واشنطن: النفاق اسمك الآخر
لطالما كان لمحور الشر المتمثّل بالولايات المتحدة وحلفائها يد في معظم المصائب التي حلّت وتحلّ في بلدان العالم، مدفوعين بأطماعهم القذرة وعنجهيتهم الوقحة دون أن تهتز لهم شعرة من ضمائرهم.
كانت الولايات المتحدة مشغولة بمحاولة فرض قوانينها وقيمها على الدول الأخرى، وفي حال قاومتها تلك الأخيرة، تفرض عليها العقوبات، لكن كما العادة، فشلت في خدعتها الدنيئة في هونغ كونغ من خلال دعمها العلني للمتظاهرين وسنّ “قانون حقوق الإنسان والديمقراطية في هونغ كونغ” في الكونغرس.
وتحاول الآن مدّ يدها القذرة إلى منطقة التيبت المتمتّعة بالحكم الذاتي، عبر الكشف عن مشروع قانون جديد يحظر على بكين فتح أي قنصليات جديدة على الأراضي الأمريكية، حتى يُسمح لواشنطن بإنشاء مكتب دبلوماسي في لاسا عاصمة منطقة التيبت المتمتّعة بالحكم الذاتي، وكل ذلك باسم حماية حقوق الإنسان!.
وكما العادة، لا تطيق واشنطن رؤية منطقة تنعم بالسلام والاستقرار، إلا ضمن حدودها، لأنها أتقنت فن الصيد في المياه العكرة، لا عجب أن مشروع القانون يتضمن أحكاماً تتيح للولايات المتحدة القيام بإجراءات عقابية ضد أي مسؤول صيني “يتدخل” في عملية خلافة الدالاي لاما، لذا وجب توضيح الهدف الحقيقي وراء مشروع ذلك القانون، وهو منع الحكومة الصينية المركزية من ممارسة صلاحياتها في الموافقة على خليفة الدالاي لاما بعد وفاته.
لعلَّ المشرّعين الأمريكيين غاب عن أذهانهم أن التيبت جزء لا يتجزأ من الصين، خاصة الديمقراطي جيمس ماك غوفرن عن ولاية ماساتشوستس الذي طرح مشروع القانون في مجلس النواب، والجمهوري ماركو روبيو عن ولاية فلوريدا الذي كان ينادي بجنونٍ بدعم المتظاهرين في هونغ كونغ، وهذه حقيقة تعترف بها الولايات المتحدة أيضاً، وعلى هذا النحو، ستكون أية محاولة للتدخل في شؤون التيبت انتهاكاً لسيادة الصين.
والأهم من ذلك، أن دعم الدالاي لاما ما هو إلا تشجيع للانفصاليين، لأن نشاطاته على مدى العقود الماضية لفصل التيبت عن الصين تجعله أحد أولئك الانفصاليين، كما أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي كان يتمتّع بها شعب التيبت تقف في وجه أعضاء الكونغرس الذين يقرعون طبول الديمقراطية وحقوق الإنسان دون امتلاك أي معرفة عن المنطقة.
ولمواكبة ممارسة الولايات المتحدة المتمثّلة في حشر أنفها في شؤون البلدان الأخرى، رحبت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي بمتظاهري هونغ كونغ، حتى أنها شكرتهم على إطلاق العنان لأعمال العنف واحتجاز المدينة كرهينة، وحذّرت الإدارة الأمريكية من مغبة السماح للمصالح التجارية بأن تتحكم بالسياسة الخارجية في المنطقة.
ويمسي المعيار المزدوج الذي يلجأ إليه من نصّبوا أنفسهم حراساً لحقوق الإنسان أكثر وضوحاً عندما يصفقون ويهلّلون لمثيري الشغب في بلدان أخرى ويبطشون بالمتظاهرين في بلادهم بيد من حديد!.