“بذخ ثقافي”
شهدت حلب خلال الأيام القليلة الماضية العديد من الفعاليات والمهرجانات، واحتفاليات ثقافية وفنية وسياحية واقتصادية، وهي تستعد غداً لإطلاق فعالية حلب عاصمة الثقافة السورية ضمن برنامج غني وحافل، يستمر شهراً كاملاً.
ولا شك أن هذه الأنشطة المختلفة والمتنوعة تكتسب أهمية كبيرة، وهي تعكس إرادة الحياة في هذه المدينة التي عانت طويلاً من الإرهاب، وتدلل على تعافيها ونهوضها تدريجياً وعودة الألق لها.
وأمام هذا الكم من الفعاليات المفرحة والتي أنفق عليها ملايين الليرات، ثمة الكثير من الأسئلة تتطلب إجابات صريحة وشفافة من قبل المعنيين، تتمحور حول الكثير من القضايا والملفات اليومية المعيشية المزمنة، كما يكبر السؤال حول ما تم إنجازه في المقابل على صعيد مشروع إعادة الإعمار، وتنفيذ المشاريع الحيوية والاستراتيجية والتنموية في المدينة والريف، ولعل السؤال الأكثر إلحاحاً هو، هل تسمح الظروف في ضوء ما يعانيه اقتصادنا من حصار جائر وظالم، ومن اختناقات معيشية مزمنة ومن تعثر في تنفيذ الخطط والمشاريع أن يشتد حمى التنافس والسباق لإقامة حفلات ومهرجانات فنية وثقافية، وعلى هذا النحو من المبالغة والبذخ؟!
ما نود التأكيد عليه وهو – وجهة نظر – ليس بالضرورة تبنيها، هو أن الفرح الحقيقي ليس في سماع موال سبعاوي من مطرب يتقاضى أجراً أكثر من مليوني ليرة خلال أقل من ساعتين، ولا مشاهدة رقصة فلكلورية أو سماع قصيدة شعر؛ فالمواطن يبحث عن فرح حقيقي غير مزيف يتمثل في ضبط الأسواق ومكافحة فساد التجار وجشعهم ولجم الأسعار وتأمين لقمة عيشه، وفي حصوله على أسطوانة الغاز ومادة المازوت المنزلي دون عناء، ولا شك أن القائمة تطول في هذا السياق.
خلاصة القول ومما تقدم يتضح جلياً حالة التخبط والفوضى التي تعم مؤسساتنا ومديرياتنا بمختلف فروعها، والمفترض أن تضطلع بدورها الحقيقي من خلال تحديد الأولويات والضروريات، وتقنين الإنفاق على الكماليات وعلى الإنجازات الوهمية، خاصة في هذا الوقت العصيب الذي يتطلب منا جمعياً العمل بروح المسؤولية والغيرية، فمن غير المقبول أن تقام فعالية ثقافية على مدى شهر كامل تقدر كلفتها وفق تسريبات غير مؤكدة بحوالي /100/ مليون ليرة.
معن الغادري