رياضةصحيفة البعث

الرياضة المدرسية في غرفة الإنعاش الدورات التدريبية ليست الحل وأسلوب”السلق” يفرض نفسه على البطولات

اللاذقية– خالد جطل

تقيم وزارة التربية سنوياً العديد من الدورات التدريبية مركزياً وفرعياً لصقل وتأهيل مدرّسيها، ورفع المستوى الفني لديهم بمعظم الألعاب المنهجية، وتتكلّف الوزارة مئات الآلاف إن لم يكن الملايين سنوياً مصاريف وتكاليف سفر وإقامة للدارسين فيها، وعلى أرض الواقع  نجد أن معظم ما يتلقاه الدارس والدارسة يذهب هباء منثوراً، فالرياضة المدرسية تكاد تلفظ أنفاسها بمعظم مدارس القطر بعد أن دخلت غرف الإنعاش منذ سنوات، بدليل عدم وجود حصص درسية للرياضة على أرض الواقع، والمتتبع لأحوال الرياضة المدرسية يرى بأم العين كيف تحولت حصص الرياضة إلى ما يشبه استراحات التلاميذ أثناء الفرص ما بين الحصص الدرسية للمواد العلمية والأدبية، وقد يرد علينا أحدهم بأننا نتجنى ونظلم الرياضة المدرسية، لكن الواقع يؤكد ما نطرحه، حيث اختفت الألعاب من معظم مدارسنا، فلا كرات، ولا أدوات رياضية، وفوق هذا يتم تهميش حصة الرياضة بتحويلها لحصص أخرى لعدم نجاعتها من جهة، ولاستكمال مواد أخرى للطلاب نتيجة التقصير بتلك المواد.

بالمحصلة نجد أن الرياضة المدرسية غير موجودة، وعلى مبدأ: “إذا أردنا أن نعرف ماذا في ايطاليا علينا أن نعرف ماذا في البرازيل”، وعليه إذا أردنا البحث عن الأسباب وراء تراجع الرياضة المدرسية فأولها يعود إلى تهميش الحصة من المدرّسين ومديري المدارس، والتحجج بعدم توفر سيولة مالية لشراء أدوات ومستلزمات رياضية، ما جعل طلاب الجيل الحالي يتساءلون: هل بالفعل لدينا حصة رياضة وما تحتويه؟.

معظم طلابنا، خاصة بالمرحلة الابتدائية، يلعبون كرة القدم بالمدارس، لكن الكرة هنا تستبدل بقوارير المياه الفارغة أو المملوءة لتعويض عدم وجود كرات، واللافت أن البطولات المدرسية بمعظم الألعاب تقام، والسؤال كيف تقام؟ وكيف يتم انتقاء منتخبات المدارس؟ يتم ذلك بطريقة السلق كما هو حال معظم معسكرات منتخباتنا الرياضية، حيث يتم تجميع عدد من اللاعبين واللاعبات بتشكيل آني يتناسب والبطولات المقررة، وتقام البطولات، ويتم تتويج الفائزين لتعود الرياضة المدرسية إلى فترة السبات طيلة العام الدراسي.

في سنوات مضت، وتحديداً في القرن الماضي، كانت الرياضة المدرسية مزدهرة، وكنا نشارك ببطولات عربية وقارية، ونحقق الألقاب والإنجازات، وكانت الرياضة المدرسية ترفد منتخباتنا الوطنية وأنديتنا بمعظم الألعاب، في حين حالياً، ورغم التطور الذي شهدته الرياضة عالمياً، وانعكس إيجاباً على الرياضة المدرسية، نجد رياضتنا تحتضر، ما يضطر القائمين عليها للاستعانة بلاعبي الأندية لتعويض النقص الواضح، ولستر العيوب، وعدم كشف المستور من عدم وجود أية فائدة من إقامة الدورات المركزية بمعظم الألعاب.

ومما سبق نجد أن الأنجع للنهوض بالرياضة المدرسية يكمن بالعمل على إيقاف الدورات التدريبية ولو سنة واحدة، وتحويل تكاليفها لشراء أدوات رياضية وكرات، وتوزيعها على المدارس، وإلزام المدرّسين بإحياء الرياضة المدرسية من جديد، وقيام رؤساء الدوائر الرياضية والعاملين بها بزيارات فجائية للمدارس لمراقبة ومحاسبة من لا يتقيد بالتعليمات، وحينها سنرى تعافي الرياضة المدرسية ولو بالتدريج، وبعيداً عن ألعاب الكرات نرى أن الفرصة مواتية لنشر الكثير من الألعاب غير المكلفة، وتعزيزها من خلال اختصاص مدارس عن أخرى بها، وقبل أن نختم علينا أن نتذكر أن ألعاب القوى وهي أم الألعاب تناسب كل مدارسنا في ظل غياب الكرات، ولا ضير من قيام مدرّسي الرياضة باختبار طلابهم بين الحين والآخر ببطولات مصغرة، وعندها سنرى تجاوباً غير متوقع من الطلاب الذين باتوا بأمس الحاجة للحركة وممارسة الرياضة حتى ولو كانت الجري ثم الجري ثم الجري.