وزارة المغتربين.. من جديد..؟
بالعودة لحديثنا مع معاون وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد على هامش اجتماع الحكومة، الذي كان مخصصاً لاستعراض ما أنجزته فرق ولجان “المشروع الوطني لإعادة إعمار سورية ما بعد الحرب” في الشهر ما قبل الأخير من العام 2017، تلقينا جرعة تفاؤل وأمل كبيرين حول ما يُعدُّ لدبلوماسيتنا الاقتصادية من دور مختلف ورائد في ذاك العام وما سيليه، حيث كان فريق “العلاقات الدولية” قد أنجز نحو 90% مما هو مطلوب منه حينها.
اليوم وبعد انقضاء كل تلك المدة دون أن نتلمس ما يدلل على ما كان يؤمل من دبلوماسية اقتصادية، وهذا أمر له مبرراته الموضوعية، وفي مقدمها العبء الكبير الذي تنهض به دبلوماسيتنا عامة والسياسية خاصة، حيث تخوض حرباً سياسية شرسة في العديد من ملفاتها الوطنية السيادية المصيرية، إلى جانب الملفات الإقليمية والدولية التي لا تقل أبداً عن الوطنية؛ ما يفرض برأينا تفرغاً شبه تام لها…
من هذا المنطلق نطرح اليوم مقترح استرجاع وزارة المغتربين على طاولة إمكانية عودتها، لتكون أحدى الحقائب الوزارية الوازنة، لكن مع تحديد للدور والمهام والأهداف والنتائج المطلوب العمل عليها للاستثمار الأمثل وإلى أقصى حد، استناداً لما نمتلكه من ثروة اغترابية (بشرية ومالية)، لا شك تحتاج لتفرغ مؤسسة بحجم وزارة، حيث الاستثمار في هذه الثروة لا يزال دون أدنى درجات الطموح، وخاصة من الناحية الاقتصادية بشكل عام.
طرحنا سنده والهدف منه هو عملتنا الوطنية، لتمكينها المكانة النقدية القوية القدرة على الحد من “سطوة” الدولار ومحاولات “تعويمه” ليس في سورية فقط، بل في دول منطقتنا؛ أي سيادتنا على قرار سعر الصرف.
أما عن الكيفية الداعمة لما تقدمنا به، فتكون من خلال “سلاح الدعم الاغترابي”، الذي ورغم تنوع إمكاناته ومقوماته وغناها، إلاَّ أنه لا يزال معدوم الاستخدام والتأثر نهائياً حتى تاريخه، في الوقت الذي يمكن أن يكون فاعلاً ومؤثراً إذا ما استطعنا تفعيله وتوجيهه الوجهة التي تقتضيها المرحلة، ويقتضيها مستقبل سورية وعلاقة المغتربين بوطنهم، وهنا يأتي دور وزارة المغتربين، والمبرر القوي لعودتها، لتؤدي هذا الدور الوازن…
رقم ضخم جداً من المغتربين، إن لم يكن معظمهم، فـ50% منهم ناجحون في دول الاغتراب، وللعديد وزنهم الاقتصادي والعلمي والاجتماعي وحتى السياسي، وجلهم يقبضون رواتبهم بالعملة الصعبة، وعليه إذا ما أودع عدد منهم مبلغاً ولو 1000 دولار فقط، وهو مبلغ صغير جداً بالنسبة للمغترب، في بنك وطنه المركزي، فسيكون قد قدم دعماً وازناً لاقتصاده الوطني من بوابة ليرتها الوطنية…
وأياً كان المبلغ الذي سنصل إليه، والمتوقع أن يكون “محرزاً”، فسيكون – على الأقل- مبلغاً داعماً لمواجهة أزمة سعر الصرف، وبالتالي الخروج من الأزمة الاقتصادية بأقل الآثار والخسائر…
للعلم، إن من عادة الدول الغنية عندما تريد إنقاذ دولة ما من الانهيار الاقتصادي، تعمد إلى إيداع مبلغ 1 مليار دولار، رقم بمقدورنا مقاربة تحقيقه، وخاصة في ظل تباشير الأصوات المغتربة الداعية والمستعدة لهذا الشأن…
كما من المهم العلم أيضاً، أن تلك المبالغ، ستكون وديعة مصرفية، يمكن لأي مغترب سحبها وفق برنامج وآليات زمنية يتم دراستها وتحديدها بدقة، أو حين زيارته لوطنه الأم..، وبذلك نحقق معادلة الدعم والتقدير والانتماء.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com