إيران تؤكّد مجدّداً ضرورة احترام سيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها مصر وقبرص واليونان تدين عمليات النظام التركي: غير قانونية وغير مشروعة
غداة اعتداء جيش النظام التركي على مناطق بريف الحسكة الشمالي الشرقي، أصدر رؤساء الدول والحكومات الثلاث في مصر وقبرص واليونان بياناً ثلاثياً، عقب القمة في مصر، والتي جمعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس، ورئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس، أعربوا فيه عن قلقهم العميق من العملية العسكرية غير القانونية وغير المشروعة التي أعلن النظام التركي شنها في الأراضي السورية، وأكدوا ضرورة العمل للحفاظ على وحدة الدولة السورية وسلامتها الإقليمية، وأعربوا عن إدانتهم القوية لأي محاولة تركية لتقويض وحدة الأراضي السورية أو القيام بأي تغييرات ديمغرافية متعمّدة في سورية.
وشدّدت الدول الثلاث على الالتزام بوحدة سورية وسيادتها وسلامة أراضيها واستقلالها، معربة عن دعمها المساعي الدولية لتعزيز الحل السياسي للأزمة في سورية وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254 وبيان جنيف، وأعربت عن قلقها البالغ إزاء الوضع في منطقة إدلب، التي ينتشر فيها الآلاف من الإرهابيين الذين يتلقون المساعدة من أطراف بعينها، الأمر الذي يمثل تهديداً مشتركاً لمنطقة المتوسط.
وجدّدت الدول الثلاث التأكيد على تعزيز الجهود الدولية في مكافحة الإرهاب والتطرّف، داعية المجتمع الدولي إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات المتوافقة مع القانون الدولي ضد جميع التنظيمات الإرهابية، فضلاً عن اتخاذ تدابير ملموسة لمساءلة الفاعلين الإقليمين المنخرطين في تمويل التنظيمات الإرهابية وتزويدهم بالأسلحة وتوفير ملاذ آمن ومنصات إعلامية لها.
وفي مؤتمر صحفي، جدّد السيسي التأكيد على ضرورة احترام سيادة سورية ووحدة أراضيها، وقال: “أكدنا رفضنا التام محاولات استخدام القوة، واستقطاع جزء من الأراضي السورية، وفرض أمر واقع جديد في المنطقة، فيما يعد انتهاكاً للأعراف والقوانين الدولية”، وأشار إلى أن الاجتماع الثلاثي ناقش تطوّرات الأوضاع في سورية، وتمّ التأكيد على دعم الحوار السوري-السوري للتوصل إلى حل سياسي للأزمة وجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون.
إلى ذلك، أكدت وزارة الخارجية الإيرانية أن إيران تعارض أي عدوان تركي على الأراضي السورية، مشدّدة على ضرورة احترام السيادة السورية ووحدة وسلامة أراضيها، وقالت في بيان: إن إيران تعرب عن أملها في إرساء السلام والاستقرار في سورية والمنطقة عقب الإجراء الأمريكي الأخير المتمثّل بالإعلان عن سحب القوات الأمريكية.
وأعربت عن قلقها من احتمال دخول القوات التركية إلى الأراضي السورية، مشيرة إلى أن ذلك سيؤدي إلى خسائر مادية وبشرية كبيرة، وأوضحت أن طهران تشدّد دائماً على احترام السيادة السورية ووحدة وسلامة أراضيها، وتطالب بتنفيذ “اتفاقية أضنة”.
وأكدت أن وجود القوات العسكرية الأمريكية في سورية غير مشروع، لافتة إلى أن قرار الولايات المتحدة بإنهاء احتلال الأراضي السورية وانسحاب قواتها من سورية إجراء كان يجب أن يحدث قبل الآن بكثير.
ويأتي الإعلان الأمريكي الجديد عن انسحاب قوات الاحتلال الأمريكية من منطقة الحدود السورية مع تركيا ضمن سياق تبادل الأدوار مع النظام التركي، الذي يعمل مجدّداً على الاعتداء على الأراضي السورية في منطقة الجزيرة.
في السياق ذاته أعرب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن رفض بلاده للعدوان التركي على الأراضي السورية، مجدداً التأكيد على ضرورة احترام وحدة الأراضي السورية وسيادتها الوطنية، وشدد، خلال اتصال هاتفي أجراه الليلة قبل الماضية مع وزير خارجية النظام التركي مولود جاويش أوغلو، على ضرورة مكافحة الإرهاب وإرساء دعائم الأمن والاستقرار في سورية، لافتاً إلى أن تطبيق اتفاق “أضنة” هو الخيار الأفضل لسورية وتركيا.
مجلس الأمن الروسي: تفادي
أي تهديد لحل الأزمة في سورية
كما بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع أعضاء مجلس الأمن القومي الروسي آخر تطوّرات الأوضاع في سورية وضرورة تفادي أي أعمال تهدد حل الأزمة فيه، وقال المتحدّث الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف: إن المشاركين في الاجتماع بحثوا بالتفصيل الوضع في سورية على خلفية التصعيد بشمال شرق البلاد، وأضاف: جرى التأكيد على أنه من المهم في هذه المرحلة تفادي أي أعمال من شأنها أن تعرقل العملية السياسية في سورية.
وفي موسكو، أدان عضو مجلس الدوما الروسي نيكولاي حاريتونوف إقدام النظام التركي على شن عدوان جديد على الأراضي السورية، مشيراً إلى أن أردوغان يصر على ارتكاب الأخطاء في سياساته تجاه سورية، وقال: “من الخطأ الكبير أن تقوم دولة كتركيا باعتبارها من الدول الضامنة لعملية أستانا بشن حرب على سورية”، مشيراً إلى أن العدوان الجديد يتزامن مع قرب القضاء على ما تبقى من إرهابيين والتوصل إلى حل سياسي للأزمة لتهيئة المناخ المناسب من أجل إعادة الإعمار في البلاد، لافتاً إلى أن وجود قوات أجنبية بصورة غير شرعية على الأراضي السورية يعرقل التوصل إلى تسوية للازمة.
كما وصف عضو مجلس الدوما الروسي فلاديمير بوزنيكوف العدوان التركي على الأراضي السورية بأنه تصرّف إجرامي وعقيم ينبغي منعه، وقال: “إن قصف الأراضي السورية بذريعة حفظ أمن تركيا من الإرهابيين هو تفكير أحمق وعمل إجرامي”، داعياً النظام التركي إلى التخلي عن هذا النهج والتنسيق مع سورية للتوصل إلى حلول للمشكلات القائمة، وأكد أن النظام التركي يرعى الإرهاب وحوّل أراضي تركيا إلى مقر وممر للإرهابيين إلى سورية، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن قوى حلف شمال الأطلسي “ناتو” تقوم بالتغطية على ممارسات النظام التركي الرامية الى إطالة أمد الحرب على سورية لمنعها من إعادة بناء اقتصادها بعد أن قضت على القوى الرئيسة للإرهاب.
وفي الداخل التركي، أكد نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، آونال جافيكوز، أن نظام أردوغان لعب دوراً رئيسياً بتأجيج الأزمة في سورية عبر قيامه بدعم التنظيمات الإرهابية، داعياً إلى احترام سيادة ووحدة سورية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وقال في مؤتمر صحفي: إن أردوغان انتهج سياسات متهورة وارتكب أخطاء جسيمة متكررة “مبنية على عقد نفسية”، وإن هذه “السياسات المعادية للسلام كانت سبباً رئيسياً في إطالة أمد الأزمة في سورية، وجعلت من تركيا عنصراً رئيسياً في هذه الأزمة”، مضيفاً: “لقد تدخلت تركيا بشكل سافر في سورية عبر دعم المجموعات المسلحة التي تقاتل الدولة السورية وعبر توغلها داخل الأراضي السورية”، وشدد على ضرورة أن تكون أسس ومبادئ سياسة أنقرة الخارجية مبنية على “احترام سيادة سورية ووحدتها واستقلالها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، واحترام كل الاتفاقيات والأعراف الدولية، وعلى أساس علاقات حسن الجوار والالتزام بكل الاتفاقيات الثنائية الموقّعة، والسعي من أجل حل جميع المشكلات عبر الحوار والتنسيق والتعاون الإقليمي”.
من جهته أكد عضو البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري، آوتكو جاكير آوزار، أن أي عدوان لقوات النظام التركي في سورية “عمل استفزازي وخطير”، مبيناً في الوقت ذاته أن سياسات أردوغان حيال سورية سبب رئيسي لمشكلات تركيا الاقتصادية والمالية، وانتقد في حديث تلفزيوني نفاق أردوغان فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، مشيراً إلى أنه ليس من حق الأخير أن يشكو من خطر الإرهاب لأنه هو سببه، موضحاً أن أردوغان دعم “الإخوان المسلمين” وباقي التنظيمات الإرهابية في المنطقة وفتح الحدود على مصراعيها لإدخال آلاف الإرهابيين الأجانب إلى سورية.
قانونيون وبرلمانيون:
انتهاك خطير لميثاق الأمم المتحدة
عربياً، أكد عدد من القانونيين والبرلمانيين والشخصيات الفلسطينية أن تدخلات النظام التركي بالشؤون الداخلية السورية تعتبر مساً خطيراً بسيادة دولة عضو ومؤسس في الأمم المتحدة، وانتهاكاً خطيراً لميثاقها والقوانين الدولية، منددين بالعدوان التركي الأخير على مناطق بريف الحسكة الشمالي الشرقي.
وأكد نقيب المحامين في سورية نزار اسكيف خطورة الأطماع التركية العثمانية التاريخية في المنطقة عموماً وسورية على وجه التحديد، مبيناً أن السوابق الخطيرة والانتهاكات التي يرتكبها النظام التركي بحق السيادة السورية، وكان آخرها العدوان على المالكية بريف الحسكة، تعد خرقاً فاضحاً للمواثيق الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، ورأى “أن العبث الجغرافي والديموغرافي التركي في المنطقة يأتي بدعم من الولايات المتحدة بشكل غير مباشر وغير معلن، ويمثّل شكلاً من أشكال الجنون”، مؤكداً أن هذه الانتهاكات التركية لن يكون لها أي أثر على أرض الواقع لأن الشعب السوري ملتف حول قيادته وجيشه، ولن يفرط بجزء أو ذرة واحدة من تراب سورية، و”إرادة الشعوب أقوى من كل الإرادات والإملاءات مهما عظمت”.
بدوره رأى عضو مجلس الشعب محمد فارس العبد الرحمن أحد مشايخ قبيلة طي أن الأطماع التركية في سورية ليست جديدة، مؤكداً أن صمود سورية، شعباً وجيشاً وقيادة، سيبدّد الأحلام التركية، ولأن من صمد أمام الحرب الكونية على مدى تسع سنوات قادر على الصمود ودفع العدوان عن بلده، وأشار إلى أن الشعب السوري الأبي والشجاع يرفض بشكل تام أي تدخل تركي في الأراضي السورية، سواء كان بذريعة حماية تركيا من ميليشيا “قسد” الانفصالية أو بغير ذلك من الذرائع والحجج الواهية.
أمين عام جبهة النضال الشعبي الفلسطيني خالد عبد المجيد حذّر من أن العدوان التركي على الأراضي السورية يعتبر تصعيداً خطراً وخروجاً عن جميع الشرائع والقوانين الدولية وستكون له تداعيات إنسانية كبيرة، واعتبر أن هدف رئيس النظام التركي أردوغان من هذا العدوان تصدير أزمته الداخلية إلى الخارج، مؤكداً أن سورية، شعباً وجيشاً وقيادة، والتي واجهت الإرهاب وحققت الكثير من الانتصارات عليه، قادرة على هزيمة أي عدوان على أراضيها.
بدوره استنكر أمين سر تحالف قوى المقاومة الفلسطينية ياسر المصري العدوان التركي الجديد على سورية، الذي يشكّل انتهاكاً واعتداءً صارخاً على سيادة سورية، مؤكداً أن الأطماع التركية التي يحاول النظام التركي تحقيقها على حساب الأمة العربية من خلال هذا العدوان وغيره ستفشل، ولن يكتب لها النجاح، بفضل صمود سورية ومعها محور المقاومة.
أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح الانتفاضة أبو حازم دعا من جانبه لمجتمع الدولي للضغط على النظام التركي لسحب قواته من الأراضي السورية، مشددا على ضرورة الوقوف إلى جانب سورية، شعباً وجيشاً وقيادة، التي وقفت بشكل دائم مع القضية الفلسطينية وقضايا الأمة العربية، والتي تعد بحق ركيزة أساسية من ركائز محور المقاومة في التصدي للمشاريع الصهيوأمريكية المنطقة.