أمريكا تعود للمفاوضات مع كوريا الديمقراطية
هيفاء علي
بعد إقالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مستشاره للأمن القومي، الصقر الكبير جون بولتون، ليحل محله روبرت أولبراين، تبدو الآفاق أفضل لاستئناف المفاوضات بين جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية والولايات المتحدة، ذلك أن بولتون يعتبر السبب الرئيسي وراء فشل قمة هانوي يومي 27 و 28 شباط 2019، حين دعا إلى تطبيق “الأنموذج الليبي” المتمثّل في تنازل كوريا الديمقراطية عن برنامجها للأسلحة النووية باعتباره تمهيداً لتقديم تنازلات افتراضية من قبل الولايات المتحدة.
لذلك من المرجّح أن تطمئن تصريحات ترامب كوريا الديمقراطية، خاصةً أنه تزامن رحيل “الصقر الكبير” بولتون مع اقتراح كوريا الديمقراطية باستئناف المفاوضات في نهاية أيلول حول نزع السلاح النووي التي وصلت إلى طريق مسدود منذ قمة هانوي.
موقف كوريا الديمقراطية الذي عبّر عنه كبار المسؤولين يدل على تغيير كبير يبتعد عن الانتقادات التي وجهت للولايات المتحدة في صيف عام 2019. ففي آب المنصرم، وصف وزير خارجية كوريا الديمقراطية ري يونغ نظيره الأمريكي مايك بومبو بأنه “السم القاتل في الدبلوماسية الأمريكية”، عقب إعلان بومبيو أن جميع العقوبات المفروضة على كوريا الديمقراطية ستستمر حتى يتم إخلاء المنطقة من الأسلحة النووية.
إن تهميش جون بولتون، بطل المحافظين الجدد في تغيير الأنظمة في البلدان التي تعتبر معادية، قد جعل من الممكن كسر الجمود في المفاوضات بين كوريا الديمقراطية والولايات المتحدة، وبما أن المحنة لم تحدث بمفردها، فإن اختبارات كوريا الديمقراطية الباليستية في تموز وآب الماضيين لم تمنع كوريا الجنوبية من إنهاء اتفاقية تبادل المعلومات العسكرية مع اليابان، وهي عنصر أساسي في الحرب.
ففي 22 آب 2019، أعلنت كوريا الجنوبية عن قرارها بعدم تجديد الاتفاقية العامة للأمن العسكري مع اليابان، والتي تنتهي في تشرين الثاني، وتعتبر واحدة من البرامج الأمنية القليلة لتعزيز التعاون الدفاعي الثلاثي بين البلدين وحليفتهما المشتركة، الولايات المتحدة. جاء قرار كوريا الجنوبية وسط نزاع تجاري مع اليابان التي قررت حذف كوريا الجنوبية من قائمتها الخاصة بالشركاء التجاريين الموثوق بهم، مبررة هذه الخطوة “بمخاوف أمنية” بعد فرض قيود على صادرات كوريا الجنوبية تتعلق بثلاث مواد أساسية في إطار الرد على قرارات المحكمة العليا لكوريا الجنوبية.
إذاً، ذريعة “التهديد الكوري” تلاشت لتعود المفاوضات بين كوريا الديمقراطية والولايات المتحدة للتوقيع على اتفاقية لنزع السلاح النووي تكون مقبولة لدى الطرفين، أما كوريا الجنوبية فهي حريصة على إبراز المصالح المشتركة بين الكوريتين الجنوبية والديمقراطية حتى لو كانت ضد المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة.
كل هذا يجلب لكوريا سياقاً جديداً، وعالماً جديداً، بينما بقيت فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا وحدها فقط التي تدين التدابير التي اتخذتها كوريا الديمقراطية دفاعاً عن نفسها، كما فعلت مرة أخرى في 27 آب من خلال عقد جلسة خلف الأبواب المغلقة في مجلس الأمن الدولي، وأصدر بياناً دعا فيه كوريا الديمقراطية إلى العودة للمفاوضات المجدية.