تبحث عن الدعم تربية النحل.. مشاريع ذات جدوى اقتصادية وزراعية.. وغطاء نباتي متضرر يؤثر في أرقامها الإنتاجية
يعتبر مشروع تربية النحل ذا مردود اقتصادي جيد، حيث يمكن إنجازه إلى جانب الأعمال الزراعية، ويعتبر ضرورياً لإتمام عمليات تلقيح أزهار الأشجار، وبالتالي زيادة الإنتاجية الزراعية كماً ونوعاً، إضافة إلى زيادة إنتاجية خلايا النحل، ويستشهد هنا أحد المعنيين بالشأن الزراعي بقول العالم “أينشتاين”: إذا انقرض النحل فسوف تنقرض 70% من النباتات الموجودة على سطح الأرض، وبالتالي تنقرض الحياة على هذا الكوكب، فالنحلة صديقة للبيئة، وتعرف البيئة النظيفة من خلال وجود مملكة النحل وسلامتها، فلا يمكن للنحل أن يستمر أو يكون اقتصادياً في بيئة موبوءة.
أكثر من 950 مربي نحل موزعين على مناطق محافظة طرطوس، وتوقعات بإنتاج 289 طن عسل، ولكن منذ عشرين عاماً لم يمنح أي دعم يذكر للمربي، كما توقفت القروض منذ عام 2000 وحتى مطلع العام الجاري!.
ضرب سلالة النحل السوري
المربي إبراهيم حربا تحدث لـ “البعث” عن ظاهرة خطيرة وهي ضرب سلالة النحل السوري من خلال سلالة النحل المصري التي دخلت البلد باسم ذوي الشهداء، وهي من أسوأ سلالات النحل من حيث إن لها مقدرة هائلة على التطريد “التفريخ”، مشيراً إلى أن النحل الذي يحمل هذه الصفة يكون سيئاً جداً لأن التطريد يكون على حساب جمع العسل، وكأنها مهجنة ومرسلة لهذه الغاية فقط، والأخطر من ذلك، بعد التقصي والتدقيق تبيّن أن هذه السلالة لم تدخل منحلاً إلا وبدأت بتدميره، وتراجع جني كمية العسل بدرجة كبيرة، لافتاً إلى مجموعة النحل الغنامي التي تحمل مواصفات جيدة جداً من حيث انسجامها بالبيئة، ودفاعها عن المسكن، ومكافحة الدبور والعسة، إضافة إلى أنه يجني مادة العسل بشكل ممتاز أثناء مواسم الخصب وفيض المواسم.
دعم غائب!
وأشار حربا إلى عدم جدية وزارة الزراعة بدعم النحالين، فلا إشراف على النحل، ولا قروض، ولا حتى مراقبة المنتج، لست ضد استيراد النحل، والكلام لحربا، وليس لدينا حجر، وبالتالي يتسبب النحل المستورد في نقل الأمراض.
لدى حربا خمس ملكات كرنيولي /ايطالي/ تهجين مع النحل الغنامي السوري، فأعطت سلالة هادئة، مشيراً إلى أن بيئتنا ضحلة بتربية العسل، نعاني كمربين من المد البيئي، ومن تدهور البيئة، ومن التنقلات وأجور النقل المرتفعة، ومن الرشوش/المبيدات/ على النبات أثناء فترة الإزهار، كما نعاني من الحشرات، خاصة الدبور بنوعيه الأحمر والأصفر، ونتيجة الحروب، وضرب بعض الغازات، باتت مقطوعية العسل قليلة جداً، لأن الغازات والأصوات تضلل النحل!.
تصريف خاص
المربي أمين حسين، رئيس جمعية النحالين بطرطوس، لديه خبرة في تربية النحل لأربعين عاماً، يربي 50 خلية، متوسط إنتاج كل خلية خمسة كيلوغرامات عسل، وتكلفة الكيلوغرام للمربي 4 آلاف، ويباع بستة آلاف ليرة، يصرف المربون إنتاجهم للجهات الخاصة، لافتاً إلى الربح القليل بسبب صعوبة الترحيل، وتضرر الغطاء النباتي، وتراجع الإنتاج الزراعي.
أدوات التربية
ولتربية النحل أدوات معينة يستخدمها المربي، حيث يحتاج النحال /حسب حسين/ إلى بدلة نحل، ومدخن، وعتلة، وفرازة عسل ولوازمها، ومنضج، مبيّناً أن تربية النحل كمشروع اقتصادي يحتاج إلى اكتساب خبرة من خلال التجربة، وللبدء بالمشروع فإن المربي يحتاج إلى مليون ونصف مليون ليرة لتربية 10 خلايا، تنتج وسطياً 10 كيلوغرامات عسل، حسب نشاط النحل، فتربية النحل هواية ومهنة، لافتاً إلى أن التربية لا تتطلب تفرغاً كاملاً، ويربى النحل على مدار العام، ولكن في موسم الفيض الذي يمتد من نهاية كانون الثاني وحتى نهاية شهر حزيران تتطلب التربية جهداً كبيراً.
أمراض النحل
يصاب النحل بقراد النحل/الفاروا/، والتكلس الحضني، والتعفن الحضني الأوروبي والأمريكي، كما يصيب النحل مرض النوزيما /كساح النحل/، وهو مرض حديث يفتك بالخلايا، وهو نوعان جاف ورطب، حيث انتشر من أربعة أعوام، ويتم استيراد ملكات النحل من أغلب دول العالم، ويتم تهجين بعض النحل السوري فيعطي مفعولاً عكسياً.
ويضيف حسين على الصعوبات التي ذكرها حربا، فالظروف الجوية كالرياح تخفض “المجنى”، ويعاني المربي من نقص الأدوية وندرتها لمعالجة معظم أمراض النحل، وغلاء المواد الأولية من شمع، وأدوية، وأدوات التربية.
عودة القروض
تأسست جمعية النحالين عام 1996، وللانتساب للجمعية أهمية للمربي لفت إليها حسين، وذلك من خلال رعاية النحالين، وتقديم الخبرة اللازمة، وتبادل الخبرات والتسويق، والدفاع عن مصالحهم، والحصول على القروض اللازمة، وتنظيم عمل المربين، يوجد 300 عضو منتسب بعد أن انتسب هذا العام 40 مربياً، مبيّناً أنه منذ 20 سنة لم يقدم أي دعم يذكر للمربي، والجمعية كانت تمنح قروضاً، لكنها توقفت منذ عام 2000 حتى بداية عام 2019، حيث تم منح 30 قرضاً زراعياً هذا العام للمنتسبين من مصرف بانياس الزراعي.
نسبة الغش قليلة
ولفت حسين إلى أن غش العسل لا يذكر في محافظة طرطوس، ولا توجد علاقة لسعرالكيلوغرام بالغش، فعسل الحمضيات أرخص وأفضل أنواع العسل، بينما عسل الشيح والزعتر أغلى أنواع العسل، ولكل نوع سعره، والمستهلك ونتيجة عدم ثقافته بنوعية العسل، وبمجرد أن يشاهد عسلاً مبرغلاً أو جامداً يعتبره مغشوشاً، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة علمية فيزيائية صحية، وتؤكد أن العسل أصلي، ويلجأ بعض النحالين لتفادي هذه الظاهرة، وتلبية رغبة المستهلك بعملية البسترة.
خطة العام المقبل
وللجمعية خطة للعام القادم أشار إليها رئيسها، وهي إقامة مشروع لتربية النحل، وذلك لتطوير سلالة النحل السوري، وتقديم الطرود المنتجة للمربين، والعمل على تسويق إنتاج المربين، وإقامة دورات لزيادة خبرة المربين، والعمل مع الجهات المعنية لتطوير الغطاء النباتي في المحافظة، ومتابعة الإقراض بالطريقة الأمثل للمربين، وتوجيههم بإنتاج المنتجات الأخرى للنحل لما له من أهمية غذائية واقتصادية مثل الغذاء الملكي، والعكبر، وغبار الطلع، وسم النحل.
أكثر من 950 مربياً
وفي محافظة طرطوس أكثر من /950/ مربي نحل موزعين على مناطق المحافظة، وتزداد أعداد الخلايا في منطقة طرطوس، وبانياس، وصافيتا، حيث بلغ عدد الخلايا لهذا العام بحدود/49132/ خلية، غالبيتها خلايا حديثة، حيث تراجعت التربية بالخلايا البلدية التي لا يتجاوز عددها /500-1000/ خلية فقط، وفق ما أوضحه المهندس حسن عباس، رئيس شعبة النحل في مديرية زراعة طرطوس.
/289/ طن عسل
وأشار عباس إلى أن الإنتاج يتفاوت من عام إلى آخر، وهذا يعود للظروف الجوية، وتوفر المراعي، ويتمتع عسل المحافظة بتنوعه، وذلك يعود لتنوع المراعي، حيث يلاحظ توفر رحيق متنوع من /شوكيات ونباتات برية مزهرة وعطرية وحمضيات وكينا/، وهذا يعطيه صفة مميزة، ويتوقع أن يكون الإنتاج لهذا العام بحدود /289/ طن عسل، وحسب عباس فإن مديرية الزراعة تقوم بتأمين طرود نحل للمربين بأسعار تشجيعية، كما تقوم بتنظيم تنقل المناحل إلى المراعي، إضافة إلى إقامة دورات للفنيين في الإرشاديين، وللتحري عن الأمراض، وتقديم الخبرات، والتحليل المخبري المجاني، وتسهل زراعة طرطوس عملية منح القروض من خلال تقديم وثائق ملكية خلايا نحل، والإشراف والمتابعة الصحية للمناحل دائمة من خلال الفنيين في الوحدات الإرشادية.
دعم التربية
وفي إطار الحلول الممكنة، ولدعم واستمرار تربية النحل، ومساعدة النحالين، اقترح المربون تسهيل عملية منح القروض، وتبسيط إجراءاتها، وذلك إثر الخسائر التي تعرّضوا لها سابقاً، وزيادة الغطاء النباتي في المحافظة، وتشجير الأراضي الحراجية بأنواع دائمة الإزهار كالكينا، كذلك تشميل النحالين بصندوق الكوارث، لاسيما أن تربية النحل تخدم القطاع الزراعي، وتأمين الأدوية اللازمة والفعالة لمكافحة أمراض النحل، والعمل على إحداث مركز تلقيح ملكات لتطوير وتحسين سلالة النحل السوري أسوة بدول العالم، إضافة إلى الرعاية من الجهات الوصائية لتسهيل أمور النحالين بتقديم مستلزمات التربية، وتسويق منتجات النحل.
دارين حسن