“هزيمة الصين”.. هاجس الجميع
ترجمة: عناية ناصر
عن موقع غلوبال تايمز 6/10/2019
بعد كتابة جورج سوروس مقالته الافتتاحية في صحيفة “وول ستريت جورنال” التي ذكر فيها أن اهتمامه بهزيمة الصين “يتجاوز المصالح الوطنية للولايات المتحدة”، نقلت بعض وسائل الإعلام الصينية أن المموّل الملياردير حاول بيع أسهم هونغ كونغ مؤخراً عندما تأثرت السوق المالية نتيجة أعمال الشغب المستمرة في المدينة. وهنا من الجدير التفكير ملياً في السبب الذي يجعل سوروس مهووساً بهزيمة الصين. لقد لعب سوروس دوراً متناقضاً في السوق المالية والمجتمع المتغيّر، فهو وحش المال الذي تأثر بالفلسفة الليبرالية وداروينية السوق. كما أنه لم يبدِ الجشع المعتاد لدى الرأسماليين الماليين في وول ستريت فحسب، بل لعب دور المدافع الأيديولوجي.
الرجل الثري مستثمر في سوق الأسهم، وحقّق ربحاً من خلال تدمير عملتي المملكة المتحدة، وتايلند، واستفاد من المضاربة على الين الياباني مما تسبّب في الأزمة المالية الآسيوية. كما أنه حالم رأسمالي غير تقليدي، حيث قام بفضل ثروته الكبيرة بنشر الإيديولوجيات والقيم الأمريكية للعالم من خلال مؤسّسات المجتمع المفتوح، وهي التي غذّت التغييرات السياسية الزائفة في دول مثل جورجيا وأوكرانيا وقيرغيزستان، وإثارة الثورات الملونة في بلدان متعددة، وهو من خلال ذلك يحاول تضخيم نفوذه الفردي في النظام السياسي العالمي.
لا يريد سوروس رؤية الصين قوية ومتنامية، لذلك عمل على إثارة حالة من الذعر المالي في هونغ كونغ قبل أن تعود المدينة إلى الوطن الأم في عام 1997. ولانتهاز تلك الفرصة شنّ سوروس هجوماً أدى إلى تقلبات أسواق الأسهم والعملات الأجنبية في هونغ كونغ، وبدعم قويّ من الحكومة المركزية، قرّرت حكومة منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة أن تدرس التركيز على الاهتمام بالسوق المالية للمدينة والدفاع عنها بنجاح.
مرّ الآن 21 عاماً، كما مرّ 18 عاماً على انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية. تطورت البلاد بسرعة تفوق 10 تريليون دولار، كما تجاوز التغيّر في ميزان القوى بين الصين والدول الرأسمالية الكبرى توقعات الرأسماليين في وول ستريت.
في المقابل أظهرت الولايات المتحدة للصين، من وجهة نظرها، الطريق إلى المسرح الاقتصادي العالم، كما علّمت الماليين الصينيين الاستثمار، لكن في السنوات الأخيرة، تحوّلت المراكز الاقتصادية العالمية والثروة من الولايات المتحدة إلى آسيا، وأصبح النمو الاقتصادي أكثر قوة في الصين، وهو ما قد ينقل مركز تخصيص الثروة العالمية وتسعير الأصول من وول ستريت إلى المدن الصينية مثل شنغهاي وشنتشن في المستقبل.
حالياً تعمل الصين بنشاط على بناء وتحسين قواعد التجارة والاستثمار الإقليمية والعالمية، حيث استأنفت الجهود الدولية مثل مبادرة الحزام والطريق، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وبنك التنمية الجديد في النمو. كما تتحدّى الصين الآليات المالية والتجارية التي تقودها الولايات المتحدة، ولا يقبلها المستثمرون مثل سوروس الذين لديهم شعور بالتفوق.
دُهش سوروس وأمثاله من تحسّن حجم التجارة في الصين، واعتماد القواعد، والمكانة العالمية لسلسلة القيمة، والقدرة التنافسية للصناعة والقوة الوطنية الشاملة بعد انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية. إنهم يعتقدون أن “طريق الصين”، المتجذر في تاريخ الصين وثقافتها ومؤسساتها، سيصبح قوة حيوية ستقوّض النظام العالمي الحالي إذا تُركت دون مراقبة، ولا شك بحسب وجهة نظرهم سيكون الوضع الجديد للصين حجر عثرة أمام العالم الغربي.
أصبح تباطؤ وتيرة تجديد الصين، من خلال خلق اضطرابات في هونغ كونغ أو تحفيز الثورات الملونة هدفاً للمضاربين مثل سوروس، لكن التطور الاقتصادي والمالي في العالم منذ بداية القرن الحادي والعشرين أثبت أنه لا توجد قوة يمكنها هزيمة الصين، ولا يمكن لأية قوة أن تعيق مسيرتها نحو إنعاش الأمة الصينية.