أين الأمم المتحدة؟
كشفت العقوبات الأمريكية الأخيرة على كوبا عدم جدوى دبلوماسية الأمم المتحدة عندما يتعلق الأمر بدعم التعاريف الخاصة بالقانون الدولي. فمنذ عام 1962 يتم استهداف كوبا بحصار اقتصادي أدى لإعاقة إمكاناتها التجارية والتنموية، ومع ذلك يستمر تأثير الولايات المتحدة داخل المجتمع الدولي خاصة بازدراء مفهوم حقوق الإنسان والاستقلال.
وصف وزير الشؤون الخارجية الكوبي “برونو رودريغيز باريلا” مؤخراً قرار الولايات المتحدة منع وصول الوقود إلى كوبا بأنه شكل من أشكال الإبادة الجماعية. وكانت الغرامات التي فرضتها الولايات المتحدة على السفن التي تصل إلى كوبا قد تسببت في حدوث نقص، ما أدى إلى إعلان الحكومة الكوبية عن تدابير التكييف التي أثّرت على المعيشة اليومية للكوبين.
لا تعير الولايات المتحدة اهتماماً لمعاناة الشعب الكوبي الذي تسبب بها حصارها، ومحاولات تدخلها اللاحقة من خلال ما يسمى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والتي سعت مؤخراً إلى إلحاق الضرر بسمعة كوبا عبر استهداف برنامج الرعاية الصحية الدولية الخاصة بها، على الرغم من أن الأطباء الكوبيين كانوا أول من قدّموا المساعدة التي تشتد الحاجة إليها في المنطقة وفي جميع أنحاء العالم.
ومما لا شك فيه أن الولايات المتحدة تسعى لإلحاق الضرر بالعلاقات بين فنزويلا وكوبا في محاولة لدفع البلدين نحو الاستسلام السياسي، فقد ضرب التدخل الأمريكي في فنزويلا كوبا نتيجة لذلك، ما أثّر على قطاع النفط في كوبا، وبالنسبة للولايات المتحدة ستكون المكافأة وجوداً دائماً في كلا البلدين، وفرض تبعية دائمة عليهما.
وبحسب رودريغيز تكبّدت كوبا خسائر مالية تصل إلى 4.3 مليارات دولار في الفترة الممتدة بين آذار 2018 ونيسان 2019، وأعلن رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة موقف المنظمة من الحصار الأمريكي: “هذه العقوبات الأحادية الجانب تؤثّر فعلياً على الأمن والحق الأساسي في التنمية لجميع الشعوب، وتمثّل عقبة أمام الإمكانات التي تضطلع بها”.
منذ عام 1992 والأمم المتحدة تصوّت سنوياً على قرار لإنهاء الحصار الأمريكي على كوبا، وفي العام الماضي انتقدت سفير الولايات المتحدة السابق لدى الأمم المتحدة “نيكي هالي” التصويت قائلةً: “إنه لا يؤذي الولايات المتحدة”.
في الواقع، لا يمكن أن تُلحق إجراءات الأمم المتحدة الضرر بالولايات المتحدة لأن أفعالها فوق القانون الدولي وفقاً للسياسة المتبعة، بالإضافة إلى ذلك فإن القرار غير الملزم لا يُجبر الولايات المتحدة على إلغاء عنفها السياسي، ما يجعل الإجراءات التي تتخذها غير مجدية.
من الواضح أن الولايات المتحدة تتلاعب بحاجة كوبا إلى الوقود لإسقاط الثورة الكوبية، وأن إحدى الطرق التي تسعى من خلالها الولايات المتحدة لتدمير كوبا، وكعادتها، باسم حماية المواطنين، تتمثّل في إقامة حكومة يمينية في فنزويلا تقوم بقطع العلاقات مع الجزيرة كي تزيد عزلة كوبا في المنطقة، وإذا كان المجتمع الدولي يعتزم دعم النضال الكوبي ضد السياسات الامبريالية، فلا يمكن أن يتغاضى عن دوره في قهر الشعب الكوبي بفشله في اتخاذ موقف ضد التدخل الأمريكي في فنزويلا.
سمر السمارة