مسلَّمة نستهجن نكرانها؟!
لعلّ ما نحن فيه من حراك وتعاون، ما بين الحكومي مُمثلاً بمصرفنا المركزي والخاص ممثلاً بعدد من كبار رجال المال والأعمال، حول دعم صرف الليرة السورية أمام الدولار، والذي نأمل وصوله للخواتيم الاقتصادية العتيدة، لا شكّ يشكّل حالة إيجابية، لكنها -وبصراحة- لا تخلو من منغصات يتبدّى أقلها في آليات تظهير هذا الحراك بكل شفافية، لما لهذا من رسائل مهمّة، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي.
ووصلاً مع دهاليز هذا الحراك، نودّ تذكير رجال أعمالنا وأموالنا، بما كان صرّح به رئيس اتحاد غرف التجارة السورية غسان قلاع، علانية قبل عدة سنوات (موجهاً كلامه لوزير الاقتصاد الأسبق الدكتور همام الجزائري، خلال لقاء لتدارس واقع الليرة والدولار والأسعار بغرفة تجارة دمشق)…إذ قال شيخ التّجار: بصراحة، كل تاجر ومساء كل يوم يقلب ليراته إلى دولار، مرجعاً السبب لتذبذب سعر الصرف، وما يعنيه ذلك من أثر على أعمالهم!.
اليوم نستذكر هذا، لنسأل: من أين كانوا يأتون بالدولار وكيف، وكم استفادوا وربحوا على هذا المنوال طوال أعوام؟!.
وللعلم سؤالنا ليس للمحاسبة..، بل لنؤكد أن ما كان لقطاع المال والأعمال من غضّ الطرف وحرية “الغَرْفْ” من السوق الموازية، وحتى عبر المنظم والمقونن الذي يحكم عملية تمويل المستوردات من “المركزي”، قد حان الوقت كي يُؤخَذَ بميزان التقدير والعرفان والاعتبار، حيث الأوضاع النقدية والمالية والمعيشية للسوريين على صفيح من نار؟!.
أما رسالتنا لهذا المجمع من الأموال، فمفادها أهمية وضرورة الاعتراف بفضل الدولة أولاً، وبفضل المواطن السوري وخاصة من ذوي الدخل المحدود، أنه تحمَّل كل ما تمّ وكان، ولولاه ما كان لتجارنا وصناعيينا هذا المآل من الثروة، كونه المُنتج والمُصنّع والمستهلك الأول لمدخلاتها ومخرجاتها..
هنا سنقارب القضية من بوابة العلاقة والمصالح المتبادلة بين الدولة والمواطن من طرف وبين رجال المال والأعمال من طرف ثانٍ، مبينين أنه وحتى الدول التي تتصارع اقتصادياً وتجارياً ونقدياً (الحرب التجارية وحرب العملات، بين الولايات المتحدة والصين مثلاً)، لا يمكن لأحدها كسر الأخرى وإيصالها لحدّ الانهيار والإفلاس، لأن الدولة التي تفعل ذلك بـ”صديقتها اللدود”، تكون كمن يحطّم بيته على رأسه، لذلك تلجأ الدول كالصين لشراء سندات الخزينة الأمريكية، رغم “العداوة” والصراع بين البلدين.
أي وبالمختصر، حتى يستمر النمو الاقتصادي للصين، لا بد لها أن تُبقي على الأسواق القادرة على تحقيق هذا النمو والتطور، والشيء بالشيء يُذكر ويجب أن يطبق عندنا، فبقاء رجال أعمالنا وأموالنا أقوياء لا يمكن أن يكون دون “سورية قوية وسوري قادر..”، مسلّمةٌ نستهجن نكرانها!!.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com