ثقافةصحيفة البعث

عفواً حروفي.. أوجاع مختلفة

 

على غرار كتابها الأول “لن أغفر” الذي حفل بنصوص الشوق والحنين والحزن والأسى تعود الكاتبة فريال خلف في كتابها الصادر حديثاً عن مؤسسة سوريانا للإنتاج الإعلامي والذي قامت بتوقيعه في معرض الكتاب إلى الموضوعات نفسها، لتكمل بوحها الفطري المرتكز على قضية الإنسان الذي تتلاعب به الأقدار، فيغدو غريباً عما يجري وتتداعى في هذا الكون المفرط في الأسى تلك الغربة التي تدمي العيون حين تلفح المأساة فيها وجه الشعب الفلسطيني وقد تمادت أوجاعه وتمددت على مساحة سبعين عاماً من الترحال والتشرد والغربة القسرية، فحاولت الشاعرة التقاط التفاصيل في نصوص الكتاب لتحكي لنا في كل نص وجعاً مختلفاً، ولتوغل في تلمس الجرح والتعبير عن فداحة ذلك الوجع، ناعية الكثير من القيم التي انتهت شظايا وجثثاً وأناساً هائمين تحت ركام الحرب التي تعصف بنا منذ سنوات.

لغة واقعية
وبعيداً عن الذاتية الأنثوية التي تماهت فيها خلف في كتابها الأول”لن أغفر” تفتح أمداء نصوصها في “عفواً حروفي” لتماهي بين الصورة الشعرية والتعبير النثري، ساعية إلى تكوين فني بلغة واقعية ومفردات مألوفة تنبض بالألم لتوصيل رسالتها إلى المتلقي، معتذرة من الحروف التي لن تستطيع استيعاب وجعها، ومغلبة الموضوع على تقنية الخلق والإبداع ولاسيما في حديثها عن الشباب الذين هجرتهم الحرب وقضت على أحلامهم.

آه يا وجعي
جاء في مقدمة الكتاب إن وجع خلف ليس الشام أو فلسطين بل هو وجع العراق واليمن أيضاً، وكل ذرة تراب من هذا الوطن المترامي على ضفاف القلق في عالم صم آذانه عن وجع دمشق والقدس وهما تصرخان”آه يا وجعي”، وعلى هذا فإن خلف في كتابها “عفواً حروفي” تسعى إلى تأسيس تجربة تنبش العوالم المعتمة وتسلط الضوء على الزوايا المظلمة وتثير أسئلة لترمي حجراً في المياه الساكنة الراكدة .
تقول خلف:
بقصيدة حروفها من دمي
بميناء يودع كل يوم المئات بشعاع مربوط بضفيرتي واهمون
ها نحن عبق الياسمين
نحن مواسم العنب والتين
نحن النجوم بسماء بلدي أردتم وأردنا
وكنا المنتصرين
المحررة