في يومها العالمي.. الترجمة لتعزيز السلام والتفاهم بين الدول
“فرخ البط القبيح والبجعات المتوحشات” وروائع الأخوين غريم وسندريلا، أصبحت جزءاً من ثقافتنا ويعود الفضل بذلك إلى المترجمين الذين طرحوها بين أيدينا، وفي يوم الترجمة العالمي أقامت الهيئة العامة السورية للكتاب ندوة وطنية للترجمة بعنوان “أدب الأطفال والترجمة”، وفي الافتتاح قال المدير العام للهيئة د.ثائر زين الدين:
تسعى الهيئة لتحقيق أقصى درجات الانفتاح على ثقافات الشعوب الأخرى من خلال ماتطرحه من مشاريع ثقافية مختلفة يأتي في مقدمتها المشروع الوطني للترجمة، الذي شملت خطته التنفيذية لهذا العام نحو مئتي كتاب من مختلف لغات العالم الحية، ومن مختلف أجناس المعرفة وفروعها التي تتمتع بالغنى والتنوع والشمولية.
وها نحن اليوم نفتتح الدورة الخامسة للندوة الوطنية السنوية للترجمة ونخصصها لأدب الطفل والترجمة. وكان السؤال لماذا نترجم للطفل، وماذا نترجم له؟ وماهي إشكاليات ترجمة أدب الطفل، كأن نتلمس الفروقات الثقافية وكيفية التعامل معها عندما نترجم أدب الطفولة والناشئة، وستأخذنا محاضرات أخرى لنبحث في دور ترجمة أدب الطفل في ترسيخ قيم إنسانية مشتركة، وفي دور الترجمة نفسها في نشوء أدب الطفل في بلادها وفي توظيف نظريات الترجمة في تعريب أدب الطفل.
رُسل
بدورها وجهت سلام عيد رسالة المترجمين السوريين في اليوم العالمي للترجمة للذين يبنون جسور المعارف والتعاون والسلام بين الشعوب، وقالت: نحن معشر المترجمين رسل التفاهم المتبادل بين الناس، لولا مهنتنا التي تتطور باستمرار، والتي تجمع نتاج العالم في حقول المعرفة جميعها، وتقدمه للناس باللغة التي يفهمونها، لما تقدمت البشرية وازدهرت. نحن حملة معرفة، حملة ثقافات، حملة قيم الخير والعدالة والجمال للناس من دون تمييز أي نوع.
مشاكل الترجمة
أدارت الجلسة الأولى د.لبانة مشوح، وبدأتها د.ميسون علي عن “إشكاليات في ترجمة أدب الطفل” حيث قالت: أدب الأطفال ليس مجرد قصص نرويها إنما هي فرصة ليتعرف الطفل على مفردات ومفاهيم جديدة تنعكس إيجابياً على ثقافته ومعرفته، وتلعب الترجمة دوراً مهماً كونها رابط ثقافي تعطي نظرة شاملة عن العالم بطرق متنوعة، وبالوقت نفسه لا يمكن إغفال دور الرقابة في ترجمة أدب الطفل، وهل يمكن أن يجري دون رقابة؟، هذا السؤال يتبادر إلى أذهاننا حينما نفكر في أن من يكتب هذا الأدب وينشره ويشتريه ليس هو نفسه من يتوجه إليه، يبدو الطفل وكأنه خارج مركز القرار، حتى حين يختار فهو يختار بين كتابات عنه وليست منه، فلو قال الطفل كلمته وأحاسيسه هل كان سيكتب الأدب الموجود حالياً؟ في الواقع على الكاتب أن يقوم بلعبة توازن بين هذه الأطراف، وإن نظرة على الكتابات المتوافرة للأطفال تجعلنا نشعر بأن ثمة مصفاة متعددة الثقوب تمر بها الكتابة والترجمة قبل أن تصل للأطفال معذبة.
وأضافت علي: الآن أصبحنا نواجه عصر الصورة، واعتادت عيون الأطفال على مشاهدة الأشياء وليس الاستماع إلى وصف لها، لذلك حدثت زيادة في ترجمة مايسمى النصوص التصويرية، وبدأ الاهتمام بها، وفي الحقيقة يعاني أدب الطفل بوجه عام قلة الدراسات النقدية للأعمال المترجمة لذلك أؤكد على ضرورة الاهتمام بها لأنها لا تقدم على الوجه المرجو إلا إذا واكبتها حركة نقدية نشطة.
قناة للأطفال
بدوره قدم د.عدنان عزوز ورقة عمل عن “الفروقات الثقافية وكيفية التعامل معها” جاء فيها: ينظر إلى أدب الأطفال على أنه كل النتاجات العقلية الموجهة إلى الطفولة في شتى فروع المعرفة، وفي معناه الخاص يعني الكلام الجيد الذي يستثير الأطفال، فيستمتعون بكل ما يقدم لهم، فالأطفال يحتاجون في أدبهم إلى مراعاة ووضوح اللغة وبساطتها ليساعد في قرب المفهومات والمدركات من عالم الطفل وتوفير التكرار اللازم للفظة الجديدة والإكثار من الألفاظ المألوفة والتراكيب القصيرة، والاقتصاد في الروابط بغية الابتعاد عن الجمل المركبة وعدم الإغراق في المجاز. ويبرز نوعان من الترجمة الأول: الذي يهدف إلى الربح السريع بغض النظر عن المضمون الأخلاقي والاجتماعي، ويغلب هذا على المترجمين غير المختصين، أما النمط الثاني فيتميز بالترجمة الاحترافية التي يتعامل فيها المترجم مع النص كوحدة متكاملة فنياً آخذاً بعين الاعتبار القيم الأخلاقية، واختتم ببعض الاقتراحات منها: كما يوجد مجلتي “أسامة وشامة” أتمنى أن يكون هناك قناة تلفزيونية موجهة للأطفال.
معايير
أما لماذا نترجم للطفل؟ وماذا نترجم له؟ فهذه أسئلة طرحتها آلاء أبو زرار حيث قالت: لعل أهم سبب لترجمة أدب الطفل هو أننا نخاف دوماً مما لايشبهنا، ونبتعد ونضع حدوداً أمام كل ماهو جديد ومختلف عما نشأنا عليه، فمعرفة سبب ترجمة الآداب إلى أطفالنا من شأنها أن تضع المترجمين في منهج ومسار خاص بهم يدلهم على الطريق الصحيح للوصول إلى هدفهم في تكوين أرشيف مليء بالأعمال المترجمة إلى الطفل والغنية بالمتعة والفائدة التي تخلق فيه خيالاً خصباً يمكنه في المستقبل من أن يصبح إنساناً فاعلاً، والمعايير الواجب امتلاكها لدى المترجم للطفل السوري فهي حسن اختيار النص، والأمانة في النقل، والتمكن من صياغة جملة سليمة في اللغة العربية، وعلى المترجم أن يختار قصة تتمتع بفكرة ومغزى، وبأسلوب وخيال يأخذ الطفل إلى عالم جديد ويمنحه متعة كبيرة تعلق قلبه بالقراءة.
جمان بركات