نقص في الكثير من الأدوية النوعية وتفاعل “الصحة” مع التحدي ضعيف ..والمريض يدفع الثمن!
دمشق – لينا عدرة
يشكل النقص الكبير الحاصل في توفر الأدوية والمستلزمات الطبية من أجهزة ومعدات بسبب العقوبات والحصار التي فرضت على البلد، القضية الجوهرية، وأحد أهم المنغصات التي يعيشها المواطن؛ ما يطرح أمامنا الكثير من التساؤلات حول كيفية إيجاد حلول بديلة للتخفيف قدر الإمكان من هذه المعاناة الجسدية والنفسية والمادية، واضطرار الكثيرين إلى تأمين الدواء اللازم بطرقٍ مختلفة تصل إلى حد شرائه تهريباً بمبالغ كبيرة.
أمام تحدٍّ من هذا النوع يبدو تعاطي وزارة الصحة مع التطرق الإعلامي لقضية كهذه خجولاً، لا بل لا اكتراث فيه، فبعد انتظار طال أكثر من شهر تأتي أجوبة الأسئلة من قبل وزارة الصحة دون المطلوب مقتضبة وعمومية، رغم أنها تتعلق بقضيةٍ حساسة وغايةٍ في الأهمية “الأدوية والمستلزمات الطبية وكيفية تأمين الوزارة لها”، في وقت امتنعت عن الإجابة على أهم الأسئلة المتعلقة بالنقص الحاصل في بعض الأدوية أو الوفرة إن حصلت، والعلاقة بين وزارة الصحة ونقابة الصيادلة لجهة تسعير الأدوية وقضايا لجان التسعير المشتركة.
ويظهر رد الوزارة المتعلق بالطرق التي تتبعها لتتدبر قضية استيراد الأدوية “غير لائق”، ولا يروي ظمأ الصحفي ولا المتلقي عندما قالت على لسان مديرة الشؤون الصيدلانية الدكتورة رزان سلوطة: “مؤخراً زادت العقوبات، وتم تشديد الحصار على سورية؛ لذلك عملت الوزارة على تأمين كافة الأدوية النوعية غير المصنعة محلياً عن طريق اتباع آلية الاستجرار الموحد التي تنفذها المؤسسة العامة للتجارة الخارجية (فارمكس)”، مضيفةً “تم عقد عدة اتفاقيات مع العديد من البلدان (إيران،بيلاروسيا،كوبا)، وتسجيل عدد من الأدوية واللقاحات المنتجة من قبل الدول الصديقة (روسيا، الأرجنتين) وفق شروط معتمدة بما يضمن تغطية كافة الاحتياجات وتغطية برنامج التلقيح الوطني كاملاً عن التوريد لسورية نتيجة العقوبات الاقتصادية المفروضة”.
أما فيما يتعلق بسؤالنا عن العلاقة مع نقابة الصيادلة لجهة تسعير الأدوية، وأين وصلت قضايا لجان التسعير المشتركة اكتفت سلوطة بجوابٍ مقتضب فحواه وجود لجنة مشتركة بين الوزارة ونقابة الصيادلة ووزارة الاقتصاد والخارجية لتسعير المستحضرات الاستيرادية، وتسعير الأدوية المحلية وفق أسس معتمدة من قبل لجنة مختصة في الوزارة، والتنسيق مع نقابة الصيادلة بتعميمها على الجهات المعنية للالتزام بها.
آلية المراقبة
اليوم يلاحظ المواطن وجود عدد لا بأس به من الأدوية ذات الفعالية الضعيفة؛ لذلك يلجأ في كثير من الأحيان باستبدال الدواء المحلي بآخر، وهنا توضح الوزارة أنها تقوم من خلال مديرية مخابر الرقابة والبحوث الدوائية بإجراء جميع التحاليل اللازمة للمستحضرات الطبية من تحاليل فيزيائية وكيمائية وجرثومية وثبات وذاتية ومعايير وانحلالية، بالإضافة إلى التغليف والعنونة، ويتم إجراء التحاليل للمستحضرات قبل طرحها في السوق المحلية لأول مرة وتسمى التحضيرات الأولى والثانية، كما يتم تطبيق إجراء “مراقبة كل تحضيرة” لبعض الزمر الدوائية الحرجة قبل طرح أي تحضيرة في السوق المحلية، وهي حسب ما ذكر مدير مخابر الرقابة والبحوث الدوائية الدكتور حازم عبد الحق المستحضرات “قلبية، نفسية ومخدرة، مراهم قطرات عينية، هرمونية، الأمبول والفيال والسيرومات”، كما يتم تحليل المستحضرات قيد التصدير والمستحضرات المخصصة للشراء من قبل القطاع العام كمناقصة، والأدوية التي يتم استيرادها، وعينات الشكاوى، بالإضافة إلى تحاليل الرقابة العشوائية للعينات التي تسحب من السوق المحلية بعد طرحها.
على المحك!
تتبدى المشكلة أغلب الأحيان في تأمين الدواء الأجنبي الذي قد يصفه الطبيب لمرضاه، خاصة الدواء الذي لا يوجد له بديل وطني؛ ما يجبر الكثير من المرضى على تأمينه بطريقة غير قانونية عن طريق بعض الصيدليات، وهنا السؤال: من المسؤول عن إدخال هذه الأدوية إلى السوق.؟ ولماذا لا تقوم الحكومة عن طريق مؤسساتها المعنية بتأمين هذه الأدوية واستيرادها بشكلٍ نظاميٍ.؟ علماً أن هناك بعض الشركات السورية التي تستورد قسماً من هذه الأدوية، ولكن لا تلبي النقص الحاصل من الدواء الأجنبي، خاصة أن أهم الأنواع ما زالت حكراً على المهربين ومافيات الدواء، وكما هو معروف الكثير من الأدوية السرطانية والمناعية والنوعية ليس لها بدائل محلية.
وفي هذا السياق كانت نقابة الأطباء قد أصدرت تعميماً في فترةٍ سابقة تلزم فيه الأطباء بضرورة الالتزام بالدواء الوطني، والامتناع عن كتابة الدواء الأجنبي المهرب.
واللافت للنظر في هذا التعميم طلب النقابة من الأطباء إبداء الرأي وبشكلٍ واضح بالدواء الوطني ومدى فعاليته، وهنا من البديهي والطبيعي أن المريض الذي لن يجد الفعالية المطلوبة بالدواء المحلي سيلجأ إلى الدواء الأجنبي؛ لذلك من الضروري إيجاد حلول بديلة للمشكلة قبل طرحها وإصدار قرارات؛ لأن ذلك لن يساهم إلا بتفاقمها.
وختاماً: حفظ الدستور لجميع مواطني الجمهورية العربية السورية حق تأمين العلاج والحصول على الدواء من المؤسسات الصحية سواء مشافٍ أو مراكز صحية ومستوصفات وبشكلٍ مجانيٍ؛ لذلك يأمل المواطن صيانة هذا الحق وعدم حرمانه منه.