لماذا يهربون من الاعتراف؟
أعلن الجيش اليمني واللجان الشعبية بشكل واضح لا لبس فيه المسؤولية عن العملية التي استهدفوا بها منشآت النفط السعودية في ابقيق وخريص، حيث قدّموا جميع البيانات التي تؤكّد أنهم يقفون وراء هذه العملية، التي تأتي ردّاً على اعتداءات النظام السعودي وجرائمه المتكرّرة بحق الشعب اليمني، وقالوا إنها ليست الأولى من نوعها على هذا المستوى من التعقيد واستخدام التكنولوجيا المتطوّرة، فلماذا يُجهد النظام السعودي نفسه بمحاولة تجيير هذه العملية ضد إيران؟.
في الحقيقة، النظام السعودي، ومن ورائه الولايات المتحدة الأمريكية، لم يعُد يستطيع التغطية على إخفاقه في كسر إرادة الشعب اليمني بعد نحو خمس سنوات من الحرب الظالمة التي يشنّها عليه، ويمارس فيها أبشع حروب الإبادة التي عرفها التاريخ، من قتل وتجويع وحصار ونشر للأمراض الفتاكة، ولذلك لا يريد أبداً الإقرار بأنه خسر الحرب مع ثلّة قليلة من المقاتلين قضّت مضاجعه ومضاجع جميع الدول والمرتزقة والإرهابيين المتحالفة معه، ودفعته للكذب في جميع الاتجاهات بدل أن يعترف بعجزه عن تحقيق الانتصار.
وإذا كان النظام السعودي يدّعي منذ بداية عدوانه على اليمن أنه يحارب إيران في اليمن، فليس غريباً أن نجده يحاول توزيع الاتهامات هنا وهناك لتبرير فشله في تحقيق النصر، فهذا النظام يحاول أن يوحي للعالم أجمع بأنه يخوض حرباً عالمية حماية لمصادر الطاقة التي يدّعي أن جارته إيران هي التي تهدّد أمنها، بعد أن طلبت منه الإدارة الأمريكية توجيه الاتهام ريثما تقوم هي بفبركة الأدلة على تورّط إيران في ذلك.
ولكن العجز الأمريكي حتى الآن عن إثبات ضلوع إيران في هذه الهجمات، مع امتلاك واشنطن كل الأدوات التي تمكّنها من تحقيق ذلك ابتداء من الأقمار الصناعية، وليس انتهاء بما تدّعيه من تغطية كاملة للأجواء السعودية عبر منظومات باتريوت المنتشرة في الخليج، يؤكّد من جهة ثانية أن الإدارة الأمريكية أيضاً تسعى لتغطية عجز منظوماتها التي تدّعي أنها متطورة عن التصدّي لهجمات الجيش اليمني واللجان الشعبية، وتحاول أن تصنع مارداً كبيراً تحاول أن تنسب إليه هذه العملية، فلم تجد بُدّاً من إقحام إيران بهذه المسألة، مع علمها أن نسبة العملية لإيران ليست أقل خطورة من نسبتها إلى الجيش اليمني، على اعتبار أنها تعُدّ نفسها الضامن الأكبر لأمن دول الخليج، فالعجز واحد حتى لو اختلف الطرف القائم بالعملية، لذلك نجدها تتنقل بين اتهام إيران واتهام العراق مرة أخرى في ذلك، الأمر الذي دفع الروس إلى الردّ بأن منظومة باتريوت تغطي جميع الشمال السعودي، فكيف أتيح للطائرات أن تمر عبر الحدود العراقية السعودية؟.
يدرك النظام السعودي، ومن ورائه الإدارة الأمريكية جيداً، أن من قام بهذه العملية هو من أعلن عنها صراحة، وهو الجيش اليمني الذي عرض كل تفاصيلها وأقرّ بها، غير أنهما لا يستطيعان الإقرار بذلك، لأنه سيؤكّد بالمحصّلة عجز الطرفين عن الانتصار بحرب يستمران بها على الشعب اليمني منذ نحو خمس سنوات، بوجود تحالف غير شرعي يدعمهما، وإذا كانا عاجزين حتى الآن عن الانتصار على الحلقة التي يعدّونها الأضعف في محور المقاومة، فكيف إذا استفزا إيران فعلياً، ودخلا معها في حرب شاملة تكون فيها كل أطراف محور المقاومة في المواجهة؟! هل سيتهمان أطرافاً عالمية أخرى بشنّ هجمات عليهما نيابة عن المحور إذا ما حدث ذلك؟.
طلال الزعبي