“إسرائيل” المعطلة بفعل المقاومة
منذ عام تقريباً، لا يزال كيان العدو الصهيوني، بكل أحزابه السياسية وشخصياته وجنرالاته، غير قادر على الخروج من حالة الفراغ السياسي التي أدخلته بها المقاومة الفلسطينية بعد عملية الهجوم على قافلة الجنود الصهاينة شرق قطاع غزة، والتي أدّت حينها إلى استقالة أفيغدور ليبرمان من حكومة نتنياهو، وانفراط عقد الائتلاف الحكومي، والدعوة إلى انتخابات مبكرة، حيث لا تزال القوى السياسية الإسرائيلية عاجزة عن تشكيل حكومة جديدة، رغم تنظيم دورتي انتخابات للكنيست، الأمر الذي أدّى إلى تعطيل الحياة السياسية، وجعل الكيان مرتهناً لحكومة انتقالية لا تستطيع اتخاذ قرارات كبرى على أي صعيد، وطرح أيضاً العديد من التساؤلات الجوهرية حول ماهية الكيان الصهيوني، وقدرته الفعلية على الخروج من حالة الضعف التي بلغها، أم أننا بالفعل أمام مرحلة مصيرية في عمر الكيان الغاصب، ربما تقوده حتماً إلى الانهيار والتفكك؟.
خلال سنة مضت رمت الإدارة الأمريكية بكل ثقلها لتكريس بنيامين نتنياهو الشخص الأول الذي يستطيع إنجاز ما هو مطلوب منه “إسرائيلياً” فيما يخص “صفقة القرن” التي تعتزم إدارة ترامب طرحها، وهي أي –الإدارة الأمريكية- تنتظر ولادة حكومة صهيونية جديدة للإعلان عنها.. فقام ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، واعترف بها عاصمة أبدية للكيان، واعترف بسيادة الكيان على الجولان السوري المحتل، وضم غور الأردن.. إلخ، ولكن على الرغم من كل ذلك فشل نتنياهو في امتحانين انتخابيين في صرف هذا الدعم ليكون زعيماً مطلقاً، لا بل فشل “الليكود” في الدورة الثانية التي أعلنت نتائجها أمس في أن يكون الحزب الأول في الانتخابات بفارق مقعد عن حزب أبيض أزرق، والأهم انقسام غير مسبوق في الشارع السياسي الصهيوني، وتنازع القادة الصهاينة لتحقيق مكاسب من الأطراف المتنافسة لكسب أصواتهم في تشكيل الائتلاف الحكومي.
والواقع أن الحالة السياسية الصهيونية معطّلة بالكامل، بفعل عمل فدائي نفّذه مقاومون مازال ينعتهم حكام مشيخات النفط بأنهم “مغامرون”، حيث استطاع هؤلاء المغامرون بإرادتهم الصلبة، وبأدوات بسيطة، تحقيق ما عجز عنه كل نفطهم وانبطاحهم أمام قادة الكيان.. لا بل فرضوا معادلات ردع، اعترف العدو الصهيوني نفسه بعدم القدرة على تجاوزها، ولعل في ردّ المقاومة اللبنانية مؤخراً على الاعتداء الصهيوني دليلاً دامغاً على القواعد التي فرضتها المقاومة في الصراع مع الكيان الصهيوني.
وعليه فإن الواقع الذي فرضته المقاومة الفلسطينية على الحالة السياسية في كيان العدو الصهيوني يعيدنا من جديد إلى الحلقة الأولى، وهي أن المقاومة هي السبيل الأول والأخير لاستعادة الحقوق، فالمفاوضات والتشبث بالحلول الوهمية لم يجرَّ على القضية الفلسطينية سوى الويلات، والحال الذي نشهده اليوم من انقسام وتشتت ما هو إلا نتاج لـ”أوسلو” وغيره من الاتفاقيات التي وقّعت مع كيان العدو الصهيوني، فهل سيتعظ المنبطحون ومن لفّ لفهم، أم أننا أمام مرحلة جديدة من التواطؤ والانهزام أمام كيان صهيوني أوهن من بيت العنكبوت؟!.
سنان حسن