قرارات تخفيض رسم الأشغال.. تفرضها الضرورة المطلبية للعام أم المصلحة الفردية؟!
طرطوس- لؤي تفاحة
أثار القرار الذي أصدره مجلس مدنية طرطوس المتضمن تخفيض رسم الأشغال للمتر المربع الذي تقدمت به إحدى شركات القطاع الخاص المكلفة به بموجب منحها رخصة الأشغال للملك العام، والموجه لمجلس المحافظة عن طريق المحافظ للمصادقة عليه، جملة من الاعتراضات، وكذلك النقاشات بين المؤيد والمعارض كل بحسب مبررات طرحها خلال جلسات المجلس في دورته الأخيرة، حيث تضمن الكتاب الموجه لضرورة تخفيض قيمة الرسم من 70 ليرة إلى خمسين ليرة عن كل م2 يومياً عن مجمل مساحة لا تقل عن 350 متراً. في حين جاءت طروحات الأعضاء المعارضين لتقول إن طلب مجلس المدينة يتعارض بالحدود الدنيا عما يشكو منه دوماً بقلة الاستثمارات وغياب المطارح الضريبية، وعدم تعاون المكلفين بدفع ما يترتب عليهم من التزامات مالية وضريبية مقابل خدمات وإشغالات وغيرها، وهي ليست بالقليلة لو توفرت الإرادة والإدارة الجادة بتحصيل ما تطالب به بشكل عادل وبعيداً عن الاستنسابية التي يقوم المكلفون من موظفي البلدية بعملية التحصيل فيها.
بالمقابل فقد اعتبر البعض الآخر من أعضاء المجلس المؤيد للتوجه بأنه توجد مبررات ولاسيما بالنسبة للبعض الذين تضرروا كثيراً من جراء التزامهم بأعمالهم اليومية رغم ظروف الحرب وانقطاع الطرقات في بعض السنين، ومع ذلك فقد استمروا بعملهم وتقديم خدماتهم للمواطنين، وعدم قياهم بتسريح بعض من عمالهم كما فعلت بعض الشركات والمؤسسات الخاصة الأخرى، مستغلة ظروف الأزمة، ولكن من دون مراعاة وضع مئات العائلات وفقدانها لمصدر قوت يومها بحسب ما ورد عن لسان من تحدث من أعضاء المجلس..
ورغم كل هذا السجال والنقاش فحسناً فعل مجلس المحافظة برد القرار إلى الجهة المرسلة “لجنة الموازنة” بغية إعادة النظر واتخاذ القرار المناسب بعد طرحه للتصويت بحسب توضيح عليا محمود رئيس مجلس المحافظة بأن لجنة الموازنة طرحته أمام المجلس، ولكن تم التراجع عنه؛ لأن اللجنة لم تأخذ قراراً واضحاً وصريحاً، إضافة إلى أن تحديد سعر متر الشريحة بـ\70\ ليرة هو قرار مجلس سابق، وبناء عليه تم أخذ قرار بإعادة الموضوع إلى اللجنة بغية اتخاذ قرار يقضي بتخفيض رسم الشريحة لكل المستفيدين، وليس لمصلحة خاصة تعود لجهة محددة، ووفق كلام محمود في ذلك تعميم لمفهوم العدالة بشكل يعود بالفائدة وبالنفع لأكبر عدد من المكلفين بغض النظر عما تقدمه تلك الجهة أو مصلحتها الشخصية.
مع الإشارة إلى أن الرأي القانوني المعتمد يشير إلى أن آلية تخفيض بدلات الأشغال لم ترد بكتاب وزارة الإدارة المحلية المتضمن تخفيض البدلات لبعض الشرائح والمحددة بين حدين؛ الأول بـ\50\ ليرة للمتر الواحد، والحد الأكبر بـ\200\ ليرة للمتر2، وهي من صلاحيات المجلس المحلي أساساً. حيث جرى التكليف على أساس تقسيمات المدينة لشرائح، وتم إدخال هذا البدل ضمن الاستثمارات المرسلة إلى وزارة الإدارة المحلية، ومن ثَم رئاسة مجلس الوزراء، وبالتالي تخفيض هذا البدل يتطلب مبررات قانونية لم تذكرها المدينة في متن كتابها المرسل.
بكل الأحوال قد لا نفهم مبررات مجلس مدينة طرطوس وذهابه نحو تفريطه بحقه، وما كان يطالب به مراراً وتكراراً ولاهثاً وراء طرق “باب الشحادة”، رغم حصوله مؤخراً على مبلغ 235 مليوناً كدعم إضافي “.. ومع ذلك فإن أكثر من علامة استفهام وتعجب من المهم والمفيد طرحها وسط كل هذا الجدال الدائر برأي أبناء المدينة حول إصدار مثل هذا القرار المريب”.. وهو المطالب أصلاً برفع قيمة الرسوم وليس تخفيضها.! والمهم أكثر طرح أسئلة ليست بريئة بالنسبة للبعض الآخر حول الآلية المتبعة عند تحديد سعر بدل الأشغال للمتر المربع الواحد؟ وهل تتم وفق معايير المصلحة العامة والملك العام، أو نتيجة لنفوذ ودور أعضاء مجلس المدينة وما قد يدفع لهم، أو تطبيق “نظرية المحاصصة” فيما بينهم، أو من قبل المستفيدين الشاغلين، ولنا في تجربة بدلات الإشغالات على طول الكورنيش البحري وشاطئ الاحلام، وغيره الكثير.. مروراً بإشغالات الأرصفة المخصصة للمشاة والمستخدمة مجاناً أو شبه مجاني من قبل أصحاب مكاتب السيارات، وظاهرة إشغالات أصحاب المحلات وحتى الشوارع من قبلهم وعلى حساب حركة المواطن ومستخدمي الطريق، وكذلك الملك العام وحقوق البلدية، واستغلال الظروف الحالية، أسوة ليست حسنة على الإطلاق وبادرة غير مشجعة لمحاولة إقناعنا جبراً وغصباً لمن يحاول أن يبرر حرصه على المطالبة بتخفيض بدل الإشغال من 70 إلى 50 ليرة .؟!