أزمة “بريكست” إلى المربع الأول
يستأنف مسؤولو الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، غداً، محادثات صعبة حول بريكست، بعدما اعتبرت بروكسل عرض رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون لتجنّب خروج من الاتحاد الاوروبي من دون اتفاق في 31 الجاري، غير كاف، وقالت المتحدّثة باسم المفوضية الأوروبية ناتاشا بيرتو: إن “اقتراحات المملكة المتحدة لا تشكّل قاعدة للتوصل إلى اتفاق”، فيما ترى الحكومة البريطانية أن عرضها الذي قدّمته الأربعاء الفائت يشكّل “تسوية عادلة ومنطقية”، لكن الوقت يضيق بالنسبة إلى الطرفين للتوصل إلى اتفاق. ما يعيد أزمة بريكست إلى المربع الأول، خاصة بعد أن شدّدت المفوضية الأوروبية على: “أن المحادثات بشأن خطة جونسون لاستبدال الترتيب الخاص بإيرلندا الشمالية لن يجري في مطلع الأسبوع الحالي”، وأضافت: الاتحاد سيمنح بريطانيا “فرصة أخرى لعرض اقتراحاتها بالتفصيل”.
في المقابل، يؤكّد جونسون دائماً على أنه لن يطلب إرجاء الانفصال، وعاود التأكيد على هذه النقطة، وكتب على تويتر: “اتفاق جديد أو لا اتفاق لكن لا تأجيل”، لكن حكومته أقرّت لأول مرّة، يوم الجمعة، بأنه سيرسل خطاباً إلى الاتحاد الأوروبي لطلب إرجاء انفصال بريطانيا ما لم يتمّ التوصل لاتفاق بشأن الخروج بحلول 19 الشهر الجاري.
ولم يفسّر جونسون هذا التضارب الواضح، لكن معارضيه يعتقدون أنه سيسعى لمخرج قانوني ما، بهدف تجنّب تقديم طلب تمديد، أو أنه سيحاول الضغط على الاتحاد الأوروبي كي يرفض مثل هذا الطلب، فيما قال دومينيك كامينجز، أبرز مستشاري جونسون: “إن الحكومة ستراقب التطوّرات في الأسبوع المقبل، لكنها لن تغيّر موقفها في التفاوض”.
والنقطة الأساسية العالقة بين الطرفين هي “شبكة الأمان” بالنسبة لإيرلندا الشمالية، وهو البند الهادف إلى تجنب عودة إقامة حدود فعلية بين الأراضي البريطانية وإيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي، والحفاظ على اتفاق السلام لعام 1998 في إيرلندا، وعلى وحدة السوق الأوروبية المشتركة.
وخطة جونسون الحالية لإيجاد بديل من شبكة الأمان تنص على أن تخرج مقاطعة إيرلندا الشمالية من الاتحاد الجمركي الأوروبي كباقي المملكة المتحدة، لكن مع الاستمرار في تطبيق القوانين الأوروبية من ناحية نقل السلع بما في ذلك الأغذية مع إنشاء “منطقة تنظيمية” على جزيرة إيرلندا شرط أن يوافق البرلمان والسلطة التنفيذية في إيرلندا الشمالية على ذلك.
وسيلغي ذلك عمليات المراقبة بين إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا، لكن ذلك يعني قواعد متباينة بين المنطقة البريطانية التي هي إيرلندا الشمالية وباقي المملكة المتحدة.
لكن الخطة المتعلقة بالحدود غير مقبولة للاتحاد الأوروبي، الذي اعتبر أنها تتضمن نقاطاً “إشكالية”، ويجب إعادة العمل عليها، ما دفع جونسون إلى التأكيد أنه قام بالخطوة المطلوبة منه، ويبقى على بروكسل أن تظهر “ليونة”.
كما يرفض الاتحاد الأوروبي شقاً في الخطة ينصّ على أنه يتعيّن أن يحصل هذا المقترح على مصادقة حكومة وبرلمان مقاطعة إيرلندا الشمالية مرة كل أربع سنوات، الأمر الذي يثير إشكالية لدبلن لأن مجموعة من النواب أو أي حزب إيرلندي شمالي يمكنه أن يرفع فيتو ضده.
وفي حال عدم التوافق على أي من هذين البندين أو الاثنين معاً، فسيكون من الصعب أن تصل المحادثات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا إلى مرحلة مفاوضات.
في الأثناء، تنظر محكمة اسكتلندية في إمكانية سجن جونسون إذا أصر على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، وستستمع المحكمة في جلستها إلى القضية القانونية المرفوعة حول إمكانية إجبار رئيس الوزراء على تأخير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فيما تهدف القضية المرفوعة إلى تحديد ما قد يحدث إذا رفض جونسون طلب تأجيل من الاتحاد الأوروبي.
وقد يشمل ذلك قيام المحكمة بتوقيع خطاب تطلب فيه تمديداً جديداً من القادة الأوروبيين، نيابة عن جونسون.
وقدّم الدعوى رجل الأعمال ديل فينس والمحامي في المحكمة العليا جو موغام، والنائبة عن الحزب القومي الاسكتلندي جوانا تشيري.
ويريد مقدمو الدعوى من المحكمة أن تبت في مدى التزام جونسون بالقانون الذي أقره نواب مجلس العموم، ويطلق عليه اسم “قانون بن”، ويلزم الحكومة أن تطلب تمديداً لموعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إذا لم يصوّت البرلمان على الصفقة التي وعد جونسون بإبرامها مع الاتحاد الأوروبي بحلول 19 تشرين الأول الجاري.
وقد استمع القاضي، اللورد بنتلاند إلى جدال حول عواقب عدم قيام رئيس الوزراء بذلك، حيث يشير الملتمسون إلى أن “العقوبات بما في ذلك الغرامة والسجن” يمكن أن يتم تطبيقها.
وسيصدر القاضي قراراً بشأن الجزئية الأولى من القضية، غداً الاثنين، وبعد ذلك ستنظر لجنة من القضاة فيما إذا كان يمكن للمحكمة استخدام سلطتها لإيجاد حل في القضايا التي لم يرد فيها نص قانوني، لتوقيع خطاب إلى القادة الأوروبيين بطلب التمديد إذا رفض جونسون القيام بذلك.
ووصف جونسون مراراً “قانون بن” بأنه “مشروع الاستسلام”، قائلاً: إنه سوف يسلب سلطة هذه الحكومة، وقوة هذا البلد في تحديد المدة التي ستظل في الاتحاد الأوروبي، وسيمنح هذه السلطة للاتحاد الأوروبي”.
وفي الوقت نفسه، اقترح وزير الخارجية دومينيك راب أن “تلتزم الحكومة بالقانون”، لكنها في الوقت ذاته “تختبر الحد الذي يتطلبه القانون بالفعل”، فيما قالت جوانا تشيري، قبل جلسة الاستماع في ادنبرة: إن جونسون “لا يمكن الوثوق به”، وإن الإجراء القضائي كان يدور حول “ضمان التزامه بالقانون”، وأضافت: “إذا حاول بوريس جونسون تحدي القانون وتحدي البرلمان عن طريق الخروج من الاتحاد الأوروبي دون صفقة، فإننا ندعو المحاكم الاسكتلندية إلى تأييد القانون”، وأردفت: إن المحكمة العليا البريطانية، قضت الأسبوع الماضي، بالإجماع بأن محاولة جونسون لإغلاق البرلمان كانت غير قانونية، ولاغية، ويجب تذكيره بأنه ليس فوق القانون”.