بعد تجربته الأولى في المونودراما بدمشق د.مشهور مصطفى: الرجل أفضل من يكتب عن المرأة
بعد تقديمه لعروض مسرحية متعددة في لبنان كمؤلف ومخرج، يعبر المخرج المسرحي د.مشهور مصطفى عن سعادته بلقاء الجمهور السوري من خلال مونودراما “هي وهنّ” التي قُدمت على خشبة مسرح القباني بدمشق بأداء متميز من قبل الممثلة مروة قرعوني، شاكراً مديرية المسارح التي استضافت العرض وأتاحت له لقاء جمهور دمشق المتذوق للمسرح.
مسؤولية فنية
يشير د.مصطفى في حواره مع “البعث” إلى أنه ولأول مرة يخوض ككاتب ومخرج تجربة المونودراما، حيث اعتاد على تقديم عروض مسرحية مؤلفة من فريق، مؤكداً أن التعاطي مع المونودراما يختلف عن الأعمال الأخرى التي تعتمد على أكثر من ممثل، بينما تعتمد المونودراما على ممثل واحد يجب أن يحمل العرض كله، وهنا تقع على عاتق المخرج مسؤولية فنية كبيرة تقوم على تعبئة الفراغات بأشياء بصرية وتوظيفها مسرحياً.. ولأن الممثل في المونودراما يقع على عاتقه كامل العرض من الضروري برأي مصطفى إغناء العرض بالإضاءة والبصريات، آخذاً بعين الاعتبار تحقيق التوازن بين ضرورة الكلام وما يتطلبه من تشكيلات بصرية لها دلالات وظيفية، مع إشارته إلى أن الممثلة مروة قرعوني نجحت في “هي وهنّ” في أن تلبي احتياجات التمثيل وعدم ترك فراغات في العمل، مؤكداً أن المونودراما تحتاج لممثل محترف ومخرج قدير لديه دراية في إدارة الممثل وقدرة على تفجير طاقاته، وهذا ما كان لدى مروة قرعوني التي تمتلك طاقات كافية قام بتوظيفها بشكل صحيح.
“هي وهنّ”
لم يسبق لمصطفى ككاتب ومخرج دخول عالم المونودراما قبل “هي وهنّ” ولكن لفت انتباهه كثيراً ما كانت تتناوله الصحافة اللبنانية حول وضع المُطَلَّقات المُعَلَّقات وحول وضع المرأة المقلق في الوطن العربي الذي جعله ينجز نص “هي وهنّ” مستنداً إلى قصص حقيقية ووقائع حسية كتبها كتابة مسرحية وأضاف عليها بعض التفاصيل بالتعاون مع مروة قرعوني، فكان برأيه نصاً محبوكاً بطريقة غير تقليدية، منوهاً إلى أنه اعتاد كتابة نصوصه المسرحية كتابة ركحية أي على الخشبة، ولكن في “هي وهنّ” كتب نصاً مسرحياً مكتملاً ولكن بعين المخرج، وهذا ما سهّل عليّه إخراج العمل بسرعة وجعل الفرق بين النص المكتوب على الورق وما كان على الخشبة بسيطاً.. ورداً على من يستغرب تناوله لقضايا المرأة والتعبير عنها وهو رجل يبين أن أفضل من يكتب عن المرأة هو الرجل، لذلك كتب وفي مخزونه الكثير من خلال الأم والأخت والزوجة والابنة، لذلك لم يكن غريباً أن يعبر عنها وهو يعرف كيف تحس وتفكر وتعاني وما هي مشكلاتها، وقد شاهد وما زال يشاهد نماذج مختلفة من النساء اللواتي يعانين، كما قرأ الكثير من قصصهن في الحياة.. من هنا يعتقد د. مصطفى أن الرجل يستطيع أن يكتب عن المرأة أفضل من المرأة لأنه داخل وخارج الدائرة بنفس الوقت، ولا ينكر أن قرعوني قدمت العديد من الاقتراحات التي لها علاقة بالمرأة وإحساسها.
مسرحي بصري سريالي
وينوه د. مصطفى إلى أن المونودراما التي كتبها وأخرجها لم تقدم كحكاية تقليدية، وهو عادة ما يبتعد في أعماله عن هذا الأسلوب لميله إلى كسر ما هو روتيني ورغبته في تقديم أحداث متداخلة مع بعضها وبطريقة غير تقليدية.. وبعيداً عن المونودراما يشير إلى أنه مسرحي بصري سريالي وقد قدم العديد من الأعمال المسرحية في هذا الإطار مثل “أبيض أسود” التي شاركت عام 1989 في مهرجان قرطاج المسرحي ومسرحية “القمر يضوي على الناس” التي عرضت في مصر وبيروت، كما أن لديه مؤلفات ونصوصاً مسرحية، مبيناً أنه مسرحي بصري ولذلك حتى في المونودراما التي تعتمد على الكلام حاول الاستعانة بما هو بصري لإيمانه أننا اليوم في عصر الصورة وأحوج ما نكون في المسرح لما هو بصري لأن الكلام اليوم برأيه لم يعد يفيد في المسرح الذي يجب أن يحقق المتعة البصرية والفكرية، ولا ينكر أنه في بعض الأحيان قد يستعين بالسينما في خدمة عرضه المسرحي، وهذا ما يفعله منذ 3 سنوات مع طلابه في المعهد المسرحي.
الحاجة الكبرى
قدمت مونودراما “هي وهنّ” على مسرح المدينة في بيروت، وكانت الانطباعات برأي مصطفى ممتازة، وقد لاقى العرض استحساناً من قِبَل النساء والرجال الذين كانوا يتواجدون بكثافة، موضحاً أن المونودراما في لبنان أصبحت حاجة لأنها قليلة التكلفة على الصعيد الإنتاجي وأسهل في تجميع فريق عمل، خاصة وأن العروض المسرحية الأخرى تعاني من عدم التزام الممثلين وغياب هاجس العمل عندهم في ظل انشغالاتهم الأخرى، ومع هذا يرى د. مصطفى أن المونودراما لا تلبي الحاجة الكبرى للمسرحيات التي فيها مشهديات وبصريات، إلا أنها تلتقط التفاصيل وذاتية الإنسان كفرد، كما تغري الممثل الذي يريد أن يفجر طاقاته.
ويبيّن د.مشهور مصطفى أن المسرح ضرورة في حياتنا مع أنه لا يغير العالم، والمسرح في لبنان لا ينفصل واقعه عن المسرح في الوطن العربي حيث المعاناة واحدة، أما جديده في المسرح فهو يستعد لإعادة عرضه المسرحي “انتظار” في بيروت الذي سبق أن قدمه هناك، ولكن هذه المرة بعدد أقل من الممثلين.
أمينة عباس