“رجل الثلج” للأديب أيمن أبو الشعر في ندوة
“مسرحية رجل الثلج للأديب د. أيمن أبو الشعر باللغة الروسية ثم ترجمها إلى العربية وأصدرتها الهيئة العامة السورية للكتاب، كانت محور الندوة التي أقيمت في المركز الثقافي العربي –أبو رمانة- احتفاء بقدوم الأديب المغترب أبو الشعر المقيم في موسكو، والملفت أن مئة نسخة من المسرحية بيعت بعد الندوة واستاء كثيرون لنفاد النسخ وعدم تمكنهم من اقتناء المسرحية، التي كتبها في الثمانينيات عن معاناة الشعب الروسي بعد الحرب العالمية الثانية والتغييرات التي عاشها.
تميزت المسرحية المؤلفة من فصلين بجمالية المكان موقع الحدث في المغارة داخل الغابة، مما يتطلب إخراجها سينوغرافيا فنية خاصة لعوالم الغابة المتداخلة مع رحلة المواجهة، ولم تكن الندوة التي أقامتها وزارة الثقافة بإدارة د. ثائر زين الدين الذي أشاد بفنية هذا العمل المسرحي لتحليل المسرحية فقط، بل كانت أشبه ببانوراما أدبية تناولت خصوصية الكتابة لدى”أيمن أبو الشعر” بمشاركة د. راتب سكر ود. رنا أبو طوق.
عاطفة الأبوة
قدم د. راتب سكر سردية للمسرحية أوحت للحاضرين بمضمونها وأفكارها فدمج بين جمالية القصّ وفنية المسرحية وصولاً إلى المشهد الأخير في المغارة ومواجهة الضابط خرياكوف والمفاجأة بنجاته وبأنه ليس من الفاشيين، ونوّه إلى عاطفة الأبوة وعاطفة الانتماء بكل ما تحمله من قيم، ويرى د. سكر بأن هذه العلاقة الحميمة مظلومة في المجتمع العربي الذي يمجد علاقة الأمومة، وأشاد بنهاية المسرحية التي تشعر القارئ بالفرح لانتصار القيم والمثل والتعبير عن حبّ البشرية، والإيمان بأن الغد جميل.
الرمز والموروث
وارتأت د. رنا أبو طوق أن تقدم تحليلاً لعوالم الكتابة عند الأديب د. أبو الشعر الذي كتب المسرحية والقصة والمقالة والشعر، واختزلت عالمه بالسرد والشعر عبْر الحدث والعناصر التي تجمع العديد من الدلالات ومن ثم صهرها بمخيلته، مع إشراك الأزمنة والأمكنة وإملاء الفراغ بمشاهد متحركة بين تصاعد وخفوت، ثم الامتداد الدرامي المشحون بطاقة شعرية تفيض من رؤيته الفلسفية مقدماً إبداعاً شعرياً يأخذ شكلاً وسيطاً بين الشعر والمسرح والقصة، واتخذ منه نقطة انطلاق نحو الأجناس الأدبية وصولاً إلى القصة الومضة، مؤكداً على القيم الإنسانية التي تتشوق للعدل بعدما أغمس مداده في جراح مجتمعه.
واقتربت أبو طوق أكثر من خصوصية قصصه وحركة شخوصها المعبّرة عن الفكرة، حيث اعتمد على الرمز والإدهاش بالنقائض بين سلوكيات إنسان وآخر كما في قصة”شيطان الملاك والمفارقة بالتقاط الظواهر السلبية واللعب على السخرية شديدة اللهجة لدرجة أنها تميل إلى السخط كما في قصة”الديك”، وفي قصة”الحلم التعيس” اعتمد على ثوابت وجودية ليهرب من الواقع ويظل في حالة هروب. كما أنه اتكأ على الموروث الشعبي والتاريخي والديني وابتعد عن الغموض لتأتي جمله ببلاغة قصيرة دالة على الإيحاء وتتميز بخفة الإيقاع، لتلخص بقفلتها حكاية الإنسان فينا.
تغريبة أهل الشام
وبحب يفيض واشتياق وحنين حيا أبو الشعر جمهوره المشتاق إلى صوته وقوة مفرداته التي تلامس الوجع، فقرأ متتالية “تغريبة أهل الشام” القصيدة الطويلة المؤلفة من عشرة أناشيد والتي تتصف بسردية شعرية تناولت تاريخ الشام وصولاً إلى الخيانات التي تعرضت لها سورية”الطعنة بالظهر تذل الغادر، لا المغدور” إلى المسلحين والداعشيين الذين أساؤوا إلى الدين الإسلامي، وتابع فيها عن رحلة الغربة والحنين”في الخيمة وسط الثلج نموت، ونظل نسافر في بطن الحوت” ليبوح بالنشيد العاشر بحنينه إلى الوطن الذي ينسحب على كل المغتربين:
” شربتنا أرض الغربة هماً لاتمحوه الأيام/لكنّا حين ننام/نستلهم كالطفل الغافي وسط الأحلام
حضن الأم الشافي ننسى الآلام”.
وأنهى تغريبة أهل الشام بتهليلة” هل أدركتم ماذا يعني اسم السوري؟” ليصف أبو الشعر السوري بالنسر والجسر والإكسير الذي ينتصر على كل الخيانات، ويداوي آلام الضلع المكسور، ليقفل تغريبته بـ”وطني الصادي مازال ينادي ابني السوري.. سوري”.
ملده شويكاني