ميليشيا “قسد” والأسايش نصبت كمائن وحواجز في مدينة القامشلي وريفها القريب، لليوم الثالث على التوالي، واختطفت عدداً من الشباب لسوقهم إلى معسكرات التجنيد القسري في صفوفها، في الوقت الذي فرضت فيه حظر استخدام الدراجات النارية في المدينة، ما يشكّل أعباء إضافية على المواطنين الذين لا يجدون حلاً لمشكلة النقل في ظل الإجراءات التي تتخذها تلك الميليشيات من تقطيع المناطق ومحاصرة بعض الأحياء بحجة البحث عن الرافضين للخدمة في صفوفها وغير ذلك الكثير من الحجج الواهية التي تشكل اعتداء سافراً على الحريات العامة في المدينة.
وفي مدينة رأس العين لفتت المصادر إلى أن الميليشيا تواصل اختطاف عدد من الشباب من أهالي المدينة تمهيداً لسوقهم عنوة إلى معسكرات التدريب للانضمام إلى صفوفها، حيث داهمت منزلي شابين من أبناء المدينة واختطفتهما أمام أعين ذويهما، بينما أقدمت دورية تابعة لميليشيا “الأسايش” على اختطاف أحد وجهاء قبيلة الشرابيين في ناحية معبدا التابعة لمدينة المالكية بتهمة زواجه من امرأة ثانية.
يأتي ذلك فيما عادت دفعة من المهجرين عبر مركز نصيب الحدودي قادمين من مخيمات اللجوء في الأردن إلى مناطق سكنهم الدائمة في درعا بعد دحر التنظيمات الإرهابية عنها بفضل تضحيات الجيش العربي السوري، وأمّنت الجهات المعنية كل التسهيلات للعائدين من وسائط نقل وشاحنات لنقلهم مع أمتعتهم إلى مناطق سكنهم التي تركوها نتيجة اعتداءات التنظيمات الإرهابية قبل اندحارها إضافة إلى سيارات إسعاف لتقديم الخدمات الطبية للمحتاجين.
وأشار رئيس مركز هجرة نصيب العقيد مازن غندور إلى أن عدد العائدين بموجب تذاكر مرور منذ منتصف تشرين الأول الماضي حتى اليوم بلغ 28 ألف مواطن، مؤكداً أن العاملين في مركز نصيب يقومون باستقبال العائدين وتقديم الخدمات اللازمة لهم.
عبد الحكيم برغش من مدينة إنخل بريف درعا أكد أن العودة إلى الوطن، التي تمّت بفضل بطولات الجيش العربي السوري، هي بمثابة ولادة جديدة، داعياً المهجرين إلى العودة إلى حضن الوطن والمشاركة في إعادة الإعمار.
زكي القاسم العائد إلى المدينة ذاتها عبّر عن فرحه بالراحة النفسية التي شعر بها فور وصوله إلى أرض الوطن بعد تهجير قسري استمر لعدة سنوات، مؤكداً أنه سيعمل على إعادة اطفاله للمدارس والمشاركة في تأهيل ما دمره الإرهاب.
ووصفت إلهام القاسم العائدة إلى منزلها في إنخل معاناتها مع التهجير بالمريرة، مشيرة إلى أن الوطن أغلى ما يملكه الإنسان، بينما لفت محمد ابراهيم العائد من بلدة الغارية الغربية إلى أن خروجه من سورية كان بسبب الإرهاب والأوضاع المعيشية الصعبة التي فرضتها العصابات المسلحة، مؤكداً أن عودته بمثابة ولادة جديدة بعد معاناة مريرة مع التهجير.
وأشار ولده عبد الله إلى المعاناة في مخيمات اللجوء والسجن القسري الذي فرض عليه، مؤكداً أنه سيعود فوراً إلى مقاعد الدراسة.
بالتوازي، عثرت الجهات المختصة، بالتعاون مع وحدات من الجيش، خلال أعمال تمشيط القرى والبلدات التي تمّ تحريرها من الإرهاب مؤخراً في ريف حماة الشمالي على مدافع وذخائر من مخلفات التنظيمات الإرهابية المندحرة من المنطقة، وذكر مصدر في الجهات المختصة أنه خلال متابعة أعمال تمشيط المناطق المحررة من الإرهاب حفاظاً على حياة المدنيين وعودة آمنة لهم إلى قراهم ومنازلهم تمّ العثور في مزارع بلدة كفرزيتا بالريف الشمالي على سبعة مدافع هاون وجهنم من مخلفات تنظيم “جيش العزة” الإرهابي، وأشار إلى أنه من بين الأسلحة المضبوطة أيضاً قذائف دبابات وكميات من الذخيرة المتنوّعة.
دولياً، أكد مكسيم غريغورييف مدير صندوق الأبحاث ومشكلات الديمقراطية الروسي أن “الخوذ البيضاء، التي تصوّر نفسها كمنظمة غير حكومية، نشرت بشكل منهجي كماً كبيراً من المعلومات الكاذبة عن سورية.. ولكن تحقيقاً شاملاً يسمح لنا أن ندحض تماماً هذه المعلومات حول الهجمات الكيميائية التي يتهم بها مقدمو المعلومات الكاذبة بشكل منتظم الحكومة السورية”.
وتأسست جماعة “الخوذ البيضاء” في تركيا عام 2013 بتمويل بريطاني أمريكي.
وأضاف غريغورييف: “إن الصور التي تظهر بشكل منتظم على وسائل التواصل الاجتماعي تؤكد أن “الخوذ البيضاء” منخرطة مباشرة في هجمات إلى جانب المجموعات المسلحة في سورية”، موضحاً أنه “في مناسبات معينة استخدمت الخوذ البيضاء جثث الرهائن الذين أعدمهم الإرهابيون لتسجيل أشرطة فيديو والتقاط صور لهجوم كيميائي مزعوم كما تمّ إعدام أشخاص بمن فيهم نساء وأطفال عمداً من أجل هذا الغرض”، وتابع: “إننا لن نجد متطوعين في صفوف هذه الجماعة حيث إن عمالها يحصلون على أتعاب شهرية لقاء خدماتهم”، مشيراً إلى الروابط بين جيمس لي ميزوريه المؤسس المشارك لهذه الجماعة والاستخبارات البريطانية.
وبين غريغورييف أنه ومن أجل الإعداد للمسح الذي قام به الصندوق تم إجراء لقاءات بعدد كبير من القاطنين في مناطق انتشر فيها عناصر من جماعة “الخوذ البيضاء” الإرهابية.
وفي موسكو، أكد رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس الدوما الروسي ليونيد سلوتسكي أنه لا يمكن السماح ببقاء إدلب وكراً للإرهابيين الذين يستهدفون السكان فيها وفي المناطق المجاورة وينتهكون اتفاق منطقة خفض التصعيد، وأوضح، على صفحته في موقع فيسبوك، أن الولايات المتحدة تحافظ على تواجدها العسكري غير الشرعي في منطقة الجزيرة السورية رغم أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن اعتزامه سحب قواته من هناك، وهذا ما يشكل اليوم العقبة الأساسية على طريق استعادة وحدة سورية وسلامة أراضيها.
وشدّد البرلماني الروسي على ضرورة إبداء مساعدة واسعة النطاق لسورية ومواصلة عملية التسوية السياسية للازمة فيها ما يمهد بالتالي لعودة المهجرين السوريين إلى بلدهم.
من جانبه أعلن رئيس المركز الوطني لإدارة الدفاع في روسيا الجنرال ميخائيل ميزينتسيف أن وجود الولايات المتحدة وحلفائها غير الشرعي في سورية يزيد من تعقيد الوضع الأمني فيها، مؤكداً أنه لا يمكن إشاعة الاستقرار في سورية بالكامل إلا بعد سحب القوات الأمريكية من هناك وإعادة المناطق التي تنتشر فيها إلى سلطة الدولة السورية، وأضاف: “ما تمارسه الولايات المتحدة وحلفاؤها من سياسة ازدواجية المعايير يعطي الحق الكامل لطرح مسالة أعمالها غير الشرعية في أراضي الدولة السورية ذات السيادة للبحث فوراً أمام مجلس الأمن الدولي”، ودعا المفوض السامي لمنظمة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لإدراج هذه المسألة على جدول أعمال الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة حالياً.