دراساتصحيفة البعث

الشركات الأمريكية الصغيرة لن تغادر الصين

ترجمة: عائدة أسعد

عن موقع غلوبال تايمز 26/9/2019

على الرغم من تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على كل الواردات الصينية، لكن يبدو أن العديد من الشركات الأمريكية الصغيرة لا تنوي مغادرة الصين وهذا ما يدعو للسؤال: لماذا؟. قد تكون الإجابة عن هذا السؤال موجودة في مبنى مطار بكين داشينغ الدولي الذي تمّ افتتاحه يوم الأربعاء الماضي.

لقد تمّت المباشرة بأعمال بناء مبنى مطار داشينغ الدولي في 26 كانون الأول من عام 2014 وتمّ الانتهاء منه في 30 حزيران 2019 وهو أكبر محطة ذات المجمّع الواحد للمطارات في العالم، ويعكس اللوجستيات الصينية عالية الكفاءة والصناعات المتطورة جداً، وكذلك روح الشعب الصيني الدؤوب والتي تعتبر صلب التصنيع في البلاد ومكانته الرائدة على مستوى العالم، وعلى ما يبدو هنا يكمن السبب في اختيار الشركات الأمريكية الصغيرة والمتوسطة البقاء في الصين.

لدى الصين نظام للصناعات التحويلية على أوسع نطاق، وتلك هي الحقيقة التي لا يستطيع  تغييرها لا ترامب ولا أية قوة سياسية في العالم، وبصرف النظر عن أوامر ترامب بإيجاد بدائل للتصنيع في الصين وإعادتها إلى شركاتها في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن الشركات الأمريكية لا تخطّط للقيام بذلك.

إن القيمة المضافة للصناعات التحويلية في الصين هي المحرك لدعم النمو الصناعي العالمي، والتي حسب الدراسات شكلت 28% من الناتج الإجمالي العالمي في عام 2018. كما أن الصين فاجأت الولايات المتحدة الأمريكية بسلسلة من الإمدادات الأكمل في العالم، فحسب تصريح المدير التنفيذي لشركة أبل Apple لصحيفة نيويورك تايمز: هل تحتاج لألف حشوة مطاطية؟ تجدها في المصنع المجاور، هل تحتاج لمليون برغي؟ إنه موجود في مصنع قريب، وهل تريد مسامير من نوع مختلف؟ يمكنك الحصول عليها في غضون ثلاث ساعات.

وعلى الأغلب جميع المصانع الصينية المنافسة لنظيراتها الدولية هي الفائزة والباقية في المنافسات المحلية، ما يجعل عمل المصانع أكثر إتقاناً وكفاءة وجودة وتوفيراً للتكاليف ولا مثيل لها في العالم.

كما يعدّ الاستقرار السياسي الذي تنتهجه وتضمنه الحكومة الصينية سبباً آخر وراء تردّد العديد من الشركات لنقل الإنتاج بعيداً عن الصين، ومن المؤكد أن المصلحة العالمية المشتركة التي تعود بالمنفعة على الولايات المتحدة الأمريكية تكون بمساعدة البلاد للمحافظة على  التضخم بمستوى منخفض، وذلك ما يمكّن الشركات الأمريكية الصغيرة والمتوسطة الحجم من الاستمرار والتقدم باستخدام الممولين الصينيين.

إن قطع سلسلة التوريد من الصين سيؤثر سلباً على الولايات المتحدة، ويستحيل أن تكون دولة أمريكا عظيمة مرة أخرى، لأن الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم لا تملك الكفاية من الموظفين والموارد المالية للعثور على ممولين بدلاء.

إذا سلّمنا أنه لا يزال أمام الصين طريق طويل كي تتمكن من مساواة الولايات المتحدة في التصنيع المتطور، وأن هناك حاجة ماسة للتصنيع المتطور المستمر في العديد من الجوانب في الصين، فإنه لا يمكن لنا أن نفصل حقيقة أن إحجام الشركات الأمريكية عن مغادرة الصين يؤكد أنه لا يمكن أن تنفصل الولايات المتحدة الأمريكية عن الصين.