“مناقبية الفيسبوك”
في خضم فوضى شبكات التواصل الاجتماعي يغدو من المهم طرح العديد من الأسئلة المشروعة حول آلية وطبيعة عمل الكثير من المواقع الإلكترونية والصفحات الشخصية الخاصة وتوجهاتها، وفيما إذا كانت تستقي أخبارها ومعلوماتها بدقة ومصداقية ومن المصدر، أم أنها وجدت لتلميع الوجوه والتطبيل والتهليل لإنجازات وهمية مقابل القليل من المال تحت بند المكافآت.
ولا تختلف المواقع والصفحات الفيسبوكية الخاصة بالمديريات والمؤسسات الحكومية عن غيرها في هذا الفضاء واسع الانتشار، فهي غالباً ما تكون مخصصة للتغني بإنجازات المدير، وعرض صوره بوضعيات مختلفة ومصحوبة بابتسامة عريضة وعلامات الرضى، يتم انتقاؤها بعناية من جولاته الميدانية والتفقدية ومشاركاته الشخصية في الفعاليات والاحتفالات الرسمية؛ ما يعطيك انطباعاً أولياً عن حجم الجهد المبذول من قبل المسؤول وتفانيه وإخلاصه في عمله، وحرصه على المتابعة الدقيقة والمباشرة الميدانية لمراحل العمل التنفيذي في مديريته أو مؤسسته.
وبالعطف على ما تقدم وأمام هذا الكم من الإنجازات والمآثر والمناقبية للسيد المسؤول، تكتشف ومن دون أي عناء أن الصورة مغايرة تماماً للمشهد – التجميلي والتبجيلي – عند أي محاولة للغوص في تفاصيل وجزئيات العمل. والأمثلة تبدو كثيرة وحاضرة، خاصة ما يتعلق منها بعمل القطاع الخدمي، وما يعتريه من خمول وتراجع وتباطؤ في التنفيذ والإنجاز، وهو بالتأكيد أمر محزن وصادم، وخلافاً لذلك يندرج ضمن حملات التسويق والترويج الإعلامي الكاذب والخادع، والذي لا ينسجم مع ما هو مطلوب في هذه المرحلة تحديداً من صدقية وشفافية في التعاطي مع الشأن العام والمواطن على السواء.
ونرى أن هذا الانحراف الواضح في السلوك والممارسة، لا يخدم مصلحة العمل، ويفضي إلى نتائج عكسية وسلبية، وبالتالي هناك الكثير من الفروض يتعين على المعنيين القيام بها، وهي من صلب مهامهم وعملهم اليومي، ولا تحتاج إلى هذا الحجم الهائل من الدعاية والتطبيل والتزمير.
ولعل أكثر ما نحتاجه في هذه المرحلة هو تحريك الثابت والكامن في الميدان، وليس على مواقع التواصل الاجتماعي، والأهم هو تعبيد الطريق أمام الكفاءات والخبرات الشابة للانخراط بالعمل الإداري والقيادي، والمساهمة الفعلية والعملية في دفع عجلة الإنتاج والنمو، وعدم حصر المهام والعمل في شخص المدير والمسؤول، وهو ما نضعه برسم مجلس مدينة حلب للاستئناس والاطلاع.
معن الغادري