ترامب يصعد الحرب التجارية في الوقت الأسوأ
ترجمة: عائدة أسعد
عن غلوبال ريسيرش 4/10/2019
جولات عدة من المحادثات التجارية بين الصين والولايات المتحدة فشلت بسبب مطالب نظام ترامب غير المقبولة، والتي لا علاقة لها بالاختلال التجاري الثنائي الحاصل نتيجة تحويل أعمال الشركات الأمريكية إلى الصين وغيرها من البلدان ذات الأجور المنخفضة.
من المقرّر أن تكون هناك جولة أخرى من المحادثات في 10 تشرين الأول في واشنطن، وذلك قبل خمسة أيام من الموعد النهائي لفرض رسوم أمريكية جديدة حدّدها ترامب في 15 تشرين الأول بنسبة تصل من 25-30% على الواردات الصينية التي تبلغ قيمتها 250 مليار دولار، ولا يلوح في الأفق أي أمل لحلّ الخلافات الثنائية، فالمحادثات السابقة أعقبتها زيادة في التعريفة الجمركية الأمريكية ولن يكون الأمر مختلفاً هذه المرة. وفي الوقت نفسه فرض نظام ترامب تعريفة جديدة تتراوح بين 10-25% على 7.5 مليارات دولار من قيمة الواردات من الطائرات التجارية الأوروبية والسلع الزراعية والصناعية، وذلك اعتباراً من 18 الشهر الجاري، وبالطبع ستردّ بروكسل بالمثل وتفرض رسوماً على الواردات الأمريكية، وبذلك تكون حرب التعريفة الجمركية الأمريكية متصاعدة على جبهتين في الوقت الأسوأ الذي تتراجع فيه الظروف الاقتصادية العالمية.
في شهر آذار الماضي أكدت دراسة لغرفة التجارة الأمريكية أن الحرب التجارية الطويلة بين الصين والولايات المتحدة يمكن أن تقلّل من النمو الاقتصادي الأمريكي بمقدار تريليون دولار خلال العقد المقبل، لأن الرسوم الجمركية الأمريكية على الواردات الصينية ستؤثر سلباً على الناتج الإجمالي المحلي والاستثمارات والعمالة والتضخم، وستلحق الضرر الأكبر بقطاع التكنولوجيا، وقد تسير الأمور نحو الأسوأ مع استمرار الجمود الثنائي لتلحق الأذى بنمو الاقتصاد الصيني الذي وصل إلى أقل مستوى خلال الربع الثاني من العام الحالي منذ 27 عاماً.
وبحسب بيان توقعات منظمة التجارة العالمية سينخفض النمو العالمي من 2.6 إلى 1.2 في العام 2020 أي بنسبة 3%، وسيتباطأ الاقتصاد العالمي بسبب الحرب التجارية الطويلة بين الصين وأمريكا وينتج عنه ركود اقتصادي أمريكي آخر، ما يعيق خلق فرص العمل أيضاً، لأن الشركات تستخدم عدداً أقل من العمال لإنتاج السلع وخدمات التصدير.
وإذا تصاعدت التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين وأوروبا سيحدث ركود عالمي كبير، في الوقت الذي يكون فيه البريكست عاملاً سلبياً آخر في تراجع الاستثمار في بريطانيا، كما أن ألمانيا، الدولة الصناعية العملاقة وأكبر اقتصاد في أوروبا، تعاني حالياً من الركود، وكذلك إيطاليا إضافة إلى النمو السلبي للبرازيل أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية، ومن المتوقع أن ينخفض الناتج الإجمالي المحلي للأرجنتين إلى 3% هذا العام ويصل معدل التضخم إلى 55%.
في أيلول انخفض التصنيع في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوى منذ حزيران 2009، ووصل مؤشر طلبات التصدير الأمريكي إلى 41% أيضاً، أدنى مستوى له منذ آذار 2009، وانخفضت في عام 2019 معدلات الشحن العالمية للحاويات بنسبة 34-43% وانخفضت مبيعات السيارات في الولايات المتحدة بشكل حاد.
يؤكد الاقتصادي جون ويليامز أن التدهور الاقتصادي العالمي في أسوأ حالاته منذ الركود الكبير في 2008-2009 والظروف السياسية والاقتصادية العالمية تزداد سوءاً، والمخاطر مرتفعة بشكل حاد بسبب انهيار سوق الأوراق المالية واضطراب التجارة وأسواق النفط وسياسات الاحتياطي الفيدرالي غير مستقرة والركود الأمريكي متزايد، فالبطالة الحقيقيّة وصلت إلى نسبة تفوق 20% وتتسع فجوة الثروة بين الطبقة المتميزة والأمريكيين العاديين، وهي الأكبر منذ أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
من المرجح أن يؤدي الركود الشديد المطوّل إلى إضعاف عولمة الولايات المتحدة وتعكير صفو ظروف أغنى بلد في العالم، وذلك ما تنتظره معظم الدول الأخرى لخدمة مصالحها.